الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخشى السرطان بعد أن أصيبت به والدتي، فكيف أتجاوز هذا الخوف؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عمري 29 سنة، متزوج وأب، أعاني من الخوف من مرض السرطان، حيث أصيبت والدتي بسرطان الثدي، وهي الآن تتماثل للشفاء، لكني كنت خائفا عليها، ثم صرت أعاني من نوبات هلع وأحس أني سوف أموت.

راجعت طبيبا نفسيا، لكني لم أستفد، أتردد كثيرا على الأطباء لأية وعكة صحية، وأشعر أنه مرض خطير، وصرت أميل للوحدة، ولا أستطيع القيام بشيء، وأبكي كثيرا، لدرجة أني وصلت مرحلة الجنون.

أرجوكم أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى لوالدتك العافية.

من الواضح أنك بار بوالديك، وشدة محبتك وشفقتك على والدتك أدخلتك في حالة قلق المخاوف هذه التي تعاني منها، وقطعًا أتتك بعض الوساوس وشيء من عُسر المزاج، إذًا أنت تتفاعل تفاعلاً إنسانيًا لكنه بالفعل قد يكون أكثر من النِّطاق المتعود عليه، يعني دخلت فيما نسمِّيه بعدم القدرة على التكيف، لم تستطع أن تتكيَّف مع ظروف الوالدة ممَّا كان له هذه التبعات السلبية عليك، وربما يكون في الأصل لديك ميولا للقلق والمخاوف والوسوسة، هنالك بعض الناس بحكم تركيبتهم النفسية والفسيولوجية تجدهم ميَّالين نحو القلق، نحو الخوف، ونحو الوسوسة، وربما يكون أيضًا شخصياتهم تحمل سمات الحساسية المفرطة.

عمومًا: -إن شاء الله تعالى- هذه علَّة بسيطة، أنا أريدك أن تتفهّم تمامًا أن التغيير يأتي منك -أيها الأخ الكريم-، ولا بد أن تعمل، العمل مهمٌّ جدًّا، حتى وإن كانت رغبتك غير موجودة تمامًا، حتى إن افتقدتَّ الدافعية، أبْذِلْ جُهدًا لتقنع نفسك بأهمية العمل، والنفس إذا تركناها على هواها لن نتقدَّم خطوة واحدة، لأنها تُحبُّ الدعة والراحة والكسل، والنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، فادفع نفسك نحو العمل، أنت رجل صاحب أسرة، ورجل -الحمد لله تعالى- تُميِّز ما بين الخطأ والصواب، وما يفيدك وما لا يفيدك. فأنا أرجوك أن تدفع نفسك نحو العمل.

الأمر الآخر: والدتك -الحمد لله تعالى- بخير، و-الحمد لله- العلاج -بالنسبة لسرطان الثدي- تقدَّم جدًّا، وعليك أن تسأل الله تعالى وأن تدعو لها، لأن الدعاء هو سلاح المؤمن، اسأل الله تعالى أن يعافيها وأن يشفيها، وأن يكتب لها تمام العافية، ودوام العافية، والشكر على العافية، وادعُ لنفسك أيضًا، يحفظك الله ويحفظ أولادك وذُرِّيتك، وحافظ على صلواتك.

ومن المهم - أخي الكريم - أن تتواصل اجتماعيًا، أن ترفّه على نفسك بما هو طيب وجيد، عش الحياة بهذه القوة، هذا مهمٌّ جدًّا، وأنا أرى أنه من الأفضل لك أيضًا أن تحرص على ممارسة الرياضة، هذا يغنيك تمامًا من التردد على الأطباء، واحرص على النوم الليلي المبكر، وحاول أن تستفيد من فترة الصباح، لأن البكور فيه خير كثير، وكل الهرمونات الدماغية الإيجابية تُفرز في فترة الصباح؛ العلم الحديث أثبت ذلك وبما لا يدع مجالاً للشك.

أيها الفاضل الكريم: لا مانع أن تتناول أحد الأدوية التي تزيل قلق المخاوف وتساعدك في هذا السياق. دواء (مودابكس) هكذا يُسمَّى تجاريًا في مصر، وله مسميات تجارية أخرى منها (زولفت) و(لسترال) ويُسمَّى علميًا (سرترالين) سيكون هو الأفضل في حالتك، ابدأ بنصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجرامًا - ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة ليلاً، وهي جرعة كافية بالنسبة لك، وهي جرعة صغيرة، تناولها لثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلاً لأسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لأسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء دواء سليم، و-إن شاء الله تعالى- يُساعدك كثيرًا، خاصة إذا طبَّقت الإرشادات السلوكية السالفة الذكر، وإن استطعت - أخي الكريم - أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا أيضًا فيه خير كثير لك -إن شاء الله تعالى-.

وللفائدة راجع علاج الخوف من الأمراض سلوكيا: (263760 - 265121 - 263420 - 268738).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الإمارات فاطمة

    والله حاسة فيك فأنا من فترة طويلة لا أفكر بشيء ثاني غير مرض السرطان، لأن أكثر من شخص من معارفي أصيبوا بهذا المرض وبعضهم توفى بسببه، أسأل الله العفو والعافية

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً