الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مترددة في اتخاذ القرارات في شؤون حياتي كلها، ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة، مشكلتي أنني لا أملك إرادة لتحقيق ما أريد، حتى أنني أحياناً لا أعلم ما الذي أريد تحقيقه في حياتي، فمثلا: أرغب في اتباع نظاماً صحياً لإنقاص وزني، وتغيير أسلوب حياتي، كما أود أن أستيقظ مبكراً، وأقوم بعمل التمارين الرياضية، وأتناول طعاماً صحياً، وأقول: أنني سأقوم باتباع نظاماً غذائياً، وسأبدأ من الغد، أو من اليوم، وأكون مستعدة تماماً لفعل ذلك، وفي غاية الحماس والرغبة لفعله، وأعزم علي فعله، وأخطط كيف سأبدأ، وماذا سأفعل بكل حماس، ولكن بعد ذلك بعدة دقائق أشعر بأن ذلك أمر صعب، ومجرد التفكير بأنني سأفعل هذه الأشياء يشعرني بالخمول والكسل، ولن أستطيع القيام به، فلا أفعل شيء مما خططت له.

هذا التردد في اتخاذ القرار ينطبق على أمور حياتي كلها، أحياناً أريد أن أعمل وأكون متحمسة للفكرة كثيراً وفرحة بها، لدرجة أنني أفكر عندما آخذ راتبي من هذا العمل ماذا سأفعل، وماذا سأشتري، ولكن أيضاً سرعان ما يذهب ذلك الحماس والرغبة، هذا التقلب يحدث في كل شيء أخطط له في حياتي تقريباً، حتى الخروج للتسوق، ولشراء الملابس أشعر بأنني سأكون متعبة، وأشعر بالخمول والكسل، وأقوم بتأجيل مواعيد كل شيء، فكيف يحدث هذا التقلب بهذه السرعة؟ وهل يوجد شيء أفعله لينهي هذا؟ لأن بسبب هذه التقلبات أصبحت حياتي صعبة جدا، ولا أستطيع أن أفعل شيئًا مما أريده، أو أحلم به، أو أنوي تحقيقه.

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

النفس البشرية جُبلت على التراخي في بعض الأحيان، لذا تُرك التغيير للإنسان بنفسه، ولذلك قال الله تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، يعني أن الله تعالى قد وهب لنا طاقات ومهارات وخبرات وإمكانات، وقال: {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها}، وقال: {فاتقوا الله ما استطعتم}، فلو لم يقل أنه بوسعنا وباستطاعتنا ما كلفنا، ولا وجب علينا من واجبات، ومن خلال الاستطاعة والوسع يمكننا أن نتغير.

أيتها الفاضلة الكريمة: الاندفاع الشديد نحو الأشياء في بعض الأحيان قد يؤدي إلى التراخي اللاحق، لكن إذا نوى الإنسان لما يُريد أن يقوم به بواقعية ومنطق، وفعل آلياته الموجودة يستطيع أن يُنجز ذلك، وفي حالتك أنت محتاجة أن تُركزي على شيء واحد أو شيئين لإنجاز ما تنوين إنجازه، وتضعي خططًا واضحة وعملية، ويمكن قياس الإنجاز، مثلاً فيما يتعلق بتخفيف الوزن: لابد أن تضعي شرطًا أنك في خلال أسبوع يجب أن تُنقصي مثلاً كيلو أو اثنين كيلو من الوزن، يعني أنه لابد أن يكون هنالك مقاس للإنجاز، هذا وجد أنه من أفضل الطرق التي تُشجع الناس على الإنجاز، وخذي بالنصيحة السلوكية التي تقول أن الإنسان هو أفكار ومشاعر وأفعال، هذا المثلث بأضلاعه الثلاثة واضح جدًّا، فالذين يترددون ولا يُنجزون يجب أن يُفعّلوا ضلع الأفعال، بغض النظر عن ضلعي الأفكار والمشاعر، هذه الوسيلة الوحيدة التي يجب أن يُنجز الإنسان من خلالها.

ثانيًا: حاولي أن تستفيدي من أوقاتٍ معينة في اليوم، الصباح دائمًا فيه خير كبير، قال -صلى الله عليه وسلم-: (بورك لأمتي في بكورها)، حتّمي على نفسك مثلاً أنك بعد صلاة الفجر سوف تقومين بكذا وكذا، هذا مهم جدًّا، النوم الليلي المبكر، وممارسة الرياضة والتنظيم الغذائي، وُجد أنها تجعل الإنسان أكثر ثباتًا، وأكثر اندفاعًا وطموحًا فيما يريد إنجاز ما يقوم به، هذا أيضًا مهم، أن تأخذي نوعًا من الأمثلة أو النماذج العظيمة في الحياة، وتتبعيها، هذا أيضًا وجد أنه مفيد، بر الوالدين يؤدي إلى الثقة بالنفس.

فيا -أيتها الفاضلة الكريمة-: هذا كله سيكون مفيدًا جدًّا بالنسبة لك، وأرجو التقيد به، ولا تستعجلي التغيير، لكن يجب ألا يكون هنالك تراخي مزمن، هذا هو الذي أنصحك به.

أسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً