الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من القولون العصبي كالغازات والألم، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم

أكتب لكم مشكلتي وأتمنى أن تنظروا إليها كمسألة ضرورية جداً وخاصة، فأنا مصابة بابتلاء عظيم.

أنا فتاة عشرينية، ومنذ المراهقة بدأت عندي أعراض القولون العصبي، كالغازات والألم، وهذه الأعراض زادت إلى حد أصبحت حياتي لا تطاق! هل تعلمون أين أقضي جل يومي؟ في دورة المياه، نعم!

أعاني لدرجة أني أحتاج الذهاب إلى الحمام كل ساعة، وعند دخولي أقضي وقتاً طويلاً، وهذا ليس بإرادتي وليس وهماً، فأنا أشعر بحاجة ملحة للتغوط، إلى حد لا أستطيع الاحتمال، فأذهب إلى الحمام ولا يمكنني التخلص من هذا بسرعة، فأقضي وقتاً طويلاً!

هذا الأمر يتكرر كل ساعة في الأيام العادية، أما إذا أكلت شيئاً من مهيجات القولون فإنني أقضي كل دقيقة بهذا الألم.

أنا أتحسر على نفسي وعمري بسبب هذا، وأنا أتغيب عن العمل وأختفي أثناء ساعة العمل، مما يثير استهجان من حولي أرفض الزواج تماماً! فكيف لعروس أن تترك منصتها عدة مرات لقضاء حاجتها؟! وكيف لي أن أكون أماً وأنا بهذا الحال؟!

اتبعت الحميات وأخذت المسكنات ولم تُجدِ نفعاً! وأجريت جميع الفحوصات والمنظار والنتائج كانت سليمة، مما جعل الطبيب يؤكد أن هذا قولون عصبي.

أعلم أن القولون العصبي يزداد سوءاً مع التوتر، وكيف لي أن لا أتوتر وأنا أشعر بالحاجة لقضاء حاجتي دوماً، وكما قلت: هذا ليس وهماً، أي أني أذهب إلى دورة المياه، وأتخلص من الفضلات، ثم أعيد الكرة، ولا أستطيع المقاومة، فإذا قاومت أصدرت بطني أصواتاً عالية جداً، وأصبح التحكم بالغازات بغاية الصعوبة.

إنني متعبة جداً ومنهكة في كل صباح، عندما أستقيظ أحاول أن أكون إيجابية وأعد نفسي بأني سأتخلص من هذه العلة، لكنها ما زالت مستمرة بل وتزداد سوءاً للحد الذي جعلني منعزلة نوعاً ما.

هل من الممكن أن يكون لهذا الشيء شأن بالسحر؟ علماً أني أتعرض للجاثوم بشكل شبه يومي، وأحلم بالجن، وأعاني من الأرق، وفي فترة صرت أتكاسل عن الصلاة، مع أني كنت شديدة الحرص عليها.

أنا متعبة جداً ومنهكة، وأفكر ماذا لو حصل ظرف يمنعني من دخول الحمام كل ساعة، كيف سيكون حالي؟! أرجوكم أنقذوني فأنا متعبة جداً، وأصبحت في نظر الناس كسولة ومهملة ومنعزلة، ولكنهم لا يعلمون ما أعانيه، وما أعيش فيه، ويظنون كثرة ذهابي للحمام هو وهم!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ علياء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

بالفعل حالتك مزعجة لك، لكن -إن شاء الله تعالى- ليست خطيرة، أنا أعتقد موضوع الذهاب إلى الحمام بالكثرة التي ذكرتها هو سلوك وسواسي، نعم بدايته قطعًا هي مشكلة الإصابة بالقولون العصبي والحاجة والشعور بقضاء الحاجة بصورة ملحة ومتكررة، هذا الإلحاح وهذا الاستحواذ هو الجانب الوسواسي.

إذاً بالفعل الذي تقومين به نوع من الطقوس والأفعال الوسواسية الثانوية، أي بمعنى أنه لها مسبِّب، وفي حالتك هو تهيج القولون العصبي.

أيتها الفاضلة الكريمة: قطعًا - كما ذكرتِ - أن هذا الفعل يُعطِّل حياتك من نواحي كثيرة، وهو سلوك مكتسب ومتعلَّم، ليس سلوكًا فطريًا، وكل ما هو مكتسب ومتعلَّم يمكن التخلص منه من خلال التعلُّم المباشر.

لا بد أولاً أن تعرفي أن هذا السلوك ليس سلوكًا صحيحًا، أنك لست في حاجة للتردد على الحمام بالصورة والكيفية التي ذكرتِها لقضاء حاجتك، أن هذا اندفاع وسواسي، والاندفاع الوسواسي يُعالج من خلال المقاومة والتحقير وعدم الاستجابة له.

في بداية الأمر - أي حين تبدئين المقاومة للذهاب للحمام - سوف تحسِّين بقلق شديد، لكن بالإصرار على الإحجام من الذهاب إلى الحمام سوف يبدأ القلق في الانخفاض حتى يختفي تمامًا إن شاء الله تعالى.

أنت محتاجة لعلاجات نفسية، لا شك في ذلك، لأن القولون العصبي أصلاً هو عُصابي، يعني مرتبط بالقلق، وفي حالتك القلق واضح ومهيمنٌ جدًّا، فأنت تحتاجين لأحد الأدوية المضادة للقلق والتوتر والوسوسة، ومنها عقار (سيرترالين) والذي يُسمَّى تجاريًا باسم (زولفت)، وتحتاجين أيضًا لأحد مضادات القلق مثل الـ (ديناكسيت)، أو الـ (بسبار)، أو الـ (فلوبنتكسول).

من أفضل وسائل العلاج ممارسة الرياضة - رياضة المشي، رياضة الجري، أيِّ رياضة تناسب الفتاة المسلمة - سوف تجني منها خيرًا كثيرًا جدًّا.

العلاج الثالث هو تطبيق تمارين الاسترخاء بكثافة، وإسلام ويب أعدَّت استشارة رقمها (2136015)، أرجو الرجوع إليها وتطبيق هذه التمارين، وسوف تجدين فيها إن شاء الله تعالى منفعة كبيرة جدًّا بالنسبة لك.

الخطوة العلاجية الرابعة هي صرف الانتباه، من خلال الانسجام الاجتماعي المتواصل، وأن تكون لديك أنشطة على مستوى الأسرة، وعلى مستوى التواصل مع الصديقات، أن تحرصي في صلاتك ولا تتركي أي ثغر للشيطان، أن تنامي النوم الليلي المبكر، أن تنظمي من وقتك، أن تكون لك أهداف وآمال وطموحات في الحياة، وتضعي برامج معيَّنة تُديرين من خلالها وقتك.

هذا كله إن شاء الله تعالى علاج، فسيري في هذا السبيل وهذا الطريق، وأنا متأكد أن نتائج العلاج سوف تكون رائعة ورائعة جدًّا، وسوف تتغيّر إن شاء الله مفاهيمك حول الزواج والأمومة وكل ذلك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً