الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني تشوش أقكاري وكثرة الوساوس، وعدم الرغبة في الكلام مع من حولي، فما السبب؟

السؤال

السلام عليكم.

كل الشكر موصول إلى الجميع ممن يسهر على هذا الموقع وتقديم الاستشارات، ونطلب من العلي العظيم أن يجعله عملا متقبلا في ميزان حسناتكم.

مشكلتي في كثير من الأحيان أني أكون عبوسا وقلقا بدون سبب، إضافة إلى أنني لا أحب الكلام، وليست لدي رغبة في التحدث، وحتى إن تحدثت فإني أختصر، ولا أرغب كثيرا في التمازح مع زملائي، أو لا أجد سببا يقنعني للتحدث معهم.

إضافة إلى أنني أحس بأن لدي ضعفا في مهارات التواصل، بمعنى أن كل أصدقائي يتحدثون ويضحكون ويمزحون طوال الوقت، أما أنا فأرى بأني شبه غائب، ولا أعبر عن أفكاري ولا أناقش، وأفقد الرغبة أصلا في ذلك.

مشكلتي الثانية: هي أني أشكو من كثرة الوساوس والأفكار الفارغة التي تشتت تركيزي، حتى أحس بالإرهاق، وكل هذه الأسباب أفقدتني الثقة في نفسي، وتدهور مستواي الدراسي رغم أن معظم أوقاتي أقضيها في الدراسة .

أتمنى أن يكون الشرح كافيا، وجزاكم الله ألف خير، ووفقكم لما يحبه ويرضاه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ YOUNESS حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

من أفضل الأشياء أن يكون الإنسان مُدركًا لأوجه القصور في مكوناته النفسية والسلوكية، بشرط ألا يسيء تقدير ذاته ولا يُقلِّلُ من قيمتها،

وأريدك على ضوء ذلك أن تقوم بمراجعات حول تقييمك ذاتك، وتحاول أن تكون مُنصفًا لها جدًّا خاصَّةً فيما يتعلق بالجوانب الإيجابية، لأن السلبيات حين نتخيّرها ونلتقطها ونُركز عليها تُسقط تمامًا من كياننا الوجداني ما هو إيجابي لدينا، فأرجو أن تبحث عن الإيجابيات في أفكارك وفي أفعالك وفي مشاعرك، هذه الثلاثة محاور مهمّةٌ جدًّا، تسعى بعد ذلك لتطويرها، هذا يُقلِّصُ الجوانب السلبية بصورة واضحة جدًّا.

واحكم على نفسك دائمًا بالأفعال وليس بالأفكار أو بالمشاعر، والإنسان الله تعالى حباه بالإرادة القوية والصالحة التي تجعله يكون مُنجزًا ومُفلحًا ومُنتجًا، هذا هو المبدأ السلوكي الرصين الذي أرى من الواجب أن تتبعه.

وأنت -والحمد لله تعالى- حباك الله تعالى بالقدرة على الصبر على الدراسة، وهذا أمرٌ جيد، لكن يجب أن تُحسن إدارة وقتك لترفِّه على نفسك بما هو طيب ومباح، وأن تمارس شيئًا من الرياضة، وأن تُكثر من التواصل الاجتماعي، ما دمت أنت ترى أن مهاراتك فيها شيء من المحدودية في هذا السياق.

ضع برامج يومية، هذه البرامج يجب أن تكون مكتوبة وواضحة، كم من الوقت ستقضيه في الدراسة؟ كم من الوقت سوف تقضيه في التواصل؟ ما هو الشيء الذي سوف تُرفِّه به؟ وحتى أوقات الصلاة يجب أن تسجلها، تفاعلك مع الأسرة... هذه البرامج حين تُكتب ومسجلة تكون مُلزمة جدًّا لصاحبها.

واختر دائرة من الأصدقاء، تكون محدودة بعض الشيء، لأن توطيد علاقتك مع هذه الدائرة المحدودة من الأصدقاء سوف تجعلك تحسّ بارتياح أكثر في وجودهم للتعبير عن ذاتك.

وأنصحك بأن تُكثر من القراءة والاطلاع، القراءة والاطلاع تُعطينا شيئًا من الرحابة والاسترخاء الذاتي في كيفية التعامل مع الآخرين.

أريدك أن تقرأ عن علم جديد نسبيًا، وهو علم (الذكاء العاطفي) أو (الذكاء الوجداني) لأنه المفتاح الرئيسي الذي من خلاله نتعلم كيفية التعامل مع ذواتنا بصورة إيجابية، وكذلك التعامل مع الآخرين بصورة مثالية، وتوجد كتب كثيرة، أفضلها الكتاب الذي كتبه (دانيال جولمان) سنة 1995، وتوجد ترجمات عربية ممتازة لهذا الكتاب.

الوسواس دائمًا يُرفض ويُحقَّر ولا يتبع، وهذه هي المبادئ السلوكية الرئيسية للتعامل معه. إن كان بالإمكان – أيها الفاضل الكريم – أن تقابل طبيبًا نفسيًا لتحديد مدى شدة هذا الوسواس ومن ثمَّ تُوضع لك خطة علاجية دوائية، سيكون هذا أفضل، والأفكار الفارغة والتشتيت في التركيز ناتجة من القلق، والوسواس بالفعل كثيرًا ما يكون مرتبطًا بالقلق.

نسبةً لأن عمرك غير واضح بالنسبة لي فسيكون من الصعب أن أوجّهك لأي نوع من الدواء، فالأفضل أن تقابل طبيبًا نفسيًا، وإن كان عمرك أكثر من عشرين عامًا لن توجد أي مشكلة في تناول أحد الأدوية المُحسِّنة والمثبِّتة للمزاج، والتي تُعالج الوسواس القهري في ذات الوقت.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً