الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش ما بين الوساوس والهموم، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

منَّ الله علي بأن مسح الغشاوة من قلبي، وعرفت الحق وأقبلت إلى الله، وتبت إلى الله، وأكثرت من ذكره، ولكن تأتيني وساوس عند قراءة القرآن، فصارت تزيد وتزيد حتى لم أطق نفسي، وتعبت تعبا شديدا، فصرت إذا قرأت القرآن وأتمعن فيه تتعبني بعض الآيات المتعقلة بالوعيد، وأخاف خوفا شديدا.

وأيضا أشك في الدين -والعياذ بالله- أتمنى توجيهكم فوالله أنني كل الهموم والغموم والكربات تجمعت علي حتى أظن الله لا يريدني من عباده، وأخاف أن أنتكس ويشملني عذابه، مع العلم أنني أجاهد الهموم، فكيف إذا أقبلت على الله أتعب، وتلعب بي الهموم والغموم من كل جانب وهو الرحمن الرحيم؟

أنقذوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فاعلم أن الواجب على المسلم أن لا يلتفت إلى شيء من الشكوك التي تعرض له حول دينه ونبيه وعبادته، بل عليه الجزم بأن عبادته صحيحة مهما شككه فيها الشيطان، فمن بدأ بهذه القناعة الشرعية قطع على الشيطان سبيله الذي دخل منه، وخطا خطوة أولى نحو الشفاء والعلاج من مرض الشك والوسواس -بإذن الله تعالى-.

يقول ابن القيم رحمه الله: (فمن أراد التخلص من هذه البلية فليستشعر أن الحق في اتباع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله وفعله، وليعزم على سلوك طريقته عزيمة من لا يشك أنه على الصراط المستقيم، وأن ما خالفه من تسويل إبليس ووسوسته، ويوقن أنه عدو له، لا يدعوه إلى خير، إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير).

وما يصيبك -أخي عبد الله- من وسواس عند قراءة القرآن هو أحد أساليب الشيطان والنفس الأمارة بالسوء لدفعك إلى ترك قراءة القرآن الكريم وتدبره، فلا تستسلم لها، بل استعذ بالله من الشيطان الرجيم.

- كما أن عليك الاستمرار في قراءة القرآن الكريم لما لها من أثر بالغ في النفس، في تهذيبها وتقويمها، وخاصة سورة البقرة التي ينفر منها الشيطان.

- كما أنه يجب عليك المحافظة على الأذكار والأوراد الشرعية في الصباح والمساء، وأذكار الطعام ودخول الخلاء ونحوها، فهي وقاية من الشيطان، وحصن حصين من خطرات النفس السيئة، ولتكن مداومته عليها مداومة تفكر وتعقل وتدبر، وليست مداومة نطق مجرد باللسان.

- ولا تستسلم للمخاوف ولا تلتفت إلى الشك الذي يخطر في بالك حول الدين، بل ثق إن دينك صحيح وأقنع نفسك بذلك، وأكثر من الذكر والتسبيح والاستغفار والدعاء كلما شعرت بذلك؛ حتى يذهب ما بك من هم وغم، لأن ذكر الله والاستغفار والدعاء من أعظم العلاج لذهاب الهم والغم.

- وإذا كان هذا يحصل لك فقط عند قراءتك للقرآن فربما يكون ذلك علامة على إصابتك بمس شيطاني، فاستمر في رقية نفسك بالقرآن الكريم أو اعرض نفسك على شيخ ثقة يرقي عليك حتى يتبن له سبب هذه الأعراض، فإذا ظهر أنك سليم من المس فلا بأس بعرض نفسك على طبيب نفسي ثقة يصف لك العلاج المناسب.

- وفي كل حال لا تمل من الذكر والدعاء والسؤال والتوجه إلى الله بطلب الشفاء، فالرب سبحانه كريم جواد، لا يرد سائلا صادقا، ولا تنفد خزائن كرمه وجوده، يحب الملحين في الدعاء وأحسن الظن بالله وأملا خيرا منه سبحانه، وستجد -إن شاء الله أثر ذلك قريبا على نفسك وحالتك.

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ويعافيك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية عبدالله البلوي

    ابشركم اتبعت طريقتكم
    وبدا ينجح معي العلاج شكرا لكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً