الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الفشل الدراسي ابتلاء؟ وكيف أعوض ذلك؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا طالب جامعي بالمراحل الأخيرة للتخرج، حصلت في الثانوية العامة على 96%، وكنت من الأوائل، إلى أن دخلت كلية الطب البشري بعد تنافس شديد والحمد لله، في بداية المشوار فشلت في دراستي الجامعية في معظم السنوات، مع تقصير) فلماذا الفشل؟ لا أعلم!

بعد مدة أصبت بالإحباط والاكتئاب، وذهبت لثلاثة أطباء نفسانيين، اثنين منهم قيموني بأني ممتاز، ولا توجد لدي علة، والثالث شخص حالتي على أنها اكتئاب بسيط، ولكن للأسف لا جدوى لا من مراجعاتهم ولا من أدويتهم، فأصبت بالاكتئاب أكثر، فأصبحت أدخن، ولكنني الآن متدين ومتمسك، ولم أرتكب أفعالا محرمة، ولكن الطاقة تنفذ مني تدريجيا، فهل الدراسة ابتلاء؟

مع العلم أني أعشق تخصصي وأحبه، وبنفس الوقت أنا من الأشخاص الذين يحبون الإبداع في عملهم، وأحب معالي الأمور، ولا أحب الدون أو الوسط أبدا، ولكن كلما تذكرت سنوات فشلي ومعدلي الدراسي أحبط، وأصبح يؤثر على قدراتي وتركيزي وحفظي.

وأسأل نفسي كيف يمكنني أن أحصل على أفضل اختصاص بمثل هذا المعدل؟ وكيف يمكن أن أحصل على عون الله تعالى؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:
لم تخبرنا عن المواد الدراسية المقررة عليكم في الكلية هل ترى أنها ميسرة أو أن فيها صعوبة عليك؟ وهل تفهم شرح الدكاترة أم أنك ترى أن ما يقولونه غير مفهوم بالنسبة لك؟

أحيانا قد تكون المواد الدراسية التي تلقاها الطالب في المرحلة الثانوية سهلة وميسرة، لكنه إن انتقل إلى مرحلة أعلى وجد بونا شاسعا بين ما أخذه في المرحلة الثانوية والجامعية، ومن هنا تحدث هذه الفجوة أثرا كبيرا في نفسية الطالب فتؤدي إلى إخفاقه في الدراسة.

إن كان ما ذكرته سابقا غير وارد عندك، والأطباء قرروا أنك طبيعي، وليس ثمة مرض عضوي، فأخشى أنك قد أصبت بحسد أو عين نتيجة لنجاحك في التنافس أثناء دخول الجامعة، وقد ثبتت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الإصابة بالعين، فمن ذلك ما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أسترقي من العين "، وأخرج مسلم وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا)، وفي حديث أسماء بنت عميس قالت: يا رسول الله، إن بني جعفر تصيبهم العين، أفنسترقي لهم؟، قال: (نعم، فلو كان شيء سابق القدر لسبقته العين).

وفي مسند الإمام أحمد عن سهل بن حنيف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج وسار معه نحو مكة حتى إذا كانوا بشعب الخرار (اسم موضع) من الجحفة اغتسل سهل بن حنيف، وكان رجلا أبيضا، حسن الجسم والجلد، فنظر إليه عامر بن ربيعة أحد بني عدي بن كعب وهو يغتسل فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة، فلبط سهل، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل: يا رسول الله، هل لك في سهل والله ما يرفع رأسه، قال: هل تتهمون فيه من أحد؟، قالوا: نظر إليه عامر بن ربيعة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرا فتغيظ عليه، وقال: علام يقتل أحدكم أخاه، هلا إذا رأيت ما يعجبك برَّكت، ثم قال له: اغتسل له، فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح ثم صب ذلك الماء عليه يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه ثم يكفأ القدح وراءه، ففعل به ذلك، فراح سهل مع الناس ليس به بأس.

أنصحك أن تبحث عن راق أمين وثقة لتشخيص حالتك، فإن تبين أنك قد أصبت بالعين أو الحسد، وكنت تتهم أشخاصا محددين فالعلاج الناجع في مثل هذه الحال أن يطلب منهم أن يغتسلوا كما مر في الحديث، وإن لم تكن تتهم أحدا بعينه فعليك بالرقية حتى تبرأ بإذن الله تعالى، ويمكنك أن ترقي نفسك بما تيسر من الآيات القرآنية والأدعية المأثورة، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (لا رقية إلا من عين أو حمة)، والحمة اللدغة، وجاء جبريل يرقي النبي صلى الله عليه وسلم فيقول : ( بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، باسم الله أرقيك).

أوصيك بترك تعاطي الدخان، فإنه سم زعاف، فلقد هربت من مرض يسير إلى موت بطيء.

وثق صلتك بالله تعالى واجتهد في تقوية إيمانك بالله من خلال الإكثار من العمل الصالح فالحياة السعيدة لا توهب إلى بذلك كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

أكثر من تلاوة القرآن الكريم، وحافظ على أذكار اليوم والليلة يكن ذلك وقاية من كل شر بإذن الله، ويطمئن قلبك يقول تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

صاحب الأخيار، وابتعد عن رفقاء السوء؛ فتعاطيك للدخان قد يجرك إلى ما هو أسوأ من ذلك فكن حذرا.

تفاءل بالخير وأمل في الله خيرا فما من ابتلاء إلا كان وراءه منحة ربانية وإن لم تعرف في الوقت الراهن فستظهر في المستقبل.

ارض بقضاء الله وقدره، ولا تتسخط أبدا، وإلا كان الجزاء من جنس العمل، ففي الحديث: (إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ، فمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك الشفاء العاجل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً