الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أوفق بين زوجتي ووالديّ حتى أرتاح من مشاكلهم؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا متزوج منذ 5 سنوات, بعد زواجي مباشرة بحوالي 4 شهور فقط سافرت في بعثة للخارج بصحبة زوجتي, كانت الأمور مستقرة, كانت هناك بعض المشاكل ولكن سرعان ما كانت تحل, علاقة زوجتي بأهلي كانت تقتصر على بعض المكالمات عن طريق الإنترنت، وإجازة وحيدة لمدة شهر قمنا بها بعد مرور عامين من البعثة؛ لذلك العلاقة لم تكن متعمقة، ولم تظهر أي بوادر لمشاكل أو خلاف.

في العام الثاني من الزواج رزقنا الله بطفلة كانت محبوبة من الجميع بصفتها الحفيدة الأولى والوحيدة لأهلي.

حتى عودتي منذ عام ونصف لم تكن الأمور بهذا الوضع المخيف كما هو الحال الآن، بعد وصولنا بأيام بدأت المشاكل بين زوجتي وأهلي بصفة عامة تزداد, بدأت بعدم تقبل أحدهم لآراء الآخر, ثم إعطاء النصائح لزوجتي التي لم تتقبل ذلك.

كنت أحاول تلطيف الأجواء بين الطرفين حتى حملت زوجتي بالطفل الثاني، والذي قوبل بشكل سيئ من أهلي، وتبرير ذلك أن طفلتي تحتاج إلى رعاية كبيرة قبل التفكير في طفل جديد، وهذا التصرف جعل زوجتي تقاطع أهلي تماما لأكثر من شهر.

في تلك الفترة حاولت رعاية زوجتي حيث إن حملها متعب، ولا تستطيع أن تخدم نفسها أو غيرها، وبعد مرور الشهر طلبت مني أن تسافر لأهلها والذين يبعدون عن مكان سكننا 250 كيلو متر تقريبا, فوافقت, وذلك لعدم وجود بديل آخر، حيث إن عملي بدأ يتأثر برعايتي للأسرة، ولا أحد يساعدني، وكنت مقدرا لأهلي في تلك الفترة لمرضهم وعدم قدرتهم على المساعدة.

الآن تمكث زوجتي عند أهلها منذ شهرين ونصف, ولم تتصل بأهلي أو تطمئن عليهم أو حتى تطمئنهم على حفيدتهم, واتهموني أني أمنع عنهم حفيدتهم, وحاولت مع زوجتي أن آخذ طفلتنا صاحبة الثلاث السنوات لزيارة جدها وجدتها، ثم أعيدها إليها بعد عدة أيام فرفضت, طلبت منها أن تعود ولو لشهر فقط ثم ترجع لأهلها مرة أخرى أيضا رفضت.

ليس هذا فقط, فالقرط الخاص بابنتي والتي أهداها لها أهلي كسر, فطلبت من زوجتي أن تشتري غيره ولا تبيع المكسور لأنها ذكرى من أهلي, ورغم تأكيدي للأمر عدة مرات إلا أنها أصرت أن تبيعه بأرخص من ثمنه.

أهلي الآن يكرهونني لإحساسهم بأني أمنع عنهم حفيدتهم، وأني عديم الفائدة، ولا أستطيع التحكم في زوجتي، وهي لا تطيعني، وزوجتي ترى أنني متحيز وأريد أن أفرض رأيي عليها، وإجبارها على ما لا تريد.

أفيدوني، ماذا أفعل لحل هذه المشكلة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب, وإنه ليسرنا تواصلك معنا في أي وقت, ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه, وأن يقدر لك الخير, وأن يرضيك به.

وبخصوص ما تفضلت به -أخي الكريم- فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: الحياة الزوجية بينكما تبدو مستقرة، والتفاهم بينكما يبدو جيدا، لكن تدخل الأطراف هو الذي قلب الموازين، وكان يجب عليكما أن تتفاهما عند عودتكما على طريقة التواصل مع الأهل، وكيفية مراعاة طلبات الأهلين، لكن قدر الله وما شاء الله فعل، المهم ألا تؤثر تلك الخلافات على حياتك الزوجية، ولا على حياتك الأخروية، ونعني بالأخروية مراعاة أهلك فهم طريقك إلى الجنة.

ثانيا: من الأمور الصعبة التي تواجه الإنسان أن يكون بين طرفين أحدهما له فضل عليه وبره واجب عليه، والآخر مسؤول منه ورحمته به واجبة عليه، نعلم جيدا أن هذا الشعور ينتابك بين الفينة والأخرى، وندرك أنك حائر لأن كل طرف له حق عليك، وفي ذات الوقت يحمل شيئا من الحقيقة.

ثالثا: إدراة البيت لا تحتاج إلى مواقف صادمة، وإنما تحتاج إلى مرونة، فالحياة وخاصة الحياة الأسرية لا تخلو من مثل تلك الهنات الموجودة، وقلما يسلم بيت إن لم نقل يستحيل من تلك الأمور.

رابعا: من حق الزوجة عند المرض أن ترتاح، وليس واجبا عليها أن تفعل ما لا تستطيع فعله، كما أن من حق الأهل أن يروا حفيدتهم، ولكن لأن الصدور مشحونة فالكل يتمسك بما له من حق، فالزوجة ستخبرك كيف أنام وأترك بنيتي الصغيرة؟ وهل هناك أم تترك ابنتها في هذا السن؟ وإذا قلت لها نذهب سويا ستخبرك عن مرضها وتعبها، وسواء أكان الكلام صحيحا أم مبالغا فيه، فإن هذا هو واقع الإجابة، وفي هذه الحالة ستكون أمام أهلك الشخص الضعيف العاجز عن تلبية أدنى حقوق الأهل عليك.

خامسا: احذر -أخي الفاضل- أن يدفعك أحد الأمرين إلى إتخاذ موقف تندم عليه بعد ذلك، الهدوء والعقل هو ما يجب عليك أن تجعله سيد الموقف.

ولذلك نحن نطلب منك ما يلي:
1- التواصل المستمر الدائم مع الزوجة، واستخدام اللطف في الحديث معها ومع أهلها، من الضروري أن تكون ذا أسلوب حسن مع أهلها.
2- الود والحب يذيب كثيرا من المواقف السلبية، والمرأة إذا أحبت بصدق اجتهدت في تذليل كل عقبة في سبيل سعادة زوجها.
3- اطرح الموضوع عليها بلغة التفاهم، وأخبرها أن البر إرث، وأن برنا بأهلنا سيكون بركة على أولادنا، أخبرها عن رغبة أهلك في رؤية ابنتكما، وقل لها: أدرك أنك مريضة، وأدرك أن السفر شاق عليك، لكن أردت أن أشاطرك في الحل، اجعلها تجتهد في إيجاد حل وسط معك.
4- يمكنك أن توسط أحد العقلاء من أهلها ليكون داعما لك، المهم أن يكون قريب الصلة بها، وأن يكون محبوبا عندها، وفي مقام النصح.
5- إن كانت الأخت متدينة أسمعها بعضا من المقاطع الدعوية في وجوب طاعة الزوجة لزوجها لبعض العلماء الذين تجلهم الزوجة وتحترم كلامهم.
6- افعل هذه المحاولات دون أن تخبر أهلك بها، وعليك أن تتعامل معهما وفق محورين:
الأول: المبالغة في برهما والتودد إليهما والقرب منهما فإن حقهما واجب عليك.
الثاني: إظهار أن الخلل الحاصل منك أنت، فأنت لم تجد وقتا مثلا لتذهب وتأتي بابنتك إليهما، حاول أن تجعل كل تقصير قائم بسببك أنت لأنهما في النهاية لن يكرهاك، وسيغفران لك، افعل هذا واجتهد في الموازنة والمرونة، فإن هذا طريق السعادة بينكما -إن شاء الله-.

- وأخيرا: موقف زوجتك من بيع الذهب بعد أن أخبرتها سلوك يدل على شيء من العناد، إن كان الأمر كما أخبرتنا به، فانتبه لأن العناد متى ما تولد خرّب البيت، وهناك مقالات كثيرة لكيفية مواجهة عناد الزوجة على هذا الموقع المبارك، يمكنك أن تستفيد منها.

- أخي الكريم: الله الله في أهلك وخاصة والديك، احذر من العقوق فإنه شؤم في الدنيا والآخرة، ولا تندفع كذلك حتى لا تهدم بيتك، الحكمة في التعامل هو منهج أهل العقل والرشاد، وعليك بالدعاء, فإن الله قريب مجيب, وعسى الله أن يصلح بينهما, وأن يهدئ الحال على ما تحب.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً