الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اكتئاب وطنين في الأذن وانعدام الأحاسيس، فما العلاج؟

السؤال

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بارك الله فيكم وفي هذا الصرح العظيم، ولما تقومون به من خدمة للإسلام والمسلمين كافة.

سؤالي موجه للدكتور العلامة محمد عبد العليم -حفظه الله ووفقه وسدد خطاه.

أنا قبل سنتين من الآن كنت في جامعة أول مستوى، وكنت قبلها قد فصلت من جامعة أخرى، وقبل الاختبارات النهائية في الجامعة جديدة أصبت بأعراض غريبة، حيث أنني رجعت للبيت ذات يوم وقت المغرب، وكنت سليم وبخير وعافية، ونمت وللأسف لم أقم سالم، بل جاءتني أعراض قوية وشديدة جدا، حيث الحرارة تلهب جسمي، ودوخة، وآلام الرأس، ولا أحتمل الضوء، وعدم التركيز، ونسيان، وخمول، وجسمي متهالك، وإسهال -أجلكم الله، وقولون عصبي، وانعدام الإحاسيس كالفرحة بالسفر وغيرها من مشاعر.

حللت بعدها تحليلا شاملا ظهر لدي نقص فيتامين دال، وكسل الغدة الدرقية، وتم علاجهما ولكن الآن لي سنتين الأعراض لم تتغير، بقيت كما هي، ومررت على جميع المستشفيات ولم أجد حل لمشكلتي، عملت منظارا للمعدة، وآخر للقولون، ولا يوجد شيء، وصبرت وسرت أتناسى الأعراض، لكن من فترة بدأت أعراض جديدة، كعدم رغبتي في أن يتركني زملائي وحدي في الاستراحة، لا أحب أن يتركوني لوحدي في الاستراحة، خاصة وقت انتهاء دوامهم وعودتهم للمدينة.

أحس بملل وضيقة خفيفة جدا وإقفال قناة استاكيوس ما سبب لي طنينا، ولم أجد له حلا لتفتح، دوما أنفي متحسس. اقترح طبيبي الباطني بعلاج لوسترال أو السبيراليكس خيرني بينهما، حيث قال إنه من الممكن علاج القولون العصبي بإحدى الأدوية علاجا نهائيا -بإذن الله- دون رجعة، ولكني متردد فيهما لسمعتها السيئة.

س1: أنا مم أعاني بالضبط؟ خاصة انعدام الأحاسيس بالفرحة والكره والنشاط وغيرها، هل هو قلق أم اكتئاب؟ مع العلم أنني أخرج وأتمشى وأسافر وآكل طبيعيا، وأضحك مع الآخرين، وذهبت لزيارة الآخرين.

س2: هل من الممكن علاج كل هذه الأمراض بالأدوية النفسية علاجا شافيا كافيا؟

س3: هل الأدوية تسبب خدرا؟ أي أن كأن تجعل الرجل كالآلي لا يحس بشيء في الحياة، وما الأعراض الانسحابية للعلاج؟ وكيف يمكن تلافيها؟

وما الحل في الأعراض الجسدية؟ هل من الممكن شفائي من الطنين، والصداع، وانعدام الإحساس كحب المذاكرة؟

أخاف يا دكتور أن أستخدم الأدوية النفسية وتسبب لي أمراضا أخرى، خصوصا أنها تلعب في كيمياء الرأس!

وآسف للإطالة دكتورنا الغالي، فأنا لا أثق إلا فيك وفي إجاباتك، أطال الله بعمرك، وجعلك ذخرا للإسلام والمسلمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على ثقتك في شخصي الضعيف وفي موقع إسلام ويب، وأسأل الله تعالى لك العافية، أنا تدارست حالتك بكل دقة وتأنٍ وما لفت نظري هو وجود كسل في الغدة الدرقية، هذا يجب أن يتابع؛ لأن كسل الغدة الدرقية عادة تكون حالة مستمرة، وفي معظم الأحيان لا يكون هنالك سبب واضح، فأنصحك -أيها الفاضل الكريم- بالمتابعة مع طبيب الغدد في هذا الخصوص، وإن كنت تحتاج إلى علاج تعويضي أي للعقار الذي يسمى ساروكسي، فيجب أن تتناوله حسب ما يصفه لك الطبيب، ومن ثم من خلال المتابعات يمكن أن يعدل الطبيب الجرعة كما يراها.

ضعف إفراز الغدة الدرقية له تبعات نفسية وجسدية كثيرة، فقد ينتج عن ذلك الاكتئاب النفسي، القلق، التوترات، افتقاد الطاقات النفسية، مما تجعل الإنسان في ضجر وفي تململ مستمر خاصة صغار السن، وقد تظهر بعض الآثار الجسدية، كالشعور بالكسل الشديد كما ذكرنا وفي ذات الوقت بعض الآلام الجسدية.

عموماً إن ظهرت لديك أعراض أو لم تظهر عليك أعراض وأنت الآن لديك أعراض يجب أن تصحح مسار الغدة الدرقية، وأنا متأكد أن أعراضا كثيرة جداً سوف تتحسن في حالتك، أريد أن أقول لك أنه من الناحية التشخيصية أرى أنك تعاني من درجة من القلق الاكتئابي البسيطة ليست قوية ليست شديدة -الحمد لله تعالى، وعلاجها يتمثل في تصحيح الغدة الدرقية كما ذكرت، والحرص على ممارسة الرياضة، أنا دائماً أوصي بهذا الموضوع؛ لأني أعرف أهميته خاصة لدى الشباب، الرياضية المنتظمة تجدد الطاقات تشرح النفوس، تجعل الإنسان أكثر تفاؤلاً، وتزيل منه كل الشوائب السلبية النفسية.

الأمر الآخر هو تحسين صلاتك الاجتماعية، ويظهر لي أنه ليس لك مشكلة في هذا الخصوص، وعليك أن تضع خارطة لمستقبلك، خاصة فيما يتعلق بالدراسة والاجتهاد نحو الدراسة، وأن لا تضيع الفرص الأكاديمية التي معك، وأن يكون شعارك أن تتحصل على أعلى الدرجات، هذه هي نصائحي العامة التي أسديها إليك.

بالنسبة للعلاج الدوائي اللسترال والسبرالكس وكل ما اقترحه لك الطبيب علاجات ممتازة وعلاجات فاعله، لكن لا أعتقد أنك محتاج لأي من الدوائين، فالأدوية الأبسط والأسهل هي التي سوف تكون أفضل لك خاصة مع وجود أعراض القولون وخلافه وسوء التركيز، عقار مثل دوجماتيل والذي يعرف باسم سلبرايد سيكون مفيدا لك وهو بسيط جداً، آثاره الجانبية قليلة جداً، وبالجرعة الصغيرة لا تظهر آثار جانبية وأنت محتاج لجرعة صغيرة، ابدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم أي 50 مليجرام لمدة أسبوعين، ثم اجعلها كبسولة صباح ومساء لمدة شهر، ثم اجعلها كبسولة واحدة يومياً صباحاً لمدة شهر ونصف، ثم توقف عن تناوله، أعتقد أنه سوف يساعدك كثيراً ويزيل معظم هذه الأعراض التي لديك خاصة إذا اتبعت ما ذكرته لك من توجيه وإرشاد وقمت بتطبيقه.

إذاً بهذه الكيفية نكون قد أجبنا على سؤالك الأول وقطعاً عدم الشعور بالفرحة ناتج من العسر المزاجي الذي هو جزء من الاكتئاب القلقي البسيط، والإجابة على السؤال الثاني قد أسديتها لك، الأدوية بعضها قد يسبب خدر، بعضها قد يسبب تكاسلا وبعضها بالفعل لديها آثار انسحابية، لكن إذا استعملت برشد وإرشاد وحسب التعليمات الطبية هذا قلما يحدث، وعموماً الدوجماتيل الذي ذكرته لك أصلاً ليست من خصائصه أن يسبب الخدر أو أن تظهر منه أعراض انسحابية، الطنين والصداع وانعدام الإحساس هذا كله -إن شاء الله- يعالج من خلال الآليات التي ذكرتها لك، وأنا سعيد جداً برسالتك هذه.

وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً