الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القلق المستمر من تكاليف المعيشة وقلة الدخل

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجو نصيحتي في أسلوب التوقف عن القلق على مستقبل أسرتي، حيث إنني أشعر أن راتب زوجي لا يكفي لضمان مستقبل أسرتي، وأنه لم يحقق لنا الاستقرار المادي من شراء بيت أو شقة أو غيرها، وأجد أن تكاليف الحياة تزداد مما يسبب لي القلق! مع علمي أن الأمر بيد الله أولاً وأخيراً، ولكن أنزعج إذا طرأ أمر جديد يحتاج لمزيد من المصاريف، فما هو الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لمياء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله العظيم أن يغنيكم بحلاله عن حرامه، وأن يغنيكم بفضله عمَّن سواه، وأن يعيننا جميعاً على ذكره وشكره وحسن عبادته.

فإن الأرزاق بيد الله تعالى، وقد قدرها سبحانه ونحن في بطون الأمهات، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، وقد خلقنا لعبادته وتكفل بأرزاقنا وبأقوات كل الكائنات، قال سبحانه: ((وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)) [هود:6].

وقد وجد إبراهيم بن أدهم رجلاً مهموماً فقال له: يا هذا رزقك هذا هل يأكله غيرك؟ فقال الرجل: لا! فقال له: أجلك هذا هل يستطيع أحد أن يزيد فيه أو ينقص منه؟ فقال الرجل: لا! فقال له إبراهيم: الكون هذا ملكٌ لله فهل يحدث في كون الله شيء لا يريده؟ فقال الرجل: لا! فقال له إبراهيم بن أدهم: ففيم الهمُّ إذن؟! فضحك الرجل ومضى.

وكان السلف إذا احتاجوا للمال أو السُّقيا أو الولد أو القوة استغفروا الله، يتأولون قوله تعالى: ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا)) [نوح:10-12]، وقد يحرم الإنسان الرزق بالذنب يصيبه؛ فاحرصوا على طاعة الله، واجتمعوا على طعماكم يبارك لكم فيه، واعلمي أن الاقتصاد هو نصف المعيشة، وأنه لا خير في الإسراف، فثقي بما عند الله، واعلمي أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين.

ونحن لم نكلف بالتفكر وشغل النفس بالأرزاق والمستقبل؛ ولكن المسلم مكلف بطاعة الله وعبادته، والله تبارك وتعالى متكفِّل بالأرزاق؛ فقد خلقك الله لعبادته فلا تلعبي، وتكفل برزقك فلا تتعبي، قال تعالى: ((وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)) [طه:132].

وبين القرآن الكريم أن الإنسان عليه أن يسعى في الأرض لينال ما قدره الله؛ فقال سبحانه: ((فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) [الجمعة:10]، وقال سبحانه: ((فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)) [الملك:15]، فالمسلم يفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب، ولو أننا نتوكل على الله حق توكله لرزقنا كما يزرق الطير تغدوا خماصاً وتروح بطاناً.

وهذا التفكير السلبي لا يفيد ولكننا نزيد أرزاقنا بكثرة الاستغفار لربنا وبحسن التدبير والادخار في مواردنا، وباللجوء إلى ربنا، وبالحرص على ذكر الله عند طعامنا.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً