الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أحب الاحتكاك بالناس، فكيف أتزوج؟

السؤال

أشكر الدكتور عبد العزيز أحمد عمر على إجابته المتميزة في استشارة رقم: 2298096 الهامة جداً والتي استفاد منها الجميع.

بعد قراءتي للإجابة لدي استفسارات عن الشخصية الوسواسية، لقد ذكرت أني شخصية غير مرنة، وبالتالي يجب تجنب الاحتكاك بالناس، وفي نفس الوقت شجعتني على الزواج!

السؤال الأول: الزواج به احتكاك بعائلة أخرى كاملة، فكيف أتزوج؟ وقد ذكرت أنه يجب علي عدم الاحتكاك بالناس بقدر المستطاع؟ وأنا فعلاً لا أحب الاحتكاك بالناس وذلك لسوء أخلاقهم.

السؤال الثاني: هل العادة السرية بالنسبة للشخصية الوسواسية تعتبر بديلاً عن الزواج وذلك لقضاء الحاجة البيولوجية بعيداً عن مشاكلهم؟

السؤال الثالث: بالنسبة لمشاكل الإنجاب قد أنجب طفلا مجنونا، أو ليس عنده يد أو رجل، أو عاق، فكيف تعطي الضوء الأخضر للزواج؟ فهذا شيء مخيف جداً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا جزيلاً لك، لقد راجعتُ بنفسي الاستشارة السابقة – كما ذكرتَ – وفعلاً ذكرتُ فيها موضوع الاحتكاك، ولكن طلبتُ منك عدم الاحتكاك في الوظيفة فقط، أي تتجنب الوظائف التي فيها احتكاك مباشر ومستمر مع الجمهور، أو وظيفة بها اجتماعات كثيرة ومتعددة، فهذا لا يتناسب مع الشخصية الوسواسية، ويكون فيها احتكاكات شديدة، وليس تجنب الاحتكاك نهائيًا.

لم أتناول على الإطلاق في الاستشارة السابقة موضوع الاحتكاك في المواقف الاجتماعية؛ لأنه عادةً بقدر المستطاع الشخص هو الذي يُحدد أصحابه والمواقف الاجتماعية التي تُريحه أم لا، ولكن الوظيفة وطبيعة علم الشخص تكون مفروضة عليه، ولذلك أنا نصحتك في موضوع الوظيفة فقط، وللأسف لم أفصِّل كثيرًا للوقت المسموح به للاستشارة، وأتمنى -إن شاء الله- أن يكون هذا الرد، وهذا التوضيح في هذه الاستشارة بخصوص موضوع الاحتكاك.

أما بخصوص الزواج ففي الاستشارة السابقة قد ذكرتُ في أكثر من موضع وأكدتُّ على أنه يجب عليك الزواج، وعدم الهروب منه؛ لأن هذا من سُنن الله في الأرض، وطلبتُ منك اللجوء إلى طبيب نفسي لمساعدتك في هذا الشأن، وليس تجنب الإنجاب، والعادة السرية – يا أخي الكريم – ليست بديلاً عن الزواج عن الإطلاق، فلا يستوي الخبيث بالطيب، ولا يستوي الحرام بالحلال، {فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}.

يجب عليك أن تتوكل على الله، وتفكر في الزواج بصورة عملية وتشرع فيه، وتذهب إلى طبيب نفسي كي يساعدك في هذا الشأن.

أما الخوف من إنجاب أطفال معاقين، أو عندهم اضطرابات معينة فهذا أيضًا من المخاوف الوسواسية، فلا يعلم الغيب إلا الله، وليس هناك شيء يُوحي بأنك ستُنجب أطفالاً من هذا النوع؛ لأن الوراثة تلعب دورًا، وواضح أنه ليس بك أمراض من هذا القبيل، وحتى بعض الناس الذين أنجبوا أطفالاً لهم أمراض معينة يُعتبر هذا بلاء واختبار وامتحان لهم، وفيه أجر كثير، وقد قابلت الكثير من الأسر صبروا، بل كانوا في غاية السعادة في تربية هذا النوع من الأطفال، فلا تستسلم لهذه المخاوف الوسواسية، وتوكل على الله، واذهب إلى طبيب نفسي لمساعدتك في التخلص منها، وتزوَّج وأنجب واستعن بالله ولا تعجز، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليُخطئك، وما أخطأك لم يكن ليُصيبك، وعليك بالدعاء وسَل الله تعالى الخير عاجله وآجله، وقل: {رب هب لي من لدنك ذُريَّة طيبة}، وقل: {رب هب لي من الصالحين}، وقل: {رب لا تذرني فردًا وأنت خير الوارثين}، وقل: (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر)، وسل الله العافية في الدين والدنيا والآخرة، وسل الله العافية في الأهل والمال والولد.

وفقك الله، وسدَّد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً