الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حدث خلاف بيني وبين خاطبي بسبب تفتيش الجوال، فهل أتركه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عمري 27 سنة، ومخطوبة منذ ثلاث سنوات من زميل لي في الجامعة، وكان بيننا ارتباط بعلم والدتي قبل الخطبة بأربع سنوات، ثم تقدم لخطبتي، مع العلم أنه جاء ثلاث مرات لخطبتي أثناء هذه السنوات، ولكن والدي كان يرفضه؛ حتى يتم التخرج ويلتحق بالجيش، وفعل ذلك وتمت الخطبة، فهو إنسان خلوق، ومحترم، وطيب وحنون، ويصلي في الجامع، فهو يقودني إلى الخير والتقرب إلى الله -ولله الحمد-، ولكن المشكلة تأتي في اختلافاتنا كثيرا فتحدث مشاكل كثيرة بيننا على أشياء بسيطة وصغيرة، ولكنه يكبرها ولا يفوت الأمر سريعا، عيبه أنه عصبي وسريع الغضب من أقل شيء، ويأخذ وقتا كثيرا حتى يعدي هذه المشكلة ويرجع كما كان، ويعود علي باللوم والمحاسبة بهدف أنه يعلمني كي لا أضايقه مرة أخرى، ولكني كنت أجادله كثيرا وأرفض هذه المعاملة، وهذا ما كان يضايقه أكثر.

الآن حدثت مشكلة بيننا فقد كان في بيتنا وكنا نشاهد على هاتفه المحمول صورا لأشكال النجف، وعندما كان يقلب الصور ظهرت صورة لفتاة شبه عارية فسألته ما هذا؟! قال لي: لا أعرف هي تحملت من مجموعة الواتس أب تابع للشغل (شغله في محل للموبايلات) وليس مني، فمن الممكن أن يكون أحد أفراد المجموعة أرسلها لشخص آخر وهي تحملت على جهازي تلقائيا، أنا أعلم هذا الكلام ولكن كيف أصدقه وأثق فيه مرة أخرى أنه لا يشاهد مثل هذه الصور؟ وأنه لا يوجد صور أخرى على جهازه، أو أنه يكلم بنات أو ما شابه ذلك، قلت له امسحها الآن ولو تحملت مرة أخرى امسحها على الفور، وبالفعل مسحها أمامي ولكن كلامه كان متعصبا وغاضبا ويتحجج بأنني آمره، مع أنني كنت أكلمه بكل هدوء؛ لأن أهلي كانوا أمامي ولا أريدهم أن يسمعوا ما يحدث بيننا، مع العلم أنني لم أثبت عليه مثل هذا من قبل لأنه لا يتركني أفتح موبايله نهائيا، ولا يسمح أن أمسكه أبدا، ولكنه سامح لنفسه أن يمسك موبايلي ويفتش فيه، وكنت أعترض ولكنه ويقول لي: لماذا لا تريديني أن أفتحه، ولا تقارني نفسك بي.

أنا استخرت الله كثيرا في هذه الخطبة وما زالت، ولكن لا يحدث شيء من الانفصال أو فسخ الخطبة ولا حتى تغير شيء في مشاعري تجاهه بالكره أو عدم القبول، بل بالعكس بيننا قبول وحب وارتياح حتى بعد المشاكل، ولكن أنا بدأت أقلق كثيرا وخائفة من الزواج، ولا أعلم ماذا سيحدث بعد الزواج من كثرة المشاكل لعدم اتفاقنا وهكذا، ولكننا نريد بعضا وبعد كل خلاف ننسى كل شيء، ولكنني أشعر أن هذه المشاكل هي تحذيرات وإشارات من الله أنه غير راض عن الخطبة.

أنا محتارة كثيرا، وأحس بضيق وملل، وأبكي كثيرا، مع أنني والحمد الله أقرأ القرآن، وملتزمة بقيام الليل كل يوم، وأحيانا أصوم الاثنين أو الخميس، ومواظبة على الأذكار الصباح والمساء والنوم والاستغفار والتسبيح، ولكن لا أعرف لماذا أشعر بالضيق الذي بداخلي والإحباط والكآبة، وأفضل أن أكون دائما وحدي ولا أكلم أو أختلط بأحد، فأنا أحاول أن أخفي هذا من أجل أبي وأمي؛ حتى لا يحزنوا علي، أريد استشارتكم كواحدة من بناتكم ماذا أفعل في هذا الأمر؟ وكيف أتصرف بالشكل الصحيح مع خطيبي حتى لا يدني بشيء أو أسلوب خطأ ينقلب ضدي؟

أنا أبحث عن الاستقرار والستر والزواج الناجح ورضا الله وتيسيره لنا في حياتنا، فأنا أدعو الله كثيرا وأتمنى أن يرضى عنا ويبارك لنا، أتمنى أن تكون الأيام القادمة بخير وأعيش طبيعية، وأستطيع أكون زوجة صالحة وناجحة في بيتي بدون كثرة المشاكل والخلافات،أدعو لي كثيرا في ظهر غيب.

جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمنية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختي الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
هذا الشاب لا يزال أجنبيا بالنسبة لك، وعليه فكيف تستجيزين الكلام معه والأخذ والعطاء والخناق وربما كلمات الحب والاختلاء والدخول والخروج.

طول مدة الخطبة تسبب الكثير من الخلافات بينكما بسبب أن كلا منكما يريد يملي على الآخر ما يريد خاصة وأنه لا يوجد أي رابط فيما بينكما يجعل المرأة تسمع وتطيع لزوجها، ويجل الزوج يتسامح ويغض الطرف عن زوجته.

ما بينكما من العلاقة خارج عن إطار الزوجية مخالف للدين، ولذلك فما تحصل بينكما من المشاكل هو عقوبة ربانية ونتاج طبيعي للمخالفة للشرع.

أنصحك بالتسريع في موضوع كتابة عقد الزواج، ومن ثم بعد مدة يسيرة الزفاف ما لم فاقطعي تواصلك معه، وليبق خطيبا لك حتى يكون جاهزا للزواج.

الأصل في التعامل بينكما الثقة لا الشك والريبة، والزواج لا يعني أنه لا يبقى لكل طرف خصوصياته فالتفتيش في أجهزة الهاتف طريقة غير صحيحة، بل هي من أكبر أبواب الشيطان الرجيم لزعزعة الثقة بين الزوجين وصولا إلى كثرة المشاكل ومن ثم الطلاق.

أوصيك أن تكوني حريصة على توفر الصفات التي ينبغي أن تكون في شريك حياتك وأهم ذلك الدين والخلق، كما أوصانا نبينا عليه الصلاة والسلام بقوله: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، فالدين والخلق صفتان متلازمتان لا تنفكان أبدا وهما صمام أمان للحياة الزوجية السعيدة، وصاحب الدين والخلق إن أحب زوجته أكرمها وإن كرهها سرحها بإحسان.

صلي صلاة الاستخارة وادعي بالدعاء المأثور قبل أن يتفق والدك مع خطيبك على المهر وتوابعه، ثم وكلي أمرك إلى الله ليختار لك ما يشاء سبحانه فإن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه.

إن سارت الأمور بيسر وسهولة فذلك دليل على أن الله اختاره ليكون زوجا لك، وإن تعسرت وكثرت الخلافات وانسدت الأبواب فهذا يعني أن الله صرفه عنك.

كل شيء يسير في هذا الكون وفق قضاء الله تعالى وقدره، فكوني على يقين من ذلك، فمن كان مقدرا أن يكون زوجا لك فسيكون ومن لم يكن في قدر الله زوجا لك فمهما بذل وبذلت من أجل أن يكون فلن يكون فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

السعادة تكمن في توثيق الزوجين صلتهما بالله مع الاجتهاد في تقوية إيمانهما من خلال الإكثار من العمل الصالح وهذا ما وعد الله به يقول تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

كوني على يقين أن المشاكل بين الزوجين لن تنتهي وستحصل في أول عمر الزواج لكنها ستتلاشى -بإذن الله- وستقل فيما بعد نظرا لفهم كل طرف للآخر، ولن تستقيم الحياة مع المحاسبة الشديدة لكل صغيرة وكبيرة، ولكنها تستقيم بغض الطرف عن كثير من الزلات والهفوات والأخطاء، فغض الطرف خلق رفيه لا يتخلق به إلا الكبار.

الذنوب تحرم العبد من الرزق كما قال عليه الصلاة والسلام: (وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه)، والمخالفات الشرعية تجلب للعبد الشقاء يقول تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ ).

الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة عل النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة وسلي الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك، وأكثري من دعاء ذي النون فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).

أكثري من تلاوة القرآن الكريم، وحافظي على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك يقول تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

نسعد بتواصلك ونسأل الله لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • اليابان نور

    الأخت صاحبة الرسالة الكريمة،
    اعذريني على التدخل وخاصة بعد ان اتتك اجابة من المختصين جزاهم الله خيراً ولكني وكفتاة قصتها تشبه لحد كبير قصتك أريد أن أشاركك ما حدث معي علك ترين شيئاً ما يريح قلبك في هذه المشكلة

    أنا كنت على قدر قليل من الالتزام للأسف سابقاً وقد تعرفت على شاب وسرعان ما اتفقنا على الزواج وأعلمت والدتي بالموضوع وكنت استخير طويلا وظلينا بعلاقة وتواصل لمدة سنتين وهو يحضر نفسه واسرته كي يخطبني وقد تعرفت على اهله وكل هذا قبل الخطوبة الحقيقة.. تقدم لي ووافق والداي نظراً لاقناعي لهم به وقد تمت الخطوبة وحصل بعدها مباشرة ان سافر
    انا طوال فترة معرفتي به وقبل وبعد خطبتي وانا اقوم بالاستخارات ورغم تاخر الخطبة الا انها تمت وكانت على اتم ما يرام وقد سعدت بها جداً وكان أهلي يحبونه جدا ولكن كانت تحدث الكثير الكثير من الخلافات بيننا طول فترة معرفتنا ببعضنا وعلى اتفه الامور احيانا ولكن كانت ثقتي بان الله قسمه لي تجعلني اصبر واقنع نفسي بحجج كثيرة انه نصيبي وعلي ان اتقبل كل شيء وكنت احبه بصفة كبيرة
    طالت فترة الخطوبة لمدة سنتين وعن بعد وكان يرفض دائما كتب الكتاب وانا اقول في نفسي الحق معه كوننا بعيدين عن بعض فلن يقدم ولن يؤخر كتب الكتاب بشيء ولم اعتقد يوما ان هذا هو تعطيل من الله للموضوع
    وقد زادت الخلافات بعد الخطوبة بسبب البعد وانا استمريت بالاستخارات الا ان الموضوع لم يتقدم ولم يتأخر إلى أن شاء الله ان يهديني والتزمت اكثر من قبل وهو من أسرة ملتزمة عموماً ويحافظ على صلاة الجمعة رغم عدم التزامه الكبير بالصلوات اليومية (مثلي سابقاً) وانا قررت ان اغير حياتي بشكل جذري وملابسي وعلاقاتي وانشطتي الاجتماعية وكنت اعلمه بكل شيء الى ان قررت اخيراً ان اخفف التواصل معه وكنت اخبره ان هذا كله كي ييسير الله لنا ويجمعنا بعد كل هذه السنوات ولم اشك يوماً ان الله لا يريده لي لأنه لو اراد منعه عني لكان ابعده منذ البداية.. ولكن كان لله حكمة
    ما إن بدأت بالالتزام حتى بدأ يبتعد شيئاً شيئاً عني بحجة انه لا داع لنا ان نلتزم اكثر فالله يوفقنا بكل الاحوال!! فهو ناجح في عمله ومحبوب من قبل المجتمع ومن حوله ويقوم بالخير ويساعد الناس ويهتم كثيرا جدا براي الناس به ومحبتهم له.. وما كان منه إلا ان اراد الانفصال عني بسبب التزامي وبكثير من الحجج الواهية التي كان يضعها وواجه اهلي بها واستغربو اشد الاستغراب فهم من رضوا فيه وهو من شهادة اقل مني ومن سوية اجتماعية اقل .. رضوا به لرغبتي فيه ولاعتقادهم انه رجل يتحمل المسؤولية وسوف يكون سنداً لي في حياتي.. ولكن وبعد 4 سنوات من معرفتي به وبعد الخطوبة بسنتين ظهرت الامور التي لم نكن ننتبه لها مثل انه بدأ يخجل بي كوني انتقلت من حالة الالتزام القليل والاهتمام بالمظهر الخارجي كثيراً إلى فتاة ملتزمة لها توجه مختلف تماماً ولم يعجبه هذا الموضوع

    الذي اريد ان اقوله لك الا تؤمني بان الاستخارة سوف تعطيكي اجابات سريعة.. ليس بالضرورة ممكن ان تكون سريعة وممكن ان تحتمل وقتاً طويلا لكي يعلمك الله درساً ولغاية انت نفسك لا تعلمين بها ربما
    ونصيحتي لك ان تلتزمي بطريق الله وان تضعي حدوداً حقيقية بينكما فلو كان يحبك بصدق ولو كان فعلاً هو نصيبك قد يعجل الله لكما وان لم يكن فسوف يرزقك الله بابعاد من هم ليسوا خيرا لك
    إن ربنا يحبنا وعندما يبعد عنا اشخاصاً معينين قد يكون مكافأة لنا وفي حال لم يكن هذا الشاب نصيبك فلا تحزني أن الله لم يبعده قبلاً عنك بل قولي أن الاستخارة في الحقيقة يجب ان ترتبط بالتزام حياتي كامل بكل الفروض ووضع رضا الله فوق اي بشر .. وان لم نكن كذلك فمحتمل ان الاستخارة لن تجاب بوقتها وسوف يمهلنا الله ويعطينا فرصاً ان نتقرب منه

    أنا اندم اشد الندم على كل مرة خرجت معه قبل الخطوبة والتعارف قبلها الذي ادى مع طول المدة الى خلافات واعتياده علي وعدم تقديره لي وذلك كله بسبب انني كنت متاحة دائما قبل الزواج للتواصل والحديث والخروج ولم يردعني كونه اجنبي عني.. بل كنت اقول انني اريد ان يصير زوجي وهو كذلك وانا ادعو الله فما الضرر!! ولكن الله امهلني كي يقربني منه اكثر ربما ثم ابعده عن طريقي
    انا الان انفصلت عنه منذ اقل من شهر وانا اكبر منك بسنتين وصدقيني من الصعب جداً ان امر بهذه التجربة وبهذا العمر ولكن قدر الله وماشاء فعل والحمدلله على كل حال

    توبي الى ربك ولا تدعي الشيطان يبسط لك الامور فالشرع واضح وان رغب هو عن الشرع عندما ترغبين بالالتزام به فهو ليس اساسا بالشخص الذي سيعينك في دينك وحياتك وان رضي بالحدود بل قدرها واحترمها سوف يحبك ويحترمك اكثر من ذي قبل ويفخر بك امام الناس ويحترم المسافات وتوبتك الى الله وسوف ييسير الله لكما ما فيه الخير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً