الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منذ سنوات ومعاناتي لم تنته من الوساوس القهرية في الدين، ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم..

منذ 9 سنوات وأنا أعاني من وسواس قهرية في الدين، تحولت إلى اضطرابات نفسية، وأتكلم بها مع نفسي، وخاصة في باب الردة المتعلق بسب الله والرسول عليه الصلاة والسلام والدين، وأندم وأغتسل وأعود إلى نفس الذنب مرات وأتوب منه مرات.

أصبح إيماني عاديا مع أني أصلي، أرشدوني ماذا أفعل؟ كما أنني لم أذهب لأي طبيب لأني عاطل عن العمل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الهموم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فاعلم -وفقك الله-: أن هذا الحزن الذي يُصيبك بسبب خوفك من هذه الشكوك لهو دليلٌ صريح على إيمانك وصدق يقينك، بل إنك مأجورٌ ومثاب -إن شاء الله- على هذا الهم وهذا الجهد الذي تبذله لدفع هذه الخطرات وهذه الشكوك والوساوس.

ولا حرج عليك شرعا منها؛ لأنها حديث نفس وخطرات من الشيطان، والله قد رفع عن هذه الأمة الإثم على ما حدثت بها نفسوها ما لم تتكلم أو تعمل كما ثبت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

بل إن بعض هذه الوساوس إذا صدرت من المؤمن فهي دليل على صدق إيمانه، فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (جاء أناسٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، فقال صلى الله عليه وسلم: وقد وجدتموه؟ قالوا نعم، قال: ذاك صريح الإيمان).

فهذه شهادةٌ من النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن ابُتلوا بهذا الوسواس بأنهم عندما يكرهون هذا الخاطر ويحاولون دفعه عن أنفسهم بأنهم مؤمنون موقنون ليس في إيمانهم خلل يضرهم.

بل إن هذه البشرى النبوية هي خير علاج لهذا الهم وهذا القلق الذي تعيشه بسبب هذا الوسواس، وقد قال تعالى عن الشيطان: (لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [المجادلة:10]. فاعتصم بالله وتوكل عليه، ولن يضرك الشيطان بإذن الله.

كما أن عليك أن لا تلتفت إلى هذه الوساوس وهذه الخطرات، بحيث تظن في نفسك أنك قد وقعت في الكفر أو في النفاق، فتغتسل وتدخل في الإيمان كما تفعل، بل أنت بحمد الله باق على إيمانك وعلى إسلامك، ومحاولتك لدفع هذه الوساوس هي أعظم دليل على ذلك بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم.

كما أن عليك أن تمتنع عن الاسترسال مع تلك الخواطر والوساوس، بل اقطعها مباشرة وتوقف عن التفكير فيها، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم وانفث عن يسارك ثلاث مرات.

وأكثر من قراءة القران والذكر والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن لها آثارا عظيمة في ذهاب الهم والغم والحزن.

كما أن الواجب عليك الابتعاد عن المعاصي والمنكرات، والمحافظة على الطاعات، وتقوية إيمانك؛ فإن كيد الشيطان ضعيف على المؤمنين ولا سلطان له عليهم.

قال سبحانه: ﴿فَإِذا قَرَأتَ القُرآنَ فَاستَعِذ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ۝إِنَّهُ لَيسَ لَهُ سُلطانٌ عَلَى الَّذينَ آمَنوا وَعَلى رَبِّهِم يَتَوَكَّلونَ۝إِنَّما سُلطانُهُ عَلَى الَّذينَ يَتَوَلَّونَهُ وَالَّذينَ هُم بِهِ مُشرِكونَ﴾.[النحل: 98-100].

فلتكن ثقتك بالله وتوكلك عليه كبير، وإن شاء الله يذهب ما بك من أعراض.

ولا تنس الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه والاستشفاء بالقرآن، وطلب الشفاء منه جل وعلا، فالخير في يديه سبحانه.

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ويعافيك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية عبدالله البلوي

    يالله ما أجمل حديثك والله اني كنت بهم وغم ونكد ولاكن بفضل الله بعد كلامك هذا ايقنت كثيرا ان الله ارحم واجل وانقى واكرم واعز وانه لايضيع احد لجاء له

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً