الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت شديد الهم والتفكير عندما وقع في قلبي مراقبة الله لتصرفاتي وأقوالي!

السؤال

أنا شاب التزمت منذ ثلاث سنين تقريبا، لكني أشكو حالة من القلق والخوف منذ أن وقع في قلبي مراقبة الله لتصرفاتي وأقوالي، وتدهورت حالتي حين سمعت أن كل تفاصيل الحياة ستعرض يوم القيامة فأصبحت شديد الهم والتفكير العميق، ولم أعد أستطع التركيز في أي شيء حتى صرت دائما متعبا مرهقا لا قوة لي، ولا أشعر بشيء من النشاط، وأنا على هذه الحال تقريبا لعشرين ساعة يوميا.

وزادت حالتي في الأيام السابقة القليلة حتى حصل لي حادث مرور بسبب التعب والإرهاق وعدم حضور الذهن في الطريق، أصبحت خائفا على نفسي من الأمراض النفسية بسبب القلق والمشاعر المخيفة التي تنتابني حين أتذكر الآخرة ويوم القيامة، وكذلك خشيت على جسمي من الأمراض بسبب الهموم والتعب.

أحتاج إلى مساعدتكم وإرشادكم ونصحكم، وإن كنت أحتاج إلى طبيب نفسي يشخص حالتي، فأخبروني أين أجد عيادته في تونس وتحديدا في تونس الكبرى إن كان ممكنا؟

بارك الله فيكم، وجزاكم الله كل خير، وأنا أنتظر جوابكم بفارغ الصبر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

قطعًا نحن سعداء أن نتعرف على التزامك منذ ثلاث سنوات، ونهنئك على ذلك ونسأل الله تعالى أن يكتب لك الأجر، وأن يثبتنا جميعًا على المحجة البيضاء.

أيها الفاضل الكريم: حالة القلق التي تنتابك هذه فيها جوانب وسواسية كثيرة، أنتَ فرضت أداة رقابية شديدة على نفسك، والوسواس جعلك تفكّر فيما لا طاقة لك به، ويا أخي: دائمًا في مثل هذه الحالات يجب على الإنسان ألا يحمل على نفسه بهذه الكيفية التي ذكرتها، وتفكيرك يجب أن يكون في حدود إمكانيات البشر، وتذكر – أيها الفاضل الكريم – أن مراقبة الله لنا هي مطلقة ولا شك فيها، لكن رحمته أيضًا مُطلقة، وباب مغفرته، ورحمته وسعت كل شيءٍ، والرحمة تتغلب على كل شيء آخر، كما قال سبحانه في الحديث القدسي: (إنَّ رحمتي سبقت غضبي).

طريقة ونمط تفكيرك هي طريقة وسواسية، يجب أن تُغلق الطريق أمامها، وأنت محتاج أن تُجالس العلماء، العلماء الربانيين الحقيقيين من أهل المعرفة، ولا تسرف على نفسك أبدًا، حالة التشتت الذهني التي تعاني منها ناتجة من حِدَّة القلق الوسواسي، إذًا أنت محتاج لأن تتحدَّث إلى أهل المعرفة والعلم الشرعي الصحيح.

وأيضًا عليك – أخي الفاضل الكريم – بالرفقة والصحبة الطيبة الصالحة، وعليك أن تجتهد في حياتك، بل وتستمتع بها: تنظيم وقتك، الجدِّية في عملك، أو دراستك، وأنت بالفعل تعمل في متجر، وهذا عمل طيب وجميل، فطوّر نفسك في عملك، وعليك بالنوم المبكر، وأن تمارس شيئًا من الرياضة، وأعتقد أن ذهابك إلى طبيب نفسي سوف يكون أمرًا ممتازًا.

وحقيقةً ليس لي معرفة بطبيبٍ في تونس الكبرى، لكن أؤكد لك أنه يوجد أطباء نفسيون متميزون كثر ، وأنت تحتاج لعلاج دوائي واحد ليُخفف عنك هذا النمط التفكيري الوسواسي، وعقار (فافرين) سيكون عقارًا جيدًا ومفيدًا لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً