الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انفصلت عن خطيبتي لعلاقتها بشاب آخر وأريد العودة لها.. ما مشورتكم؟

السؤال

السلام عليكم

كنت خاطبا لفتاة مدة 9 أشهر، ذات جمال متوسط، وذات دين دون المتوسط، أنا عن نفسي أحببتها منذ أول يوم، لكنني شاب أولي اهتماما بتعاليم الدين، فكنت لا أتصل بها كل يوم، ولا أسمعها كلام الحب.

المهم عندما بقي شهرين على الزفاف قررت التوقف بدون سابق إنذار، وحجتها أن عقليتي المتدينة صعبة عليها، فأنا منعتها من النمص، ومن وضع العطور، ومنعتها من تقبيل أولاد الأعمام والأخوال، وألزمتها بأن تستر نفسها أمامهم كل هذا كان يضايقها في فترة الخطوبة، لكننا اتفقنا أن أدعها تتغير بالتدريج فوافقت.

المهم أنها طلبت مني أن نتوقف عند هذا الحد، وكانت مترددة، فأعطيتها مهلة يومين لتفصل في أمرها، وخلال اليومين اكتشفت أنها كانت على علاقة بشاب صديق أخي، وأنها كانت تخرج معه أيام المدرسة الثانوي (عندما كان عمرها 19) هي الآن 23 ، واسمحوا لي -كان يقبلها في بعض الأحيان ويكلمها كلاما غير لائق في الهاتف -، طبعا الشاب بنفسه أقر لي، وهي أنكرت وأخبرتني أن العلاقة كانت سطحية، وبعد أن عرفت أني اكتشفت أمر صداقتها القديمة بردت تجاهي وكرهتني، وأصبحت تبحث عن أي عذر لفسخ الخطبة، وأنا العكس تعلقت بها كثيرا عندما أدركت أنها مصممة على الانفصال.

المهم انفصلنا منذ شهر وحاولت الاتصال بها عبر الفايس بوك (وأعرف أنها أجنبية عني) فعملت لي حضرا دون أن تتكلم معي.

مع العلم أنني أخبرتها في آخر مكالمة بيننا أنني سأعود بعد سنة فلم تعلق بالرفض أو القبول.

سؤالي: الآن في حيرة، هل أنتظر سنة وأعيد الاتصال بها قصد خطبتها من جديد؟ لأنني والله أحبها حبا جما، فهي أول حب في حياتي.

ثانيا: هي فتاة تربت في منزل الأم وهي المتحكمة، والأب ضعيف الشخصية، وتربت على الانفتاح، فهل توقفت فعلا بسبب عقليتي المتدينة أم أنها ما زالت تحن لصديقها الذي كان يسمعها المعسول من الكلام بخلافي أنا الذي لا خبرة لي في هذا الميدان؟

انصحوني، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هشام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالذي أنصحك به – أخي العزيز هشام – أن تحمد الله تعالى على معرفتك بحال خطيبتك؛ كون ذلك يعينك على اتخاذ القرار المناسب والصحيح في تحديد الزواج منها أو عدمه؛ فإن (الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وتصوره فرع عن الإحاطة به)، فكم من شباب استعجلوا القرار في مثل هذا الأمر المفصلي والخطير والمؤثر على حياة الإنسان في دينه ودنياه وفي عاجل أمره وآجله، فإن علمك بصفات خطيبك السلبية: انفتاحها الزائد وضعف تدينها، وعلاقتها السابقة بشاب آخر وكراهيتها لك ... إلخ، فمثل هذه الصفات السلبية لا أجدها محفزة على التمسك بخطبتها واتخاذها زوجة وشريكة حياة لأي رجل عادي، فكيف في مثل صفاتك الإيجابية الطيبة في تدينك وعفتك، حري بهذه الصفات أن تفسد عليك دينك ودنياك، وتجلب لك الهم والغم وتسيء إلى سمعتك وسمعة أهلك، لاسيما وأنها لم تظهر صدق توبتها من إبداء الندم بحرقة وحرارة، والعزم على الترك، والإقلاع والاستغفار والاعتذار، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (تنكح المرأة لأربع: لجمالها ولمالها ولحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) متفق عليه.

والمعنى أن هذه الخصال الطيبة الأربع (الجمال والمال والحسب والدين)، هي التي جرت عليها عادة الناس في اعتبار معاييرها في الزواج، وهي مطلوبة محمودة، لكن المعيار الشرعي محل المطمع والمطمح، والهم الوحيد هو الدين، ولذلك اعتبر تحصيله ظفرا أي نصرا وغلبة، ومعنى أن تكون المرأة (ذات دين) أن تكون صحيحة العقيدة، محافظة على الواجبات ومنها الصلاة، وبعيدة عن ارتكاب المحرمات كالتبرج والسفور وأسباب الفتنة.

وأما معنى (الحسب) فالمراد به شرف الأصل: الآباء والأقارب، وكذا (الجمال) فإن اعتباره مما يحصل مقصود الزواج كما قال صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) متفق عليه، والحديث ظاهر الدلالة على معنى أنه كلما توفرت مزايا الجمال في الزوجة كان أعون للزوج على غض بصره وإحصان فرجه وعفاف نفسه لاسيما -أخي الفاضل- في مثل ظروفنا حيث انتشار ظاهرة التبرج والسفور في مجتمعاتنا ووسائل إعلامنا، لكن جمال وسمو (الأخلاق والقيم والدين) لا حد لها ولا غاية ولا أمد ولا نهاية، وما عداه من الصفات فتأخذ على مر الأيام طريقها إلى الاضمحلال والزوال،{كمثل غيث أعجب الكفار نباته، ثم يهيج فتراه مصفرا، ثم يكون حطاما}. فلا أعز على المسلم من مزايا (حسن الدين والخلق) كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) رواه الترمذي وهو حديث حسن بمجموع طرقه.

وعليه فلا ينبغي أن تتعلق بخطبة امرأة ضعيفة التدين حد الانفتاح الزائد والعلاقة والمغازلة لشاب آخر، ولا تحمل لك مشاعر المودة والمحبة لاسيما مع ما ذكرت من "تسلط أمها في قرار البيت وضعف شخصية أبيها" مما يؤثر على تعاملها الزوجي معك اقتداء بها من حيث تشعر أو لا تشعر.

وعسى الله تعالى أن يمن عليك بزوجة خير منها دينا وخلقا وأسرة وجمالا أيضا.

وفقك الله لكل خير وألهمك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر هشام

    بارك الله فيكم على النصيحة
    ادعو الله لي شكرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً