الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضعفت رغبتي في إكمال حفظ القرآن واكتفيت بالمراجعة، ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أوﻻً: نشكركم على كل ما تبذلونه من مجهودات، ونرجو من المولى -عز وجل- أن يجعله في ميزان حسانتكم.

أنا فتاة جامعية، أبلغ من العمر 21 سنة، كنت أحفظ القران بلهفة، وأخاف الله، ولكن بعد سنوات تراجعت لهفتي في حفظ القران، وضعفت رغبتي في ختمه، ولم أعد كما كنت، مع أنني ما زلت أحفظه لأنني أعلم علم اليقين أنني لو تخليت عنه ما سيحل بي في هذا الزمن، لذلك أنا متمسكة به رغم ضعف رغبتي في حفظه كالسابق، ونفسي الأمارة بالسوء تأمرني بتركه ما دمت لا أعمل به، ولكثرة المعاصي التي أقوم بها، وكأنني لا أحفظه.

الآن أريد فقط مراجعة ما حفظته وأعتني به، ولا أزيد عليه، ولا أرغب بحفظ جديد، لأنني مقتنعة بعدم قدرتي على تحمل المسؤولية عند الختمة ومراجعتها باستمرار، خاصة أنني في المستقبل ﻻ أدري ماذا سيحدث لي؟ فربما لن أتمكن من المراجعة، خاصة أنني أواجه صعوبات في الحفظ والمراجعة، ولكثرة المعاصي التي أفعلها، مما جعلني أعاني من تأنيب الضمير الذي أصبح يطاردني، وأصبح التفكير يرهقني دون جدوى.

أصبحت في حديث مستمر مع ذاتي، لماذا أصبحت هكذا، وكيف يمكنني استرجاع إرادتي في الحفظ كالسابق؟ لكنني لم أجد الحل في الرجوع كما كنت سابقاً، وأخشى أن يكون القرآن حجة علي، وليس لي، فكيف السبيل للوصول للهدف؟

أفيدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ sara حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نشكرك على تواصلك مع موقع الاستشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يجعلكِ من حفظة القرآن الكريم على الوجه الذي يرضيه سبحانه، وأما الجواب على ما تقدم في الاستشارة فيكمن في الآتي:

كونك بدأت في حفظ القرآن الكريم، ومازلت مداومة على مراجعة المحفوظ، هذا خير عظيم، ونعمة جليلة وهبها الله لك، فكم من محروم حرم من هذا الخير، وأنتِ على خير، ولكِ أجر ومثوبة من الله تعالى إذا ابتغيتِ بهذا العمل وجه الله، وما عنده في الدار الآخرة.

مراجعة المحفوظ من القرآن الكريم بشكل مستمر سبيل ناجع لتثبيت الحفظ، وإلا حصل النسيان والتفلت، وبهذا أوصانا حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: "تعاهدوا هذا القرآن، فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها"، رواه مسلم، وأنتِ قد أدركتِ أهمية ذلك، وحافظت على ما سبق حفظه من القرآن، بل أدركتِ أن النسيان للقرآن يفقد المسلم والمسلمة هذه النعمة العظيمة، ولذلك ننصح بالاستمرار في المراجعة بشكل ورد يومي، ويفضل أن تقرئي من المحفوظ في الصلاة كما كانت طريقة السلف.

أما مسألة ضعف الهمة في مواصلة الحفظ لما تبقى من القرآن الكريم، فحاولي أن تبحثي عن الأسباب التي جعلت همتك تضعف، ثم عالجي هذه الأسباب، والذي ننصحكِ به حتى تعود همتكِ في حفظ القرآن -كما كانت-، عليكِ عمل التالي:

* أكثري من الدعاء والتضرع لله تعالى وخاصة في ساعات الاستجابة، بأن ييسرلكِ إتمام حفظ القرآن، والله كريم منان.

* أكثري من قراءة النصوص التي بينت فضائل حفظ القرآن الكريم، فالحافظ للقرآن يلبس تاج الكرامة، ويأتِ له القرآن شافعاً يوم القيامة، ومنزلته في الجنة على قدر ما حفظ، قال -صلى الله عليه وسلم-: «يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حله، فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده، فيلبس حلة الكرامة، ثم يقول: يا رب ارض عنه، فيرضى عنه فيقول: إقرأ وارقَ، ويزاد بكل آية حسنة»، رواه الترمذي، وقال صلى الله عليه وسلم: "يقال لصاحب القرآن: إقرأ وارقَ، ورتل كما كنت ترتل في دار الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها»، رواه أحمد.

* عندما تقررين العودة إلى إتمام حفظ القرآن الكريم، اشتركي في حلقة تحفيظ في أقرب مسجد لكم، حتى يكون ذلك محفزا للاستمرار في الحفظ والمراجعة، وابتعدي عن الوسط السيء الذي قد يكون مثبطا لكِ عن حفظ القرآن الكريم.

* عند الشروع في الحفظ كل يوم، أكثري من الاستغفار حتى يصقل الله قلبك، وتطيب النفس وتنفتح للحفظ، وأكثري من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، حتى يعطيك الله العون وترتفع همتك وأبشري بالخير.

* اعلمي أن الله قد يسر حفظ القرآن لكل من شرع في ذلك، ولذلك عليك أن تحسني الظن بالله تعالى، وأن الله سيسر لكِ الحفظ كما تيسر لمن قبلك ومن بعدك، واحذري من القنوط واليأس، لأن هذا من مداخل الشيطان، حتى يصدكِ عن هذا الخير، وعليكِ بالتفاؤل بأن الله تعالى سيحقق لكِ مرادكِ في حفظ القرآن الكريم.

* اقرئي في سير الحفاظ والحافظات، حتى يتكون لديكِ حب الاقتداء بهم ومحاكاتهم، ومن ثم يدفعكِ ذلك إلى الهمة العالية في الحفظ.

نسأل الله تعالى بأن يوفقكِ إلى كل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً