الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخشى من قيادة السيارة لكنني مجبرة على ذلك، كيف أتخلص من ذلك الخوف؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا سيدة، مشكلتي باختصار أنني بدأت بتعلم القيادة منذ 5 أشهر تقريبا، لكن عندي خوف شديد جدا من الحوادث الكارثية، هذا الخوف عندي منذ فترة طويلة قبل أن أبدأ بتعلم القيادة، أخاف جدا على أهلي وأحبابي من الحوادث، وما تسببه من مآسٍ، قلقة جدا عليهم طوال الوقت، وهذا سلب مني متعة الحياة، وأحس باكتئاب وضيقة قوية عندما أسمع خبر حادث سير.

الآن أنا مجبرة على تعلم القيادة لأقوم بأموري وأمور أطفالي، لكن ما يخيفني هو أنني ربما أتسبب -لا قدر الله- بمكروه لهم، وأحس بتأنيب الضمير طوال حياتي، الأمر سيكون أهون بكثير علي إذا كنت أنا الوحيدة في السيارة، مما يزيد الطين بلة أنني أسكن في مدينة كبيرة، والسائقون متهورون ولا يحترمون الآخرين، أريد التغلب على هذا الأمر، وهو الخوف من الحوادث سواء على نفسي أو أطفالي وأسرتي، وخوفي الدائم من مصائب الدنيا وفواجعها يعكر صفو حياتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الخوف أساسه ومكونه النفسي الرئيسي هو القلق، والقلق ليس كله طاقة سلبية، على العكس تمامًا هنالك نوع من القلق مطلوب، وحتى نوع من الخوف مطلوب، لأن الذي لا يقلق لا ينجح، والذي لا يخاف لا يحمي نفسه، فدرجة معقولة من القلق والخوف الإيجابي جيدة ومفيدة من أجل أن يتحوط الإنسان، خاصة في قيادة السيارة، ومعظم المتهورين -كما تفضلت وأشرت إلى ذلك- نجد أن درجة القلق لديهم بسيطة جدًّا، ولا يُقدِّرون لا حياتهم ولا حياة الآخرين، هذه قطعًا إشكالية، لكن هذه الفئة قليلة، ولا أراهم أبدًا أكثرية ننزعج لها. كل المطلوب منَّا حين نقود السيارة هو أن نحترم الطريق، أن نحترم بقية السائقين، وأن يتجنب الإنسان قيادة السيارة وهو مُجهد، هذا أمرٌ مهمٌّ جدًّا.

والأساسيات المعروفة كالنظر في المرآة وعدم تغيير المسار، وحفظ مسافة بينك وبين السيارة الأخرى، هذه أساسيات، بكل أسف لا يُطبِّقها كثير من الناس، لماذا نجد حوادث السير أقل كثيرًا في الدول الغربية مثلاً؟ لأن الناس تحترم هذه القوانين وهذه الأسس، أما في بلداننا بكل أسف هنالك أقلية لا تحترم الإجراءات المرورية الصحيحة والمطلوبة، لكن حين نحترمها نحن -الذين نعتبر أنفسنا أكثر عقلانية- هذا قطعًا سوف يُقلِّل من فرص حدوث الحوادث.

هذه المقدمة مهمَّة -أيتها الفاضلة الكريمة- وهي رسالة علاجية لك أيضًا، فالخوف مطلوب، والخوف موجود، في كل موقف يريد الإنسان أن يؤدي فيه عملاً يتطلب نوعًا من الجهد الذهني والعقلي والجسدي، لكن أتفق معك أن الخوف والقلق والوساوس حين تزداد عن نطاقها المقبول تكونُ مُعيقة.

درجة الخوف لديك مخلوطة بشيء من الوسوسة، وهذا واضح جدًّا، حيث إنه يحدث لك نوع من الاسترسال، ويأتيك هذا الوسواس والخوف من أنك -لا قدَّر الله- ربما تكونين أنت السبب في إصابة الآخرين أو أطفالك بمكروه: هذه وسوسة، المطلوب منك هو أن تطبقي ما ذكرت لك من تحوطات، وأن تحرصي على دعاء الركوب، دعاء عظيم، يعطيك شعور بالأمان، وبالحفظ -بإذن الله تعالى-.

والدعاء عامَّة هو سلاح المؤمن، في كل وقت، ما بعد الصلوات، عند السجود، أذكار الصباح والمساء، أذكار قبل النوم، أذكار الاستيقاظ، أذكار الدخول والخروج، هذه الأذكار حقيقة تبعث طمأنينة عظيمة جدًّا في النفس، فلا تغفلي عنها أيتها الفاضلة الكريمة.

وعليك بالإكثار من سواقة السيارة في شوارع مختلفة، هذا أيضًا يعطيك ثقة كبيرة جدًّا في نفسك، وطبِّقي بعض تمارين الاسترخاء، تمارين التنفُّس التدريجي تساعد على إزالة الوساوس والمخاوف القلقية، لا أعتقد أن الأمر يتطلب استعمال دواء، على الأقل في هذه المرحلة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً