الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أقنع أخي بالذهاب للطبيب النفسي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكركم على ما تقدمونه للإسلام والمسلمين، أسأل الله -عز وجل- أن يجعله في موازين حسناتكم، وأن يجعلكم مباركين أينما كنتم.

أخي متزوج عمره 36 سنة، مصاب بالفصام، حالته النفسية والاجتماعية سيئة، قمنا بمحاولات عدة لإقناعه للذهاب للطبيب النفسي للعلاج، لكنه رفض، ويرفض فكرة أنه مريض نفسي.

يحب العزلة، ورفض البحث عن عمل، كما يفضل ترك بيته وأسرته، ويرغب بالعيش عندنا في بيت إخوته، ليس شوقاً لنا، بل رغبة في العزلة فقط، فلا يلبث أن يجلس معنا دقائق قليلة، ثم يدخل غرفته لساعات طويلة، تصل لخمس أو ست ساعات.

تواصلنا مع الطبيب النفسي هاتفياً، أكد لنا إصابته بالفصام، لما يظهر عليه من أعراض كالضحك دون سبب، وحب العزلة، وكثيرا ما يتمتم مع نفسه، وكأنه يرى أناسا لا نراهم، ولا يهتم بمظهره، ولا نظافته الشخصية.

وصف له الطبيب بعض العلاجات النفسية، فلاحظنا اختفاء بعض هذه الأعراض، ولا يزال يستخدم هذه الأدوية، ولكنه لا يزال شخصا غير فعال في المجتمع، ولا يقوم بعمل أبسط الأشياء، كشراء حاجات البيت من مأكولات وأدوات، بل نحن من يقوم بذلك.

وقد تظهر عليه أيضا في بعض الأوقات أعراض الفصام, وهذا ما يشعرنا بالقلق، خاصة أنه متزوج، وقد يرزق بطفل قريبا، وإذا استمرت حالته بهذا الشكل قد يتسبب بمشكلات زوجية، وانفصالات، مما سيؤدي لنتائج سلبية على أبنائه، فكيف نقنعه بالذهاب للطبيب النفسي، وتلقي العلاج؟

جزاكم الله خيراً، ونفع بكم المسلمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Fahad حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نسأل الله تعالى لهذا الأخ العافية والشفاء، فمن الواضح أنه يعاني من مرض الفصام، وقد أحسنتم بعرضه على الطبيب، وتناوله لعلاجات أدى إلى بعض التحسن، وهذه بشاره كبيرة، ويعرف أن التحسن نتاج تجمعي للأدوية بمعنى أن الاستمرار على العلاج يتأت منه المزيد من التحسن، أتفق معك أنه توجد صعوبات كبيرة جداً في إقناع هؤلاء المرضى بتناول العلاج، أو الاستمرار فيه، من الوسائل الجميلة والطيبة هي أن يتفهم معه شخص واحد معه في المنزل، شخص يكون صاحب تأثير عليه، وأن لا نكثر الحديث معه حول حالته، ولا نقول له أنك مريض، نقول له: أنك مثلاً مصاب ببعض الإجهاد النفسي، وتحتاج لبعض الفحوصات، وتحتاج لبعض المتابعة مع الطبيب، ومن تجربتي أن كثير من الناس يقتنعون في نهاية الأمر، إذا تحدث معهم شخص واحد يحترمون كلامه ويقدرونه، -فيا أخي الكريم- هذه أحد الوسائل المتاحة والمجربة.

الأمر الآخر في بعض الدول، وأحسب أن ذلك متاح في المملكة العربية السعودية، يوجد ما يسمى بخدمات الطب النفسي المجتمعي، ومن خلال هذه الخدمات يقوم الأطباء بزيارة المرضى في البيوت، ليس الأطباء فقط وإنما فريق علاجي متكامل، ونحن هنا في دولة قطر -الحمد لله- لدينا خدمة متميزة في هذا السياق، وعليه تواصل مع طبيبه -أيها الفاضل الكريم- إن عجزتم في إحضاره للمستشفى، ربما تكون خدمات الطب النفسي المجتمعي متوفرة، ومن ثم يأتي الفريق العلاجي لمقابلته، ومعظم المرضى يرحبون كثيراً بهذه الفرق العلاجية هذا جربنه ورأينه، وهي وسيلة -كما ذكرت لك- أنها معتبرة ومحترمة، وهي الآن التوجه في العالم، أن يعالج الناس في بيوتهم.

النقطة المهمة جداً، هذا الأخ يحتاج لعلاج عن طريق الإبر، توجد أبر ممتازة جداً لعلاج الفصام، وهنالك أبر تعطى كل أسبوعين، وهنالك أبر تعطى كل ثلاثة أسابيع، وأبر تعطى كل شهر، والآن أحد شركات الأدوية قد أنتجت أبرة تعطى كل ثلاثة أشهر، لكنها مكلفة نسبياً، وهي ما زالت في مراحلها الأولى، عموماً الذي قصدته أن العلاج عن طريق الأبر سيكون هو الأفضل والأنجع والأفيد لهذا الأخ، بقيت نقطة مهمة جداً وهي -كما تفضلت- أن هذا الأخ يعاني من أعراض ما نسميه بالفصام السلبي، وهو الذي يعني أنه قد افتقد لدوره الاجتماعي، إنما أصبح منسحباً لا يقوم بدوره المطلوب، وهذا بالفعل مشكلة مع مرضى الفصام، لكن باستشعاره وتشجيعه يستطيع أن يتخطى الكثير من هذه الصعوبات.

اجعله يشارك في المناسبات الاجتماعية بقدر المستطاع، اصحبه معك، ادعه للصلاة في المسجد مع الجماعة، أما عن الاهتمام بنظافته الشخصية أعتقد أن هذا مهم، وزوجته يجب أن تلعب دوراً في ذلك، وزوجته يجب أن تتفهم طبيعة مرضه، هذا يساعدها ويساعده كثيراً، ومن واجب الطبيب أن يشرح لها ما به، هذا لا يعني أننا سوف نفقده شخصيته، أو قوامته على الزواج، لا، يجب أن يكون شخصاً مقدر ومطاع، ونحترمه ونكافئه على كل عمل إيجابي، ونشجعه على تخطي السلبيات، ونشجعه على القراءة، وممارسة أي نوع من الرياضة مثل رياضة المشي، ونستشيره ولا نهمشه، حتى وإن كنتم أنتم أصحاب القرارات في بعض الأشياء التي تخصكم أو تخص أسرتكم بصفة عامة، أشعروه أنكم قد أشركتموه في اتخاذ القرار، هذا يساعد كثيراً من الناحية الفكرية والسلوكية والمعرفية بالنسبة للمريض، هذا هو الذي أود أن أدلي به -أخي الفاضل-، واسأل الله تعالى أن ينفعكم به، وأسأل الله تعالى العافية والشفاء لهذا الأخ.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً