الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتأثر كثيرا عندما يقدم لي شخص خدمة أو معروفا!

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة، عمري 20 عام، عندي مشكلة، وهي أنه عندما يساعدني فتى أو يقدم لي معروفا أو يعاملني بعطف واحترام مثل أن يحمل لي حقيبة السفر أو يوصلني خارج محطة القطار، وغيرها؛ أظل أفكر به، وبموقفه النبيل كثيرا، خصوصا أنه قليلا ما أجد من يساعد أحدا بدون طلب أو مقابل.

وأحيانا يجعلني الشيطان أفكر ماذا لو تحدثت معه؟ وهل أعجب بي أم كانت مجرد مساعدة؟ وهل من الممكن أن أقابله صدفة مرة أخرى؟ وهل سيتذكرني أم لا؟ وأفكر في مثل هذه الأمور، لدرجة أنني أشعر بالغباء والجنون في ذات الوقت، على الرغم من أنني فتاة خجولة جدا مع الآخرين، وأخاف أن أتحرك أو أتكلم بجانب أحد، وخاصة إذا كان رجلا، فيفهمني بطريقة خاطئة.

وعندما أفكر في الأمور التي قلتها سابقا أتضايق وأنزعج كثيرا من نفسي، وأظن أحيانا أنني تافهة وضحلة التفكير، وأدعو الله كثيرا أن لا يعلق قلبي بأحد.

فأرجو منكم الدعاء لي بالهداية، وأن تنصحوني ماذا أفعل عندما أفكر هكذا؟ وكيف أقنع نفسي بأن هذه التصرفات لا تعني شيئا جادا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابنتي الكريمة- في الشبكة الإسلامية، وردا على استشارتك أقول:

أنت فتاة عاطفية جدا، ولذلك تتأثرين من المواقف النبيلة التي يقدمها لك الآخرون، وهذا أمر طبيعي، فالإحسان يأسر القلب، ويشعر بالارتياح، ويجعل القلب يميل تجاه من أحسن إليه، كما قال الشاعر:

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم *** فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ.

عدم تعود الإنسان على مثل هذه المواقف النبيلة يجعله مندهشا وكثير التفكير بالشخص الذي ساعده وأحسن إليه، ولعل من جملة الأسباب حرمان الشخص من العطف والحنان في صغره، فيصير قلبه يأنس إلى من يحسن إليه.

تختلف مقاصد الناس ونواياهم في مساعدة الآخرين، فمنهم من يفعل ذلك تعبدا لله، ويطلب الأجر منه، ومنهم من يفعل ذلك رحمة وشفقة بالشخص، ومنهم من له مأرب آخر كالإعجاب بالمرأة مثلا.

ما ينبغي عليك أن تفعليه هو أن تشكري من يحسن إليك، وتدعي له بظهر الغيب، واقطعي كل الخواطر الأخرى، واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم فور ورود تلك الخواطر.

الحياء من الإيمان، وهي صفة ممدوحة محمودة، وخاصة في النساء، فالزمي هذه الصفة وعضي عليها بالنواجذ.

من الطبيعي جدا في مثل سنك أن تفكر الفتاة في إشباع عواطفها، ولكن ينبغي ألا تعرض نفسها للمذلة، وعليها أن تتجمل بالعفاف والحياء، وتجعل نفسها مطلوبة لا طالبة، ومن رغب فيها فليأت البيوت من أبوابها.

علقي قلبك بخالقك، واطلبي حوائجك منه سبحانه، فالتعلق بالله قوة، والتعلق بالمخلوق ضعف وعجز.

تفكيرك هذا حديث نفس ووساوس شيطانية، يريد أن يغويك ويعلقك بالآخرين، وعلاجه كما ذكرت لك الاستعاذة بالله منه، وعدم الاستجابة والاسترسال مع تلك الخواطر وقطعها فور ورودها.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يوفقك في حياتك، ويسعدك، وأن يعطيك من الخير ما تتمنين، وأن يصرف عنك ما تكرهين، إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً