الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل من الممكن أن أصاب باكتئاب النفاس بعد مرور 5 أشهر من الولادة؟

السؤال

السلام عليكم

أنا سيدة، وبعمر 31 سنة، متزوجة، لدي أبناء، وقبل شهرين بينما كنت أتناول طعام الغداء شعرت فجأة بأني لا أستطيع البلع، وانتابتني رعشة وخفت من هذه الحالة، وبدأ هذا الخوف يزيد تدريجيا -مع أني خوافة قليلا- ولكني أعيش حياة طبيعية جدا ومرتاحة.

مع الأيام بدأت أوجاعي تزيد، وأحس برعشة وألم أحيانا في الصدر، وأحيانا سرعة في التنفس، ودوار، وعدم التوازن، وأشياء أخرى، كما وأشعر وكأن شيئا ما في حلقي، وأشعر بألم جهة اليسار، مع خفقان القلب في الليل، لدرجة أني أشعر بالنبضات في حلقي وفي جسمي، كما أنه تنتابني أفكار مرعبة وخوف من الموت ومن المستقبل، وقد أجريت فحصا شاملا في تايلاند، وأخبروني بأني لا أعاني من شيء، وظننت أني ربما أكون مريضة بالقلب، وأنا متضايقة جدا، ولا أعرف ماذا أفعل؟

للعلم فقد أنجبت قبل 5 أشهر، وقد قال لي أهلي وصديقاتي بأن ما أعاني منه قد يكون بسبب اكتئاب النفاس، فهل من الممكن أن أصاب باكتئاب النفاس بعد 5 أشهر؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

من الواضح أنه في الأصل لديكِ ميول لظهور أعراض قلق المخاوف، وأنتِ وصفتِ ذلك بصورة جليَّةٍ جدًّا، وقلق المخاوف هذا مرتبط بشخصيتك والتكوين النفسي لديك، وأعراض الرعشة وألم الصدر وسرعة التنفس والدّوار وعدم التوازن، كل هذه من الأعراض النفسية للقلق والخوف، والقلق والخوف يُدخل الإنسان في دائرة مُفرغة، بمعنى أن الأعراض حين تظهر وما يُصاحبها من أعراض جسدية سوف تؤدي إلى المزيد من الأعراض النفسوجسدية، وهكذا.

الحادثة التي حدثت لك قبل شهرين، والتي حدث لك فيها الإحساس بعدم القدرة على البلع، وجاءتك تلك الرعشة: هي المثيرة لأعراضك الحالية، يعني أنت أصلاً لديك قابلية، لكن الخوف من عدم البلع –وهذه بالمناسبة تجربة مُخيفة– أدَّتْ إلى تكاثر وزيادة الأعراض.

ربما يكون في تلك اللحظة –أي لحظة التخوف من عدم البلع– ربما يكون حدث لك نوع مما نسميه بنوبة الهرع أو الهلع أو الفزع، وهي كثيرًا ما تكون مصاحبة لقلق المخاوف.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنتِ ليس لديك أي مرض عضوي بفضل الله تعالى، فأعراضك النفسية واضحة وجليّة، وتُطابق التفسير النفسي تمامًا، والأمر الآخر أنه قد تمّ إجراء فحوصات لك في تايلند، والحمد لله كل جسدك سليم. قلق المخاوف دائمًا يجعل الإنسان يُركز كثيرًا حول وظائف القلب، وخوف قُرب الموت، لأن القلب من الناحية الظاهرة هو مركز الحياة، وأمراض القلب قد كثرتْ.

الأمر سهل جدًّا، بسيط جدًّا إن شاء الله تعالى، يجب أن تكون قناعاتك صلبة الآن أن هذه الحالة بالفعل بسيطة، وأنها نوع من قلق المخاوف.

بالنسبة لموضوع اكتئاب النفاس: فترة النفاس من الناحية الطبية النفسية لا تقل عن ستة أشهر، أي أن الستة أشهر الأولى بعد النفاس تكون فترة هشاشة نفسية بالنسبة لبعض النساء، وقد يظهر فيها القلق والخوف والاكتئاب وأمراض النفاس النفسية الأخرى -من حيث الذهانيات مثلاً- لدى بعض النساء.

ليس هنالك اكتئابًا حقيقيًا فيما ذكرتِه، لكن قطعًا قلق المخاوف نفسه قد يؤدي إلى شيء من الاكتئاب الثانوي البسيط. حالتك تحتاج إلى الذهاب للطبيب النفسي، الأمر في غاية البساطة، سوف يصف لك الطبيب أحد الأدوية المضادة للمخاوف، ومن أفضلها عقار (سبرالكس) أو (زولفت) أو (زيروكسات)، كلها أدوية رائعة وممتازة، وسوف تأتي إن شاء الله تعالى بنتائج إيجابية جدًّا.

في ذات الوقت تجاهلي هذه الأعراض تمامًا، وأنت -الحمد لله تعالى- لديك إيجابيات عظيمة جدًّا، فيجب أن تتذكري تلك الإيجابيات دائمًا، وتتخلصي من الفكر السلبي، وتُحسني تنظيم وقتك، وتعتمدي على النوم الليلي، مع الحرص على الأذكار، وتجنب النوم النهاري، ويا حبذا لو مارستِ شيئًا من الرياضة كرياضة المشي مثلاً، هذا كله يفيدك تمامًا، واسعي لهذا التغيير الإيجابي المتكامل في حياتك، وبهذه الكيفية -إن شاء الله تعالى- ستعيشين ما نسميه بالحياة النفسية الإيجابية، لأن اختفاء الأعراض النفسية لوحدها لا يكفي، الإيجابية في حياتنا هي المهمَّة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً