الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أقوي ثقتي بالله؟

السؤال

السلام عليكم..
أشكركم عن جهودكم الجبارة التي تقومون بها.

لدي أكبر مشكلة في العالم، وقد أرهقت حياتي ولم أشعر بطعم الحياة، وهي تتلخص في الثقة بالله، أي عندما أدعو الله لا أشعر بالثقة، مع أني أعرف عشرات القصص من إجابة الله لعباده، وأعرف أن الدعاء له ثلاثة أشياء، وأعرف أن عدم إجابته فيها حكمة، وأعرف أنه ربما لا يستجيب بسبب المعاصي، هذا كله أعرفه، لكن عندما أدعو أريد أن أكسب الثقة ولم أستطع.

أحس بأن هذه المشكلة ليست مني، أشعر بأني لا أقوى عليها، ومما يزيد همي وغمي عدم فهمها، لقد طرحتها على الكثير، ولم أصل إلى حل، فتخيلوا بأني أعيش بدون الله، لقد فقدته فمن سيجيبني ومن سيزيل همومي وغمومي؟ أريد أن أعرف ما هذه الخزعبلات؟ كل الناس تذكر الله وتدعو فتكون مستجابة الدعاء إلا أنا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الواحد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ما تشكو منه هو أثر من آثار فراغ القلب من حب الله، وضعف التعلق به، وقلة التوكل عليه، وعدم استحضار عظمته في النفوس، وهذه الحالة لا تأتي للشخص فجأة، بل بسبب طول الأمل وقسوة القلب، ولا تذهب منه فجأة، بل تحتاج إلى صبر وتدرج في إزالتها بقوة التعلق بالله، وكمال التوكل عليه، وحسن الظن به مع الاجتهاد بالإكثار من الطاعات والعبادات والأعمال الصالحة المتنوعة، مع الاستمرار عليها، وصدق الإخلاص فيها؛ لأن القلب إذا امتلأ بحب غير الله شعر بالضيق والتعاسة، ولم يجد لحب الله فيه مكانا.

ومن تعلق بغير الله ونسي ربه تركه الله، وأنساه نفسه، قال سبحانه: ﴿وَلا تَكونوا كَالَّذينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنساهُم أَنفُسَهُم أُولئِكَ هُمُ الفاسِقونَ﴾.[الحشر: 19].

ومشكلتك ليست في المعرفة فأنت تعرف كثيرا من القصص والحكم والمعلومات الدينية كما تقول، ولكن مشكلتك في جانب العمل بما تعلم، ومجاهدة النفس على الاستقامة وتربيتها على التعلق بالله عمليا.

ولعلاج ذلك: فأنت تحتاج إلى برنامج عملي تنفذه من خلال التعرف والارتباط برفقة صالحة ناصحة تعيش معها وتمارس معه الشعائر والعبادات، وتتربى معهم عمليا على الجوانب التطبيقية في بناء النفس وإصلاحها، وربطها بالله وشرعه.

كما أنك محتاج إلى تعلم فقه الدعاء وآدابه وحكمه حتى لا تعتدي فيه أو تصاب باليأس والقنوط من عدم استجابة دعائك.

كما أنك محتاج إلى التفقه في باب القضاء والقدر وأفعال الله وحكمها حتى لا تتسخط عليها، ولا تقيس نفسك بغيرك من البشر فلكل شخص قدره.

وكل ذلك يمكنك الحصول عليه من خلال ملازمة أحد أهل العلم، والتفقه عليه في هذه الموضوعات وغيرها، حتى تتعلم كيف تتعامل معها التعامل الصحيح، أو القراءة في كتاب فقه الأدعية لعبد المحسن البدر، وفقه القضاء والقدر لابن عثيمين؛ ففيهما ما يغني في هذا الباب ويكفي.

كما أن عليك أن تستعين بالرقية الشرعية والتحصن بالأذكار؛ فربما ما تعاني منه هو وساوس وخواطر شيطانية ستندفع بالرقية الشرعية بإذن الله سبحانه.

وعليك أن تقنع نفسك بالتفكير الإيجابي وتعزز ثقتك بالله ولا تستسلم لتلك الخواطر، بل اقطع التفكير السلبي حولها، وإن شاء الله تتحسن حالك قريبا بإذن الله.

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ويعافيك من كل داء يؤذيك، ويوفقك لما يحب ويرضى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً