الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع طفل له شخصية مهزوزة؟!

السؤال

السلام عليكم.

يوجد طفل في عائلتي عمره في التاسعة أو العاشرة، شخصيته ضعيفة ومهزوزة، وثقته في نفسه متدنية، وقد تطلق والداه وعاش سنوات عمره الأولى في بيت أهل والدته ثم عادت أمه لأبيه، فوالده عنيف معه ولم يحبه مثل إخوته الآخرين فأصبح يخاف منه كثيرا.

الطفل تعرض للدلال الزائد من أشخاص وفي المقابل تعرض للقسوة من أشخاص آخرين، وأخته الكبرى دائما ما تشتمه وتحطمه، وفي المدرسة يتعرض للأذى من قبل أطفال آخرين، وكثيرا ما يأتي إلى المنزل وقد تعرض للضرب، صحيح أنه يرتكب حماقات تغضب الآخرين منه ولكنه لا زال طفلا وأنا أشفق عليه، حتى أنني أنا بنفسي أحيانا أصرخ عليه وما إلى ذلك، وهذا بسبب شخصيته التي تجعله محط سخرية الآخرين وتنمرهم عليه، ولكنني أندم بعد ذلك أشد الندم.

مع العلم أن الطفل ذكي ومثقف، وكثيرا ما يخبرني عن معلومات حتى الكبار لا يعرفونها، وأيضا عاطفي جدا ولديه خيال واسع، حتى أنه قد أخبرني أنه يكره نفسه، ويقول أتمنى أن أتغير، وأن قلبه يؤلمه، والله أنني صدمت وحزنت حين قالها.

أحيانا تصرفاته تكون وكأنه عاش مع فتيات فقط، وبنيته ضعيفة ليست كالأولاد، وأنا أخاف عليه أن يتعرض للأذى ممن لا يخفون الله، فماذا علي أن أفعل؟ كيف أزيد ثقته بنفسه وأجعله قويا؟ مع أنني لست بوالدته، وأحيانا يستفزني فأصرخ عليه وأضربه فيخاف ويرتبك، والله إنني أندم بعد ذلك، وكثيرا ما أحاول أن أسعده لكني سريعة الغضب، أرجوكم أريد حلا له ولتصرفاتي القاسية معه أحيانا.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ T.k حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا حول هذا الطفل، ومعذرة على التأخر بسبب الأسفار وغيرها.

مسكين حقيقة هذا الطفل، فهو تأتيه الضربات وسوء المعاملة من كل جانب، وما نسميه عاة التنمّر، أو الامتهان، أو سوء المعاملة النفسية والعاطفية والجسدية وربما غير ذلك، وبالتالي فهو ضعيف الشخصية، ومن خلال ما ورد في رسالتك من تفاصيل، أسأل: كيف له أن ينشأ النشأة الطبيعية وهو يُعامل بهذا الشكل؟!

لا بد من إنقاذ الطفل من هذا الواقع المؤلم، ومن الاحتمالات الصعبة جدا والتي ستصيبه مع تقدم الأيام والسنين، ولا أعتقد بأن الموضوع فقط مقتصر على تغيير سلوكك أنت معه، وإنما لا بد من توعية أسرته والعمل معا على عدة أمور:

أولا: إيقاف التنمّر في المدرسة.
ثانيا: تغيير طريقة التعامل معه في البيت من الامتناع عن التعنيف والضرب.
وثالثا: العمل على رفع ثقته بنفسه، من خلال احترامه وحسن معاملته، وواضح من هذه النقطة الأخيرة أن الثقة بالنفس لا تأتي من فراغ، وإنما هي النتيجة الطبيعية لطريقة التعامل معه.

ولكن هناك أمر يشغل البال وهو: أنه إذا اجتمع الجميع على سوء معاملته، -حتى أنت لو سمحت لي- فالسؤال الذي يطرح نفسه: هل في هذا الطفل شيء ما يجعله أكثر عرضة وهشاشة لسوء معاملة الآخرين؟ وهل عنده مشكلة ذهنية أو تتعلق بالحواس؟ مع أنك ذكرت أنه ذكي، إلا أن هذا لا ينفي وجود مشكلة ما.

والذي أنصح به أمران، ولعل هذا يتوقف على مدى قربك من أسرة هذا الطفل والعلاقة بوالديه:

الأول: الحديث المباشر والصريح مع والدة هذا الطفل أو أسرته، عن ضرورة حسن رعايته ومعاملته، وضرورة حمايته من تنمّر الأطفال الآخرين في المدرسة، وكذلك حسن تفهمه ومعاملته في البيت.

والأمر الثاني: ومن خلال أسرته طبعا، عرض الطفل على طبيب أطفال ليقوم بالفحص الشامل، لمجرد الاطمئنان بأن كل شيء في نموه وتطوره طبيعي -إن شاء الله-، ولعل في هذا الخطوة رسالة هامة لأسرة الطفل من ضرورة حسن رعايته وتوجيهه.

ولعلكم تستفيدوا من كتابي "أولادنا من الطفولة إلى الشباب" وهو متوفر عندكم في مكتبات جرير.

وفقكم الله، وحفظ هذا الطفل من أي مكروه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً