الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من المشاعر السلبية تجاه الآخرين وحب التملك، فما العلاج؟

السؤال

تحياتي لك دكتور محمد، وكل عام وأنتم بخير.

أرجوك ساعدني! مشكلتي في المشاعر السلبية تجاه الآخرين في العمل والأسرة، عندي مشاعر سلبية تجاه الآخرين تتمثل في حب الضرر للآخرين، وحب التملك، والغيرة، أكون مغتاظا من الآخرين وخاصة إذا أساء لي أحد، أتمنى له الضرر. أحب أن أتملك أصدقائي ولا أريد لصديقي أن يتحدث مع الآخرين في العمل، أريد أن أستحوذ على كل الاهتمام.

تناولت معظم مضادات الاكتئاب ولم أجد منها نفعا، تناولت سيروكسات، ولوسترال، وسيبرلكس، وبروزاك، وسيمبالتا خلال سنة ونصف علي فترات متقطعة ولم تجد معي نفعا، بل سببت لي كآبة وضيقا وعدم استمتاع بالحياة، نعم ساعدتني قليلا في الرهاب الاجتماعي، لكن بقيت هذه الآثار التي تزعجني حاليا، فما السبب؟ وكيف العلاج؟

أعاني أيضا من رهاب اجتماعي، وعدم الثقة بالنفس، شاهدت فيديوهات كثيرة للعلاج السلوكي للتخلص من هذه المشاعر ولم تساعدني، أريد علاجا دوائيا لهذه المشكلة.

أعاني من رهاب اجتماعي، وخوف، وعدم ثقة بالآخرين، لدرجة أن أسرتي في الصعيد لا أستطيع الذهاب إليهم منذ أعوام بسبب هذا الخوف، وأنا أعرف أنه غير مبرر وأحاول احتقاره، ولكن يظل عندي هذا الإحساس الذي أبعدني عنهم طيلة هذه الفترة، أشكو من قلة الدافعية والمشاعر السلبية تجاه الآخرين، والاعتماد على الغير في معظم أموري.

تناولت منذ عامين الأدوية المثبطة للسيروتنين، تناولتها معظمها لفترات متقطعة، ولكن تظل هذه المشاعر عندي، هل أنا أعاني من رهاب أم فصام بسيط أو سلبي؟

خصوصا أن أدوية الاكتئاب تسبب لي ضيقا، وكآبة، وشعورا بالتبلد، وعدم الاستمتاع بالحياة تناولت سوليان ساعدني قليلا في المشاعر السلبية.

أريد علاجا ناجعا لمشكلتي، وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عصام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي: أنا أعتقد أن المشكلة الأساسية هي ما تعاني منه من أمراض النفوس، فما تحدثت عنه من حُبٍّ للتملُّك، والغيرة، وتجاهلك السلبي نحو الآخرين، وحبك أن يقع بهم الضرر: هذه – يا أخي – أمراض خطيرة جدًّا، وأنا أعتقد مخاوفك وتوترتك وسلبياتك الأخرى مرتبطة بهذه العلل النفسية، وهذه علل تحتاج لتهذيب وتضبط للنفس، وأن تراجع نفسك في هذا السياق – أخي الكريم – ديننا الإسلامي الحنيف علَّمنا وأرشدنا ووجَّهنا في هذا الخصوص، فعليك – أخي الكريم – أن تُنقي نفسك وتُطهرها وترتقي بها من هذه الأمراض، والصلاة في وقتها وبخشوع، والدعاء – أخي الكريم – وتلاوة القرآن والحرص على الأذكار والانخراط في الأعمال الخيرية وأعمال البر هي من الوسائل التي تُطهّر النفوس، وبرّ الوالدين أيضًا يُمثِّلُ ركيزة أساسية لكي ترتقي بنفسك ممَّا أنت فيه، ويا حبذا أيضًا لو تواصلتَ مع أحد المشايخ أو إمام مسجدك وطرحتَ عليه كل هذه النواقص والمشاكل والأزمات النفسية والأزمات التي تُعاني منها من أمراض النفوس والقلوب، والحديث عنها وإخراجها من خلال ما نسميه بالتفريغ النفسي فيه خير كثير لك.

فيا أخي الكريم: يجب أن تجتهد في هذا الجانب. أما الجوانب الأخرى وهي جانب المخاوف، أعتقد أنه لديك شيء من الرهاب الاجتماعي، وذلك لأن ثقتك في الناس أصلاً مهتزّة، فلذا لم تجد مكانتك في المجتمع، ولم تجد لنفسك وجودًا إيجابيًا، وهذا جعل فكرك الإيجابي يتقلَّص، ويستحوذ لديك الفكر السلبي.

وتطوير الذات وبنائه مهم – أخي الكريم – حدِّد لحياتك أهداف، واجعل لنفسك مشروع حياة تجتهد في إنجازه، وعليك بمصاحبة الطيبين والخيرين الذين تتعلَّم منهم كل ما هو صالح وكل ما هو خير. أنت محتاج حقيقة لهذا العلاج الاجتماعي الإسلامي، مهمٌ جدًّا، احرص على الصلاة مع الجماعة في المسجد، وكما ذكرتُ لك الانخراط في الأعمال الخيرية يجعل النفوس تتروض وتتهذَّب، فاحرص على ذلك، وعليك بالدعاء، الدعاء سلاح المؤمن، واسأل الله تعالى أن يطهر نفسك من الشحناء ومن البغضاء ومن الحقد ومن الغضب ومن الحسد ومن كل ما هو سيئ.

بالنسبة للعلاج الدوائي: عقار (سيرترالين) مع جرعة صغيرة من دواء (رزبريادون) أعتقد أنها ستكون مفيدة لك جدًّا. الرزبريادون بدرجة كبيرة مُشابهٌ للسوليان.

جرعة السيرترالين هي أن تبدأ بنصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم تجعلها حبة كاملة لمدة شهرٍ، ثم حبتين ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها حبة واحدة لمدة ستة أشهر، بعد ذلك خفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أما الرزبريادون فتناوله بجرعة واحد مليجرام ليلاً لمدة ستة أشهر، وأعتقد أنه عقار تدعيمي جيد لإزالة الأعراض النفسية التي تعاني منها.

اجعل لحياتك معنىً – أخي الكريم – وهذا مهم وضروري، وكن نافعًا لنفسك ولغيرك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً