الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوج أختي يحس أنه مراقب من الجن وأنه مسحور.. ما تشخيصكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خير الجزاء على ما تقدمونه من إجابات على الاستفسارات والاستشارات.

أريد تشخيص ماذا يعاني منه زوج أختي، في بداية الزواج حصلت له انتكاسة، فكان يغضب على أي شيء، وكان يحس أن أحدا يراقبه، وكان لا يخرج حتى للصلاة، وكان طوال وقته متضايقا، وباله مشغول بأفكار لا يستطيع البوح بها، وقبل شهر من الآن أصيب بانتكاسة ثانية، وكان يحس بأنه مسحور، وأنه يراقب من جن مسلم، وكان لديه بعض الشكوك، وكان يقول أن لديه أسرارا، ولا يعرف مفاتيح لها، وكان يقول إن دورة المياه (وأنتم بكرامة) أنها على القبلة، مع العلم أنها ليست كذلك، وكان يحس بالذنب وأنه فعل أشياء من الذنوب الكبائر.

ذهبت به أختي للدكتور وشخصه على أنه اضطراب وجداني، ولكن كان الدكتور أسلوبه غير لائق مع أختي وشخص المرض ببعض الأسئلة البسيطة بدون نقاش مع المريض.

أرجوكم هل تشخيص الدكتور صحيح؟ مع العلم أنه لم يستمر على العلاج، والآن هو عند أهله وأختي عند أهلي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على اهتمامك بأمر هذا الأخ الذي نسأل الله له العافية.

أخي الكريم: ليس من المسموح به أبدًا أن نُشخّص شخصًا لم يُخاطبنا مباشرة، وفي ذات الوقت لم يتم الكشف عليه ولم يتم مناظرته والحوار معه، وأنا أفهم تمامًا حُسن نيتك وأنك تريد الخير لهذا الأخ ولأختك، هذا مفهوم تمامًا بالنسبة لي.

الذهاب به إلى طبيب كان أمرًا جيدًا جدًّا، وأعتقد أن المتابعة مهمة، أنت ذكرت أن أسلوب الطبيب لم يكن مُرضيًا مع أختك الكريمة، أعتقد أنها يمكن أن تذهب معه إلى طبيب آخر، بالرغم من أنه الآن مع أسرته، لكن يجب ألا يُترك يعيش مع الأعراض والآلام النفسية وعدم الاستقرار.

مناقشة المريض مهمة، بل بناء علاقة معه تقوم على التقدير والاحترام مهمة جدًّا، وتعتبر مفتاح العلاج النفسي، كما أن الذين يُساندون المريض يجب أن يُساندوا، وفي هذه الحالة هي أختك الكريمة.

عمومًا - أخي الكريم - ما ذكرته من أعراض إذا وضعته تحت طائلة العموميات - يعني: أني لا أشخِّص حالة هذا الشخص الذي ذكرته - ولكن أعطي إجابة عامة:

هذه الأعراض في مُجملها تحمل سمات الأفكار الظنانية، أو ما يُسمى بالأفكار البارونية، أو الاضطهادية، وهي علّة نفسية معروفة وسهلة العلاج، علاجها ليس صعبًا أبدًا، الأدوية المضادة للظنان، الأدوية المضادة للشكوك موجودة ومتوفرة ومفيدة جدًّا.

مع احترامي الشديد للأخ الطبيب الذي شخَّص أن الحالة اضطراب وجداني: أنا لا أرى سمات أساسية للاضطراب الوجداني، والذي أراه هو وجود أفكار ظنانية، ولا شك أن المعتقدات حول الجن والسحر - وإن كانت هذه الظواهر موجودة - إلا أن المبالغة في الاعتقاد بها في بعض الأحيان، وما يُوجد من أفكارٍ مشوَّهة حيالها ربما قد يكون عزَّز وأدى إلى تثبيت هذه الأفكار الظنانية.

الأخ الطبيب الذي قام بالتشخيص قطعًا هو في وضعٍ أفضل مني؛ لأنه قد قام بفحص المريض، هذا يجب أن يُقدَّر، أنا ذكرتُ أنني لا أرى سماتٍ للاضطراب الوجداني، لكن في ذات الوقت الأمانة العلمية تقتضي أن أقول إن الطبيب الحاذق والمتقن لعمله يستطيع أن يُشخص هذه الحالات من خلال مقابلة واحدة.

إذًا الحالة إذا أخذناها في بند العموميات - كما ذكرتُ - تدل أنه توجد أفكار ظنانية، وهذه - أخي الكريم - يمكن أن تُعالج، وهذا هو المهم، يجب أن نأخذ بيد هذا الأخ، ويجب أن نذهب به إلى الطبيب، ويجب أن نُسانده، ووقوف أختك الكريمة بجانبه أعتقد أنه سوف يُساعده كثيرًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً