الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي تعاني من شرود الذهن وعدم التركيز، فهل للمنبهات علاقة بذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب متزوج منذ سنتين، زوجتي عمرها 19 سنة، أصبحت تعاني بعد زواجنا بشهر من حالة عصبية بشكل مفاجىء، وشرود في الذهن، وعدم القدرة على الحركة أو الكلام، والبكاء الشديد، وتشنج في الأطراف، وعندما ترى قطة أو دبدوبا تصرخ ثم تهدأ، وتستمر في البكاء، وتعاني من الصداع في كامل رأسها، وعدم الوعي بمن حولها.

عرضتها على شيخ جليل، وضع المصحف على رأسها، وبدأ بقراءة القرآن لمدة ساعة، وبعدها قال لي: ليس عندها أي شيء، ونصحني بعرضها على طبيب المخ والأعصاب، وغادرت من عنده إلى البيت، وتحسنت حالتها قليلا، وبدأت بالتعافي دون الذهاب إلى الدكتور، وعندما أسألها ما الذي حصل لكِ؟ تقول: لا أتذكر شيئا أبدا، وهناك ملحوظة: أنها قبل هذه الحالة كانت تشرب النسكافيه يوميا، لدرجة أنها استمرت ثلاثة أيام دون نوم، وبعدها مباشرة حدثت لها هذه الحالة، وأتذكر أن الشيخ قال: إنها تحتاج للنوم الكثير، ولا تعاني من شيء آخر.

منذ سنتين لا تعاني من شيء غير ذلك، ولكن منذ يومين، حدثت لها هذه الحالة بالأعراض ذاتها، ولكن بشكل أقل، ومنذ يوم شربت كوب نسكافيه ثقيل، بعد أن منعتها عنه تماما، ولم تنم لمدة يومين، وبعدها مباشرة حدثت لها هذه الحالة مرة أخرى، وفي يوم كانت تشتكي من الصداع، وتوقعت إصابتها بالجيوب الأنفية، فذهبت بها لطبيب الأنف والأذن، وبعد فحصها تبين عدم إصابتها بذلك، بل عندها التهاب العصب الخامس، ولم تستطع أخذ العلاج لأنها ترضع، -كما ذكر لنا الطبيب-، ويجب الانتظار بعد فطام الطفل، وبعدها نبدأ في العلاج.

هل عدم النوم، وشرب المنبهات هما السبب في الحالة التي تأتيها؟ لأنها لم تكن تنام بشكل جيد في المرات السابقة التي حدثت لها تلك الحالة، أو أن الصداع الذي يلازمها هو السبب، أو التهاب العصب الخامس هو السبب في ذلك؟ فهي طبيعية جدا منذ أن تزوجتها منذ سنتين، باستثناء المرات السابقة التي حدثت فيهما تلك الحالة، فما الذي تنصحني أن أفعله يا دكتور؟ علماً أنها تكون في حالة مزاج جيد قبل حدوث تلك الحالة، فما الأسباب التي تسبب لها تلك الحالة من وجهة نظركم؟

أفيدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيمن حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله تعالى لزوجتك الكريمة العافية والشفاء.

من خلال استشارتك -أخي الكريم- من الصعوبة أن أصِل لتشخيص دقيق، لأنها تحتاج للمزيد من الاستقصاء والملاحظة والمناظرة، وأن يقوم الطبيب بالكشف عليها، وأقصد بذلك الطبيب النفسي إن كان ذلك ممكنًا.

لكن ممَّا هو متوفر من معلومات أستطيع أن أقول أن الحالة العُصابية الشديدة التي أصابتها ناتجة من توتر نفسي داخلي، هذا ممكن أن يكون هو السبب الرئيسي، وليس من الضروري أن يكون هنالك أي سبب، ليس من الضروري أن تكون تحت ضغوط نفسية، أو شيء من هذا القبيل، لا، هذه الحالات قد تحدث لبعض الناس لأنه في الأصل لديهم قابلية واستعداد من خلال البناء النفسي لشخصياتهم، قد تكون حسَّاسة، لا زال سِنَّها صغير، وحدث لها ما حدث، البعض يُسميه التحوّل الهستيري، أو الانشغال الهستيري، لكنني لا أحب هذه التسمية، أعتبرها نوعًا من الحالة النفسية العُصابية المؤقتة، وهي حالة انفعالية.

ربما يكون الإجهاد النفسي هو المسبب الرئيسي لها، حيث شُربها للقهوة، وافتقادها للنوم قد يكون هو الذي أدَّى إلى هذا الإجهاد النفسي والجسدي، ونتج عنه ما نتج.

بالنسبة للصداع -أخي الفاضل الكريم- ربما يكون صداعًا عصبيًا -أي نفسيًا- ناتجًا من التوتر، لأن التوترات النفسية الظاهرة، أو التي تكون على مستوى العقل الباطني وغير ظاهرة، هذه قد تظهر في شكل توترات عضلية، وأكثر العضلات التي تتأثر هي عضلة فروة الرأس، وعضلة الصدر، وعضلة البطن.

موضوع التهاب العصب الخامس: هذا أيضًا وارد، لكنَّها احتمالية ضعيفة.

أخي الكريم: تعامل مع الموضوع بهدوء شديد، حاول أن تُطمئن الفاضلة زوجتك، قطعًا شُربها للكافيين يجب أن تحِدَّ منه، وقد يكون لديها حساسية للكافيين، وهذا معروف، إن كان لا بد من شُرب القهوة هنالك قهوة منزوعة الكافيين، يمكنها أن تتناولها، وفي ذات الوقت عليها أن تُطبِّق بعض التمارين الاسترخائية، وأن تكون إيجابية، -والحمد لله كما ذكرتَ- هي حسنة المزاج بصفة عامَّة، وهذا مؤشِّر على أنه ليس لها مشكلة نفسية حقيقية.

الصداع يحتاج لاسترخاء، يحتاج لتجنُّب الكافيين، وإن كان بالإمكان أن تذهب للطبيب النفسي، وتقوم بعمل صورة مقطعية للدماغ من أجل التأكد هذا أيضًا سوف يكون أمرًا جيدًا.

في بعض الحالات نعطي بعض مضادات القلق البسيطة تُساعدُ كثيرًا، لكن بما أنها في هذه المرحلة تُرضِعُ طفلها فلا داعي لأي علاج دوائي، فقط من خلال الاسترخاء، من خلال التفكير الإيجابي، من خلال أخذ قسطًا كافيًا من الراحة، من خلال النوم الليلي وتجنب محتويات الكافيين، هذا قد يكفي تمامًا في هذه المرحلة.

بارك الله فيك، وجزاك خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً