الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالفشل كأم، كيف أتعامل مع طفلتي العنيدة الأنانية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ابنتي عمرها 8 سنوات، طفلة صعبة منذ صغرها، عانيت معها كثيرا، كانت تبكي بشدة وهي ابنة أشهر، كثيرة الحركة والنشاط، قليلة النوم.

أمضيت سنوات زواجي الأولى بمشاكل مع والدها بسبب أننا لا نستمتع بمكان نخرج إليه من شدة بكائها، كبرت وأصبحت تعاندني بشكل استفزازي، أشعر أنني أحترق من شدة غضبي، ولا أملك نفسي، وفي كثير من الأحيان أضربها بعد أن أحاول بالأسلوب اللطيف.

أعترف أنني أقسو عليها، ولكنها طفلة استفزازية بشكل كبير، من المستحيل أن تسمع كلامي من أول مرة، ولو كان طلبا بسيطا، تصر على رأيها، دائما تتهمنا بالتقصير وتتهمني بتعنيفها في صغرها، وتذكر لي مواقف ضربتها فيها، وتصر على أنها مظلومة وتنسى ما فعلته.

يضربها والدها كثيرا، تستغلني عندما أخرج مع صديقاتي أو في حضور الضيوف، نبهتها كثيرا أن لا تطلب مني شيئا في حضور الضيوف، لأني سأهينها ولن أنفذ طلبها، ولكنها تتفنن في تعذيبي بوجود الغرباء، والموضوع تكرر بشكل كبير ولا فائدة لا بالكلام الجميل ولا بالضرب.

تكره أختها التي أصغر منها، تتذمر منها ومن مرافقتها للمدرسة، لا تحب الجلوس بجانبها في الباص، تقف مع الغريب ضد أختها، تعاندني كثيرا في موضوع الصلاة، وأنه ليس من الضروري أن تصلي.

أشعر أن قلبي يموت من كثرة الجدال معها، لا أجد وقتا أو مجالا للحنو أو العطف عليها، وقتي كله شجار ومشاكل معها، يشهد الله أني أحاول ولكن لا أحد يصدقني أن الأسلوب اللطيف لا يجدي معها نفعا، ودائما تتهمني بأني أم سيئة وأضربها.

أنام وأستيقظ وأنا منزعجة منها، دائما الأولوية لها ولأغراضها، والشيء الثمين لها، والقسم الأكبر يجب أن يكون لها، تريد أن تأخذ كل شيء من أخواتها.

أرجوكم ساعدوني، أخذت الكثير من الأدوية النفسية، مثل دوجماتيل، ديانتيكس، زولوفت، تريبتزول، سيروكسات، ولم أتحسن، أشعر أني أشتعل من الغضب والانفعال، زوجي أيضا عصبي جدا ويضربها، ومعاملته سيئة لي من حين لآخر، يتهمني بالتقصير والفشل في تربيتها، وصعب التعامل معه، أخاف منه وحذرة منه دائما.

لدي غيرها بنت 6 سنوات وولد 3 سنوات، كيف أتعامل معها؟ وصلت لمرحلة أكرهها وأكره حياتي، لا أحب أن أقبلها أو أعانقها، أشعر بالألم منها وأحزن عليها وأخاف على مستقبلها، وأشعر بالفشل كأم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ razan حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا شك أن تعنيف الطفل هو نوع من الامتهان السيء جدًّا، ويكسر من همَّة الطفل ويجعله أكثر تمرُّدًا، ولا يُساعد أبدًا في تطويره من الناحية الوجدانية أو على مستوى الشخصية، فالضرب أسلوب مرفوض ومرفوض تمامًا، وهذه حقيقة، وبكل أسف الذي لاحظته أن حالتك الانفعالية هي التي تُحدِّد متى سوف تضربين الطفلة أو لا تضربينها.

مهما كانت الطفلة استفزازية -كما ذكرتِ - فالطفل لا يقصد أن يستفِزَّ الآخرين، الطفل كثيرًا ما تكون له مطالب، أو له منهجيته الخاصة، أو ليس مُدركًا لكيفية التعبير السليم، ومهمتنا نحنُ ككبار أن نُعزز سلوكه الإيجابي، أن نتجاهل السلبي، أن نوبِّخه في حدود المعقول حول سلوكه السلبي، لكن يكون التركيز على الجوانب الإيجابية وتعزيزها.

أنا أرى من المهم جدًّا أن تُلاعبي طفلتك، انزلي إلى مستواها، اعتبري نفسك أيضًا أنت في نفس عمرها، وقومي ببعض السيناريوهات التربوية عن طريق العلاج باللعب، هذا مفيد جدًّا، وقد وجد علماء السلوك أنه من أفضل الوسائل.

دعيها مثلاً تدخل معك المطبخ في بعض الأحيان، وتعدّ كوبًا من الشاي أو كيكا أو شيئا من هذا القبيل، بهذه الكيفية تُوجِّهي طاقاتها التوجيه الصحيح.

الأمر الثاني: اجعليها تتولَّى بعض المسؤوليات حيال إخوتها الأصغر منها، هي تُريد أن تُثبت ذاتها من خلال الاحتجاج والصراخ والاستفزاز كما ذكرتِ، هذه الطاقات يمكن أن نوجِّهها بصورة أفضل.

توجد كتبٌ جيدة في التربية منها كتاب الأخ الدكتور مأمون مبيض، والذي يُسمَّى (أولادنا من الطفولة إلى الشباب)، لو حصلتِ عليه، حاولي أن تطلعي عليه وتطبقي المناهج السلوكية المذكورة فيه، لكن ما ذكرته لك هو الجانب الأهم.

أيضًا أن يضربها والدها أعتقد أن هذا أمرٌ خاطئ جدًّا، الطفلة سوف تحسّ بأنها مرفوضة، بأنها ملفوظة، وسوف يزداد تمرُّدها ويُكسر هِمَّتها، كما ذكرت ذلك لك.

أيتها الفاضلة الكريمة: هذه الطفلة ربما يكون لديها علَّة، وهي علَّة زيادة فرط الحركة، وهذا مرض، يُعرف أن بعض الأطفال يُعانون منه، فأرجو أن تعرضوا هذه الطفلة على مختصٍّ في الطب النفسي للأطفال، أو طب الأطفال مع التخصص في طب الأطفال العصبي.

زيادة فرط الحركة علَّة معروفة، وهنالك أدوية فعّالة جدًّا لعلاج مثل هذه الحالات، فأرجو أن تعرضوها على الطبيب حتى لا نكون قد قصَّرنا في حقها، أنا أشك كثيرًا أنها بالفعل تعاني من علة زيادة فرط الحركة.

بالنسبة لك - أيتها الفاضلة الكريمة -: لا بد أن يكون هنالك نوع من المتنفس النفسي الإيجابي، هذه الذُّرِّية نعمة عظيمة، فكيف نعتدي عليها، وكيف نقسوا عليها؟ كم مَن حُرموا من الذُّرية من الناس؟ وابنتك الآن أصبحت في مراحل الطفولة المتأخرة، وسوف تبدأ في الإدراك والمعرفة، ومنهجك التربوي لا بد أن يكون منهجًا مُحفِّزًا ومسالمًا ومُشجِّعًا لها.

فاحرصي على ذلك، ولا تتعاملي معها أبدًا بقسوة، لأن هذا منطق مرفوض، وحين تكوني في فورة غضبٍ أرجو أن تتجنَّبيها وتبتعدي عنها، هذا أفضل كثيرًا، وحاولي ألَّا تُطبقي، أو تندفعي بانفعالاتك السلبية نحوها بالضرب وخلافه، التجنُّب أفضل في مثل هذه الحالات.

أما بالنسبة لك من حيث العلاج الدوائي، فأنا لا أرى بأسًا في أن تتناولي جرعة من عقار (سبرالكس)، وهو يُحسِّن المزاج، وفي ذات الوقت قد يُساعدك بصورة جيدة في التحكُّم في وجدانك وتجنب الاندفاعات والدفاعات السلبية، الجرعة المطلوبة في حالتك هي جرعة صغيرة، ابدئي بنصف حبة - أي خمسة مليجرامات - يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها خمسة مليجرامات يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرامات يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً