الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شعوري بعدم التركيز وضعف الإدراك ما زال يؤرقني، فما رأيكم بحالتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم على جهودكم في مساعدتي.

أنا شاب، أرسلت لكم استشارة سابقة رقمها: (2321199)، ولكنكم فهمتم سؤالي بشكل خاطىء، فتعكر حالتي، وتأزمها كما وصفت لكم في الاستشارة السابقة، ناتج عن مفهوم اضطراب الأنية، رغم أنني قد تجاوزت أغلبها، أو جميعها، فقد اختفت تلك الأعراض كلها منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، وأمر بأفضل حال.

أما مشكلتي التي حدثتكم عنها سابقا، وسوف أعيدها عليكم الآن، ليست في الأعراض ذاتها، وهي: (عدم التركيز، والشعور بثقل في العقل، وكأن العقل في حالة تخدير، ودرجة حرارته مرتفعة، وأحيانا بضعف في الإدراك، وتغير في الرؤية)، وفي الأعراض الجسدية المرافقة، وصعوبة الشفاء منها، كحالات تبقى مع المريض طوال حياته، رغم ذهابه للطبيب، وأنا لم أزر الطبيب، فهل يعقل أنني شفيت؟

كما أقول أنني إنسان غير متوازن نفسياً لإصابتي بهذه الحالة، والشعور بملازمتها، فلا أعلم كيف أعرف أنني شفيت؟ فقد اختفت جميع الأعراض، لكنها تشابه بعض الحالات العادية التي يمر بها أي شخص مثل: تقلص الإدراك، وتغير الرؤية أو نقصانها عند النوم لساعات طويلة، وغيرها من الحالات الأخرى، فقد عدت لحياتي الطبيعية، واختفت جميع تلك الأعراض دون أي أدوية، ودون الذهاب للطبيب، لكنني أشعر أنني ما زلت على تلك الحالة، وأصبحت تشغل جميع تفكيري، وسبق أنني ذكرت الأسباب في هذه الاستشارة، فما رأيكم؟

أفيدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ manai حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الأخ الكريم: أتمنى أن أكون فهمتُ ما تقصده في هذه الاستشارة، وقد قرأتها بتمعُّنٍ وتدُّبرٍ، وأرى أنك أثرت فيها عدة أسئلة عن المرض النفسي ذاته، وأعراضه وتشخيصه، والشفاء منه.

أولاً: المرض النفسي يُعرَّفُ عادةً بوجود أعراض نفسية مُحددة تحصل في وقتٍ ما، وتأخذ مسارًا مُعيّنا، وتستجيب للعلاج، وأحيانًا قد تذهب دون علاج، فأحيانًا بعض مرضى الأمراض النفسية قد تذهب أعراض مرضهم دون علاج.

ثانيًا: الأعراض النفسية تكون جزءًا من ردة فعلٍ طبيعية لحياة الشخص، ولكن لا نحسبها عرضاً نفسياً، أو مرضاً نفسياً إلا إذا زادتْ بدرجة كبيرة، أو أثَّرتْ على الشخص، مثلاً الحزن: الحزن عاطفة طبيعية وجدانية، ولا تُعتبر مرضية إلا إذا كان حزناً شديدًا، واستمرَّ لفترة من الوقت، ولا يُوجد له سبب واضح.

إذًا -يا أخي الكريم- نعم هناك أُناس يذهبون إلى الطبيب النفسي، وعندهم اضطرابات نفسية، ولكن رغم ذهابهم للطبيب النفسي وأخذهم العلاج لا يتم شفاؤهم تمامًا، لأن هناك بعض الأمراض النفسية حتى وإن تحسَّنت، لكنّها لا تختفي في نهاية أمرها، وبعض الناس -كما في حالتك- قد يحسّون بأعراض شبيهة بالأعراض النفسية، وقد تختفي دون أن يذهبوا إلى طبيب، -كما ذكرتُ-: هناك أمراض نفسية، أو حتى أعراض نفسية تحدث للشخص، وقد تختفي حتى دون الذهاب إلى طبيب نفسي، ودون تناول علاج، وهذا ما يشغل تفكيرك الآن، فأنت مشغول بالتفكير في هذه الأشياء.

الآن -يا أخي الكريم- الناس يتكلمون عن التعافي وليس الشفاء من الأمراض النفسية، وماذا يعني التعافي؟ التعافي يعني ذهاب معظم الأعراض التي يعاني منها الشخص، ورجوع الشخص إلى ممارسة حياته الطبيعية، الحياة الطبيعية في العمل، أو في محيط الأسرة، أو في العلاقات الاجتماعية، إذًا التعافي، وذهاب الأعراض، وممارسة الحياة الطبيعية، -الحمد لله- الآن -كما ذكرتَ- تمارس حياتك الطبيعية بصورة واضحة، فأنت بذلك في طريق التعافي، حتى ولم تختف كل هذه الأشياء نهائيًا.

أرجو أن أكون فقد وُفِّقتُ في الردِّ عليك، وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً