الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابني يعاني من نوبات التشنج حتى أثناء تناوله للعلاج، فهل هذا طبيعي؟

السؤال

السلام عليكم

ابني يبلغ من العمر أربع سنوات ونصف، قبل ما يقارب السنة أصابته حرارة داخلية، وأصابه تشنج، وأدخل المستشفى لمدة خمسة أيام مع المضادات الحيوية، وبعد شهر تقريبا أصابه تشنج، ونقلناه للمستشفى وهناك أعطوه علاجا لفك التشنجات، وبقي تحت الملاحظة لمدة ست ساعات، وبعدها بما يقارب الشهر أصبحت تأتيه نوبات التشنج ثلاث مرات باليوم، خصوصا إذا استيقظ من نومه بخمس دقائق أو أكثر، وهي ميلان فمه للجانب الأيسر، وتشنج اليد اليسرى كذلك، ووقتها قصير، وإذا انتهت أحيانا لا يستطيع تحريك يده اليسرى إلا بعد بضع دقائق.

أخذناه للطبيب، فطلب منا تخطيطا للرأس، وأفاد بأنه توجد لديه شحنات كهربائية زائدة، وصرف لنا علاجا اسمه (trileptal 60 mg/ml )، بالأسبوع الأول ١ مل، والأسبوع الثاني ١.٣٠ مل، والأسبوع الثالث ٢ مل، ويستمر على ٢ مل بحسب وزنه، وبعد مرور ما يقارب الثلاثة أشهر عادت إليه التشنجات مرة أخرى، ولكن بصورة أخف، وتكررت عليه بعد ١٢ ساعة بنفس اليوم، في وقت أخذه العلاج، ومنذ ٩ أشهر لم تأته إلا هذا اليوم في الساعة الخامسة والسادسة صباحا حوالي ٥ مرات، ثم عادت له في تمام الساعة الخامسة مساء، وكذلك بحدود الساعة ٨ مساء، ثم الساعة ١٢ صباحا.

كانت هذه المرة قد سببت له ارتجاج الجسم وتشنجه بالكامل، وكان يفتح عينيه ويغلقهما بسرعة، علما بأنه إذا تشنج في الساعة ٥ صباحا تعود إليه الساعة ٥ مساء، فهل هناك تشنجات ارتدادية مثلا؟ وهل نوبات الصرع هذه التي أتته بكثرة في نفس اليوم طبيعية مع استخدام العلاج؟ وهل العلاج (trileptal 60 mg/ml ) ذو فائدة أم لا؟ وهل هذه التشنجات تؤثر على النطق لدى ابني؟ بحيث أنه لا سيتكلم بطلاقة مثل أقرانه، وهل تنصحونني بعلاج آخر يكون أكثر فائدة له؟ وهل هناك مسببات للصرع مثل: السهر، والسقوط على الرأس، والعصبية وغيرها؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ منصور حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الصرع هو اضطراب مزمن يصيب الدماغ ويتأثر به الأشخاص في جميع أنحاء العالم، ويتميز بنوبات متكررة، وهي عبارة عن نوبات وجيزة من الحركة اللاإرادية (التشنجات أو الإختلاجات) التي قد تخص جزءاً من الجسم (جزئية) أو الجسم كله (عامة)، ويصاحبها أحياناً فقدان الوعي والتحكم في وظائف الأمعاء أو المثانة.

تنجم هذه النوبات عن فرط الشحنات الكهربائية التي تطلقها مجموعة من خلايا الدماغ، وقد تنطلق هذه الشحنات من أجزاء مختلفة من الدماغ، وقد تتراوح النوبات بين غفلات الانتباه ونفضات العضلات الخاطفة وبين الاختلاجات الممتدة، كما أن النوبات قد تختلف من حيث مدى تكرارها، من أقل من مرة واحدة في السنة إلى عدة مرات في اليوم.

أغلب حالات الصرع هي حالات غير معروفة السبب، وتعرف بالصرع المجهول السبب، وتمثل حوالي ستين بالمائة من الحالات، أما الصرع المعروف الأسباب فيسمى الصرع الثانوي أو الصرع العرضي، وقد تتمثل أسباب الصرع الثانوي (أو العرضي) فيما يلي:

- أضرار الدماغ الناجمة عن الإصابات قبل الولادة أو في الفترة المحيطة بالولادة (مثل نقص الأوكسجين ما حول الولادة أو انخفاض الوزن الشديد عند الولادة و المرتبط بحدوث نزيف دماغي أو عدوى مخية)،
- الاعتلالات الوراثية المصحوبة بتشوهات الدماغ،
- إصابات الرأس الشديدة.
- السكتات الدماغية التي تحد من تدفق الأكسجين إلى الدماغ.
- حالات العدوى التي تصيب الدماغ مثل التهاب السحايا والتهاب الدماغ وغيرها.
- بعض المتلازمات الجينية.
- أورام المخ.

الصرع المجهول السبب لا يمكن تلافيه، ولكن يمكن في بعض الأحيان اتخاذ اجراءات للوقاية من بعض الأسباب المعروفة التي تؤدي إلى الإصابة بالصرع الثانوي.

بالنسبة للحالة موضع السؤال الطفل يتناول الترايليبتال (Trileptal) وهو من الأدوية المستخدمة لعلاج التشنجات سواء كعقار وحيد أو عقار مساعد مع عقار آخر حيث أن علاج الصرع يمكن معه استخدام عقار واحد أو أكثر حسب حالة الطفل وقدرة العلاج في التحكم ومنع حدوث التشنجات.

الطفل موضع السؤال تكررت عليه التشنجات، وهو تحت العلاج الدوائي بعقار التراليبتال، ويستلزم الأنمر هنا مراجعة عدة نقاط، الجرعة التي يتناولها الطفل مناسبة أم تحتاج للزيادة لأن الجرعات تتدرج، ويمكن زيادتها حتى الوصول للجرعة التي تتوقف معها نوبات التشنج عن الحدوث، ومن الهام التأكيد على الانتظام في إعطاء الجرعات في الوقت المحدد لأن أي إخلال بنظام إعطاء جرعات الدواء قد يؤدي إلى حدوث تشنج

في حال كان هناك التزام بإعطاء الدواء، ووصلنا إلى الجرعة القصوى من العقار، ولم يحدث تحكم بنوبات التشنج يكون أمامنا أحد خيارين: إما استبدال العقار بآخر ويكون ذلك ببدء العلاج الجديد أولا مع القديم ثم إيقاف القديم بعد فترة بالتدريج، أو الخيار الثاني: أن نضيف عقارا آخر مع الاستمرار على العقار القديم.

ننصح أيضا الأهل بتصوير نوبة التشنج بكاميرا الفيديو لعرضها على الطبيب المعالج حتى يتسنى له تقييم الحالة بشكل أفضل.

الحالة موضع السؤال تحتاج لمراجعة طبيب الأطفال المتخصص في الأمراض العصبية عند الأطفال لمراجعة ما سبق شرحه من نقاط، وتعديل خطة العلاج إما بزيادة الجرعة أو إدخال عقار جديد بالأصول الطبية المعروفة التي سبق شرحها.

من الهام أيضاً التأكيد على أن علاج هذا المرض يستلزم وقتاً طويلاً (قد يمتد لسنوات) لأننا لا نفكر في سحب الدواء أو إيقافه إلا في حال مرور مدة عامين بلا أية تشنجات ويتم بعدها سحب الدواء تدريجيا.

هذا ونتمنى لطفلك العافية والصحة، وندعو الله رب العرش العظيم أن يشفيه شفاء لا يغادر سقماً.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • رومانيا منصور

    جزاكم الله خيرا
    على هذا الشرح الكافي الوافي للحلول
    واتمنى ان لا يرى احدا مكروها ابدا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً