الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اكتئاب شديد واضطراب وجداني وكثرة الانتكاسات

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في البداية أحب أن أشكر كل القائمين على موقع إسلام ويب، على مساعدة الناس وتوفيقهم، جعلة الله في ميزان حسناتكم -إن شاء الله-.

عمري 25 عاما، مهندس مدني حديث التخرج، وأعاني من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية منذ عمر تسع سنوات، ولدي نوبة اكتئاب شديدة، حينما كنت في الصف الأول ثانوي عشت أسوأ أيام حياتي، كنت في حالة اكتئاب لا تطاق، تحملتها وزالت خلال ستة شهور دون علاج، وتحولت إلى نوبة هوس في الصف الثاني ثانوي، واستمرت تسعة شهور، كنت فخورا بنفسي، وأسرح مع خيالاتي بعيدا، وأحلامي كانت صعبة وكبيرة جدا، كنت أسعد شخص ولكن حالتي انتكست وتحولت إلى نوبة اكتئاب شديدة.

لجأت للعلاج الدوائي، وشخص الطبيب حالتي بأنها اكتئاب، وبدأت بتناول مضادات الاكتئاب (لسترال، تربتزول)، فتحولت إلى شخص آخر، وحينها صدمت بوابة الباب الدوار من شدة النشاط والفرحة والسعادة.

كانت حالتي تتأرجح بين الاكتئاب والحزن والهم، وبين الفرح والنشاط والسعادة، وظلت كذلك لمدة سنة ونصف، ثم عانيت من حالة اكتئاب شديدة جدا، كنت سأموت بسببها فاضطررت إلى تغيير الطبيب، وعرضت نفسي على طبيب آخر، وطلب الطبيب رؤية والدي، وجلس معه لمدة ساعتين، ثم جلس معي أربع جلسات للحوار، وبناء عليها أخبرني بأنني أعاني من بايبولر، -الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية-، فسحب جميع مضادات الاكتئاب تدريجيا، وأعطاني لاميكتال بالتدريج حتى وصلت الجرعة 100 ملغ صباحا، و 100 ملغ مساء.

بعدها أعطاني سيركويل 300 sr، حبة بالمساء، وكانت حالتي تتدهور بشدة، وكنت لا أعرف من أنا، ولا أشعر بأي إحساس أو مشاعر، لا أشعر بالفرح أو الحزن، كنت أعيش حياة سوداء عاتمة، عدت للطبيب من جديد فزاد علاج ديباكين، تدهورت حالتي كثيرا، وبسبب خبرتي الكافية بالأدوية والمواد الفعالة، عرفت بأن الديباكين سيؤخر استقلاب الامكتال في الكبد، وبالتالي ستزيد نسبة الامكتال في الدم، رجعت للطبيب الأول، ووصف لي: (ريميرون 15، انافرانيل 75، بروزاك حبة واحدة، لاميكتال 200، سيركويل 100)، وتحسنت حالتي.

بعد التحسن بدأت الحياة تشرق من جديد، شعرت بنوبات خفيفة، وكانت النوبات تنعدم أحيانا، وحالتي مستقرة جدا.

سحبت الانافرانيل وقللت جرعة الريميرون والبروزاك، أتناوله مرة كل يومين، ثم أصبت بانتكاسة اكتئاب شديدة في 15/9/2017، وكانت تشبه آخر انتكاسة اكتئاب لي في 15/12/2013.

قمت بتعديل الجرعة العلاجية كالآتي:
1- سيركويل 100.
2- لاميكتال 100 صباحا ومساء.
3- بروزاك كبسولة صباحا وكبسولة مساء.
4- ريميرون نصف قرص يوميا قبل النوم.
5- انافرانيل 150 جرعة واحدة قبل النوم.

منذ شهر وأنا منتظم، فهل أستمر على نفس الجرعة العلاجية السابقة؟ علما بأنني أخذت أقوي مثبتات المزاج، وكنت في حالة أقرب للموت، وأعاني من التعب والتبلد، وحالتي صعبة جدا، فهل يوجد اقتراح أو وصفة علاجية أخرى تصحونني بها؟

قرأت بأن أسباب الانتكاسات هو تناول مضادات الاكتئاب، في حين أنني عندما أتناول مثبتات المزاج لوحدها أدخل في حالة اكتئاب من نوع مختلف كما وصفت لكم.

كنت أتناول جرعاتي ولكنني غير منتظم، فهل يمكنني تناول البروزاك في الصباح، وفي اليوم الثاني أتناول البروزاك بالمساء، وهكذا.

للعلم أنا شخص مدخن، وأدخن من 5 إلى 10 سيجارات يوميا، فهل هذا يقلل مفعول الأدوية في الدم؟ وهل التدخين يقلل من فعالية الأدوية النفسية في الجسم؟ وكم النسبة التي تقل عند التدخين؟ وعند تناول هذه الأدوية لفترة 10 سنوات، هل يتضرر الجهاز العصبي بسببها؟

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ omar حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية هو اضطراب من اضطرابات المزاج المعروفة، وهو إمَّا يأتي بنوبة اكتئاب أو نوبة هوس، ولابد من حدوث نوبة الهوس كتشخيص الاكتئاب الوجداني ثنائي القطبية، وكما ذكرتَ نوبة الاكتئاب أو نوبة الهوس حتى بدون علاج يُمكن أن تختفي بعد ستة أشهر، ويُسمَّى هذا (التعافي الطبيعي)، ولكن طبعًا أحيانًا تظهر مضاعفات عند الاكتئاب أو الهوس، ولذلك يُستحسن علاج النوبة.

وعلاج الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية الأساسي هو مثبتات المزاج، فهي تُستعمل للعلاج وتُستعمل للوقاية، ونعني بالوقاية: منع حدوث انتكاسات أخرى -سواء كانت نوبة اكتئابية أو هوس-، أو تقليل خطورتها عند حدوثها، أو البُعد بين نوبة وأخرى.

هناك جدل كثير جدًّا دائم، وهو استعمال مضادات الاكتئاب في الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، حتى في حالة حدوث اكتئاب، فهناك دراسات مقدرة من أطباء نفسيين يقولون بعدم استعمال مضادات الاكتئاب في الاضطرابات الوجدانية ثنائية القطبية، والاكتفاء باستعمال مثبتات المزاج فقط، لأنه حتى في حالة الاكتئاب يمكن استعمال مضادات الاكتئاب ويؤدي ذلك إلى هوس.

وهناك أيضًا مجموعة أخرى من الأطباء النفسيين تقول أن في حالة الاكتئاب يمكن استعمال مضادات الاكتئاب لفترة من الوقت، حتى تزول أعراض الاكتئاب، وبعد ذلك يُوقف دواء الاكتئاب ويستمر الشخص على مثبتات المزاج، وحجتهم في ذلك أنه أحيانًا الاكتئاب يكون شديدًا ولا يستجيب لمثبتات المزاج، وقد تكون هناك ميول انتحارية عند بعض مرضى الاكتئاب.

على أي حال: لكلٍّ وجهة نظر، ولكن الشيء المتفق أنه يجب أخذ أدوية الاكتئاب بحذرٍ شديدٍ، والتوقف عنها بمجرد زوال الاكتئاب النفسي، وليس الاستمرار فيها لمدة ستة أشهر، كما في الاكتئاب العادي.

فمن الواضح -أخي الكريم- أنك كنت تعاني من اكتئاب، ولذلك تحسَّنت على مضادات الاكتئاب، وطبعًا للأسف الشديد أخذت أكثر من مضاد للاكتئاب، وكان يجب أن تكتفي بمضاد واحد، وبعد زوال أعراض الاكتئاب كان يجب أن تُوقف مضادات الاكتئاب وتستمر على مثبتات المزاج، وهي هنا: اللامكتال، والدباكين، والسوركويل أيضًا، وجرعة اللامكتال كانت صغيرة، مائة مليجرام جرعة صغيرة، معظم الأطباء يقولون أن الجرعة المناسبة هي مائتي مليجرام من اللامتروجين واللامكتال.

نعم استعمال مضادات الاكتئاب قد يحول الاكتئاب إلى هوس، وبالتالي يؤدي إلى حدوث انتكاسات، أيضًا التدخين يؤثِّر على امتصاص الأدوية، خاصة في الكبد، وقد يزيد مفعولها، أو يُقلِّل من مفعولها، فأيضًا التدخين له أثر في زيادة أو التقليل من فعالية العلاجات النفسية.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • Om asem

    ربنا يشفيك و يعافيك و بلاش التدخين لانه زي ما شوفت خطر عليك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً