الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عذبني وسواس الطهارة والصلاة والأفكار الجنسية!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أولاً: الحمد لله رب العالمين على ما أصابنا من فرح وحزن.

ثانياً: أشكركم على هذا الموقع الجميل.

سأبدأ بمشكلتي الآن، وأرجو منكم أن تنصحوني وتقنعوني بكلامكم؛ لأني تعبت جدًا وعانيت -الحمد لله-.

أصابني مرض الوسواس القهري منذ أن تمسكت بديني جيدًا، أصابني وأنا عمري 16، وكنت في الصف الأول الثانوي، وهو وسواس النظافة، حيث كنت أتنظف جيدًا، وأغسل ملابسي جيدًا، وأتطهر جيدًا، لكن هذا الوسواس لم يدم طويلاً، لكن بعده جاءني وسواس الصلاة، والريح، والوضوء، كنت أتوضأ أكثر من مرة، لدرجة أني أسمع صوت عظامي وأشك أنها ريح، ثم أعيد الوضوء، ودائما أشك في صحة صلاتي، وتأتيني أفكار لا أستطيع البوح بها، أفكار جدًا تؤلم قلبي وعقلي ونفسيتي!

أنا لا أستطيع أن أوقفها، لا أريدها، لكنها دون إرادتي، تعبت جدًا! لا أستطيع البوح بها تماماً، فأنا أخاف، وجاءني وسواس المني والجنابة، تعذبت معه، لدرجة أني لا أغتسل إلا وأنا أنوي أنها طهارة من الجنابة والمني، منذ أن أتاني إلى يومك هذا وأنا أنوي الغسل عن الطهارة من المني.

وأنا أساسا لا أشاهد مسلسلات، ولا أشاهد مقاطع إباحية، ولا أفعل العادة السرية -والعياذ بالله-، لكن تأتيني أفكار وصور جنسية لا أريدها، لكنها تأتيني قسرا وليس بإرادتي، وأشك أن المني نزل مني، أحيانا أتجاهل وقلبي يؤلمني، أخاف أن أصلي وأنا جُنب!

ووسواس الاحتلام بدأ معي لكنه ليس قويًا، وأخاف أن يقوى مثل الوساوس التي من قبل، ماذا أفعل كي أتجنبه؟ وتأتيني أفكار في عقلي تزعجني جدًا، أفكار تخيفني!

يا شيخ بالله ماذا أفعل كي لا تأتيني أفكار تزعجني وتخيفني؟ وإذا سمعت أحدا عنده مصيبة من إخوتي أو أي أحد من الناس تأتيني أفكار أنه سيصيبني مصيبة!

أصبحت الدنيا لا طعم لها في عيني أو لون، حتى لو كنت في لحظة سعادة أحس أن هذه السعادة باهتة ليس لها طعم، وأن حياتي كلها حزن، والسعادة دقائق وباهتة أيضاً!

تجاهلت نفسي واهتمامي بنفسي، وأصبحت انطوائية، وأصبحت غير واثقة من نفسي، ودائما أنا في عين نفسي صغيرة وليس لي أي قدر وشأن!

تعبت جدًا وفكرت أن أشتري دواء سمعته منكم اسمه (بروزاك) لكن هل يمكن أن أشتريه بدون وصفة طبيب؟

وأصبحت الآن أقرأ على نفسي الفاتحة 7 مرات، ارتحت قليلا -الحمد لله-، ولكن ما زالت الأفكار المزعجة تسيطر علي.

أشكركم على استماعكم لي، وآسفة إن أطلت في الكلام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وِدان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء.

أنت تعاني من وساوس قهرية مركبة ذات طابع ديني وطابع جنسي، وهذه قطعاً فظة ومزعجة ومؤلمة للنفوس الطيبة مثل شخصك الكريم.

أيتها الفاضلة الكريمة، يجب أن نتفق على مبدأ أساسي وهو عدم التعايش مع الوسواس، ويجب أن لا يكون الوسواس جزءا من حياتك، وأنا أنصحك أن تذهبي لمقابلة طبيب نفسي، والحمد لله تعالى هم كثر جداً في الممكلة العربية السعودية، هذا أنصحك به؛ لأن المقابلة المباشرة مع الطبيب المقتدر فيها سند علاجي كبير، وذلك بجانب التطبيقات العلاجية التي سوف يوضحها الطبيب.

عموماً: رسالتك هذه لنا مؤشر جيد لأنك بالفعل تريدين التخلص من الوسواس، لكن أقول لك: الوسواس مرض مخادع، مرض مراوغ، يحتاج إلى عزيمة، يحتاج إلى تصميم لقهره والتخلص منه، أهم نقطة أن لا تحاوري الوسواس، ولا تحللي الفكر الوسواسي، أعرف أن ذلك ليس بالسهولة، ولكنه ليس بالمستحيل، حين تأتيك الفكرة والفعل الوسواسي خاطبيه مباشرة قائلة أنت وسواس قبيح، أنا لن أتبعك ولن أناقشك ولن أحللك وهكذا، واصرفي انتباهك إلى فعل آخر؛ هذا أمر جيد، وعليك أن تكثري من الاستغفار، قراءة الفاتحة أو غيرها من القرآن الكريم لا شك أنها مفيدة، وحسن استغلال الوقت أيضاً أمر ضروري.

نأتي بعد ذلك للعلاج الدوائي وهو علاج مهم، ومن نعم الله العظيمة علينا أنه قد اتضح أن معظم الوساوس تنتج أو تؤدي إلى نوع من الخلل أو عدم التوازن في كيماء الدماغ المتعلق بمواد أو هرمونات أو إنزيمات عصبية معينة، ولا يعرف السبب في هذا الاضطراب، لكنه مثبت، واتضح بما لا يدع مجال للشك، وبفضل من الله تعالى سخر الله تعالى العلماء واكتشفوا أدوية مضادة لهذه التغيرات الكيميائية لتضعها في مساراتها الصحيحة.

عقار بروزاك من الأدوية الممتازة، وفاعل جداً وسليم جداً، وإذا كان عمرك أكثر من 20 عاماً ابدئي بكبسولة واحدة في اليوم قوة الكبسولة 20 مليجرامًا، تناوليها لمدة أسبوعين، ثم اجعليها كبسولتين في اليوم، أي 40 مليجراماً، وهذه جرعة جيدة، وبعد شهر أضيفي دواء آخر يعرف باسم فافرين تناوليه بجرعة 100 مليجرام ليلاً. إذاً: العلاج في حالتك هو البروزاك 40 مليجراما صباحاً، والفافرين 100 مليجرام ليلاً، هما دواءان سليمان وفاعلان، ولا يسببان الإدمان وليس لهما تأثير سلبي أبداً على الهرمونات النسوية، قطعاً التحسن يتطلب بعض الصبر؛ فهذه الأدوية فاعليتها الحقيقية تبدأ بعد شهرين، فيجب أن تنتظري حتى يتم البناء الكيمائي، وإذا لم يحدث تحسن حقيقي بعد ثلاثة أشهر من بداية العلاج الدوائي؛ هنا قد تحتاجين إلى أن ترفعي جرعة البروزاك لكن لا تقومي بذلك لوحدك ومن الافضل أن يكون الأمر تحت الإشراف الطبي.

نحن سعداء برسالتك هذه، ونأمل ونسأل الله تعالى لك عاجل الشفاء، ولا تترددي أبداً في مقاومة الوسواس وتناول العلاج الدوائي، وإن شاء الله تعالى يتم شفاؤك بصورة كاملة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات