الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حياتي مليئة بالنعم لكني دائما حزينة قلقة خائفة موسوسة!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

شكراً لكم، أود استشارتكم في مشكلة تواجهني، وأشعر أنها تزداد سوءاً، وأخاف أن تخرج عن السيطرة.

أنا فتاة في أول العشرين من عمري، كثيرة القلق، فتركيبة شخصيتي هكذا، أمي وأبي أشخاص قلقون، وأنا تربيت في هذه البيئة المتوترة، وللأسف أصبحت مثلهم أتوتر وأخاف كثيراً.

مؤخراً منذ 4 شهور أفكر كثيرا في المستقبل وأخاف منه، دائمة التفكير ما هو الأفضل لمصلحتي، دائما أتخيل الكوارث وأخاف منها، أتذكر الماضي السيئ وإساءات الناس وأضخم المواقف الصغيرة، وأكتئب وأحزن، وأشعر دائما بتأنيب الضمير إذا ضايقت أحدا ما في الماضي، وأحقر نفسي، حياتي مليئة بالنعم، وأموري طيبة، لكني دائما حزينة وأركز هل الأشياء السلبية وأنسى نعم الله، أخاف أن يعاقبني الله على جحودي هذا.

لقد قرأت عن الأعراض التي أعاني منها، وهي القلق الوسواسي، والمخاوف الوسواسية، حيث إن الأفكار تتدفق إلى عقلي وتسيطر على مزاجي وتعكره، مع أنني دائمة الذكر، وخاصة أثناء هذه الأفكار حتى لو فتحت المصحف الشريف، وقرأت منه لا تختفي هذه الأعراض، أصبحت مصابة بالصداع المزمن، -والله- تعبت جدا وحسبي الله ونعم الوكيل.

أصبحت في الفترة الأخيرة لا أنام جيداً ، كنت آخذ سيبراليكس 10 مل بإشراف الطبيب لمدة 3 سنوات، حبة يوميا، وفي فترة الامتحانات كنت أتناول حبتين يوميا، وأوقفته منذ حوالي 6 أشهر.

أفادني الدواء في تخفيف التوتر والاكتئاب الناجم عن القلق، لكن القلق والوساوس لم تذهب كما يبدو.

قبل أن أفكر في الكتابة إليكم كنت أحاول المقاومة والصبر وممارسة أشياء نافعة وسلوكيات تخفف من المشاكل، جربت تمارين الاسترخاء مرة أفادتني، وأحاول الاختلاط بالناس وتحسين علاقاتي، نفعني ذلك -الحمد لله-، لكن الوسواس لا أظنه قد خف.

أنا لا أريد أخذ دواء؛ لأنني أرى أنه ليس ضمانا للمستقبل، أي أن الإنسان قابل للانتكاس إذا مرت عليه ظروف سيئة في المستقبل، هل مفعول الدواء يستمر مدى الحياة؟ أليس من الأفضل أن يحارب الإنسان مشاكله النفسية ليتعلم كيف يتغلب عليها بدلا من أن يأخذ الدواء؟ ما توجيهاتكم؟ هل الدواء لا مفر منه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ GAMA حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فكما ذكرت أنت تعانين من الشخصية القلقة، وهناك أناس شخصياتهم شخصيات قلقية، لهم سمات قلق زائدة، فهم كثيرو التفكير، يتوجَّسون لكل شيء، يُرتِّبون أمورهم، ويتوقّعون الأسوأ، ودائمًا منشغلون بالهواجس والخوف الذي داخلهم، وكما ذكرتِ أنتِ فإن هذا له علاقة بالوراثة؛ إذ أن أبيك وأمك كانا يُعانينِ من هذه المشكلة، والبيئة نفسها - كما ذكرتِ - كانت بيئة متوترة.

أختي الكريمة، العلاج والدواء هنا قد يكون مفيدًا لبعض الوقت، لكن العلاج المثالي ليس في المقاومة، تحتاجين لمساعدة، العلاج المثالي هو العلاج النفسي، تحتاجين إلى جلسات نفسية طويلة لمساعدتك في التغلب على هذا القلق الذي يُصاحبك في حياتك، وإن لم تستطيعي التغلب عليه يمكن أن تتعايشي معه بطريقة لا تؤذيك ولا تنغص عليك حياتك.

فإذًا العلاج هو علاج نفسي في المقام الأول، تحتاجين إلى تواصل مع معالج نفسي وإلى جلسات طويلة أسبوعية قد تستغرق عدة أشهر إن لم تكن سنوات؛ لتغيير أو لتحييد هذا القلق الذي تعيشين معه، والذي أصبح سمة من سمات شخصيتك.

وفقك الله، وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب ahmed

    أختي الكريمة
    أرجو من أن الله ان يشفيك سبحان الله أعاني من نفس الاعراض.ولم أجد الحل سوى اللجوء الى الله.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً