الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الوسوسة والكسل وشرود ذهني أثر على حياتي، ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شكرا لجهودكم، أسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتكم.

أنا طالب في الثانوية في الصف الثالث والأخير، عمري 18 عاما، كنت طالبا ممتازا يثني علي الجميع، ولكن في السنوات الأخيرة في المدرسة الإعدادية بدأت أتغير، وبدأت علاماتي تتدنى، الجميع لاحظ هذا، لم أعد أهتم كثيرا لأمر الدراسة.

وفي الصف الأول ثانوي حصل لي حادث مروري ونجوت -بفضل الله- ولهذا أخذت راحة شهرين في البيت، وبعدها عدت إلى الثانوية، فتحطمت عندما رأيت الدروس والواجبات الكثيرة التي فاتتني! وأدركت أن نجاحي هذه السنة سيكون معجزة، وخرجت من الثانوية بسنة مؤلمة.

وقررت بعدها أن أعمل بدلا من الدراسة، ولكن تفاجأت بصعوبة الحياة، وأنها لن تلبي طموحي المستقبلي، وبعدها قررت أن أعود إلى الثانوية وأجتهد وأعود مثلما كنت، تجاوزت الصف الأول والثاني -بحمد الله- ولكن لم أكن راض عن نتائجي، آسف لأني سردت قصة قد تكون طويلة، ولكن في هذه السنوات ظهرت مشاكلي.

والآن أنا في السنة الأخيرة، أعلم مقدار أهمية هذه السنة، فهي سنة حاسمة جدا لمستقبلي، ففي آخر 4 سنوات عانيت من الوسوسة، وكثرة التفكير في كل الأمور، وخصوصا ما تشهده بلادي من أزمات، وشرود ذهني كثير، لدرجة أني لا أستطيع التركيز في الحصص، وكأني أضيع في متاهة.

تغيرت حالتي الدينية والاجتماعية، كنت حريصا جدا على الصلاة، والآن أنا أحاول أن أصلي! ليس لأني لا أريد أو ما شابهه -حاشا لله، ولكنه كسل، وكأن أحدا ماسك بي، لا يريد أن أصلي، وحالتي الاجتماعية أيضا ساءت، لم أعد أحضر المناسبات والاجتماع مع الأهل والأقارب، وهذا يزعج والدي! حتى الأصدقاء لم أعد ألتقيهم إلا في طريقي أو أوقات معلومة، أبقى وحيدا في غرفتي مغلق الباب، لا أرى أهلي إلا أوقات الأكل أو لحاجة.

عملت جدول تنظيم لوقتي، وجعلني سعيدا جدا؛ لأنه جعلني أذاكر دروسي، ورأيت قدراتي، وهذا أسعدني، ولكن بطريقة ما في اليوم التالي لم أعمل به، وهذا ضايقني جدا!

تدور برأسي وساوس، وأفكر حول مستقبلي، رغم أن حياتي مخطط لها، أريد أن أضع بصمتي على الحياة وأكون شخصا جيدا، لا أعلم ما سبب هذا الكسل الذي يقيدني! وهذه الوسوسة التي تضيع أوقاتي، وهذا القلق الذي يجعلني متوترا وشارد الذهن الذي يجعلني لا حول لي ولا قوة، وفي هذه الأثناء تنبأ عقلي بمؤشرات مستقبلية خطيرة إذا لم أستطع حسم هذه المشاكل ووضع حد لها، ومعالجتها بالطريقة الصحيحة سأندم!

أرجو أن تساعدوني، وآسف على الإطالة، وفقني الله وهداني وشفاني وجميع المسلمين، وأصلح حالنا إنه سميع مجيب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الابن العزيز: واضح أن لك عزيمة قوية للنجاح في الحياة، وهذا هو أهم شيء، وبالرغم من الظروف التي مرت بك من حادث مروري وظروف بلدك المعروفه لدى الجميع؛ فإنك مثابر ومواصل على الدراسة، وهذا شيء إيجابي في حد ذاته، ولكن واضح أنك تعاني من أعراض اكتئابية تأتي في شكل وساوس، كثرة التفكير، وإرهاق شديد، وعزلة اجتماعية.

معروف أن الاكتئاب النفسي في مثل سنك قد يأتي بهذه الطريقة ولا يكون كالاكتئاب النفسي عند كبار السن، وأهم مؤشر في الاكتئاب النفسي في مثل هذا السن هو التدهور الدراسي وضعف التركيز والقدرة على الاستيعاب مع العزلة الاجتماعية، بالرغم أن الشباب في مثل سنك يكونون اجتماعيين، يكونون مقبلين على الحياة والتواصل مع أصحابهم.

أنسب علاج لك في هذا السن -يا ابني العزيز- هو ما يعرف بدواء الفلوكستين أو البروزاك، ولا أعرف إذا كان يمكنك الحصول عليه أما لا، لكنه دواء فعال للاكتئاب في مثل سنك يأتي في شكل كبسولات أو أقراص 20 مليجرام وآثاره الجانبية قليلة، وعليك تناوله بعد الغداء أي بعد الأكل يومياً، وسوف يبدأ المفعول بعد أسبوعين، ويبدأ التحسن بعد شهر ونصف أو شهرين، وحتى بعد زوال كل الأعراض وانتظامك في الدراسة -يا ابني العزيز- فعليك بالاستمرار في تناول الدواء لفترة لا تقل عن 6 أشهر حتى لا تحدث انتكاسة في هذه الفترة، وبعدها يمكنك التوقف عنه بدون تدرج؛ لأنه ليس هناك مشكلة من أعراض انسحابية للبروزاك.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً