الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تراودني أفكار تضعف ثقتي بنفسي وتصيبني بخوف وقلق! ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

أرجو أن تأخذوا استشارتي بعين الاعتبار، فأنا في أمس الحاجة لمساعدتكم، أنا فتاة أبلغ من العمر 30 سنة، في دراستي كنت دائما من الأوائل -والحمد لله-، حتى بعد دخولي الجامعة كنت الأولى في دفعتي التي يتجاوز عددها 150 طالبا على مدى 3 سنوات، وهذا راجع إلى المجهود الذي كنت أبذله بعد فضل الله تعالى.

درست الهندسة وتخرجت منذ 5 سنوات -ولله الحمد-، لا أعلم من أين أستطيع البدء، ولكن في نهاية العام الدراسي الثاني من سلك الهندسة (2012) أصبت باكتئاب حاد، أظن أن البداية كانت في بذلي لمجهود كبير في ذلك العام لأكون من الأوائل، حيث إنني لم أتقبل عدم تفوقي في العام الأول بالرغم من الظروف الصعبة التي واجهتها بعد انتقالي لمدينة بعيدة، واضطراري الاعتماد على نفسي في كل صغيرة وكبيرة في ظل غياب الأسرة.

وفعلا بعد المجهودات التي بذلتها انتقلت من المركز ما قبل الأخير إلى المركز الثاني، لكن بدأت أصاب بأعراض كالرغبة في البكاء المتواصل، وإحساسي بحزن غير مبرر، وما لبثت أن أكملت وعدت لمنزلي حتى اتصلوا بي للرجوع من أجل بدء التدريب الذي نقوم به في الشركة كل صيف، هناك أصبت بعدم توازن نفسي رهيب، وبكاء مستمر، ورغبة شديدة في عدم الذهاب، وما زاد الأمور سوءا هي الصعوبات التي واجهتها في إنجاز ما طلب مني هناك، وتقديم ذلك في فترة وجيزة فأصبت بنوبات هلع شديدة، وثقل شديد في صدري لا يفارقني وعدم القدرة على النوم والإنجاز ما اضطرني للانسحاب.

هناك بدأ عذابي مع الاكتئاب؛ حيث أصبحت عاجزة نفسيا وجسديا إلى درجة عدم القدرة حتى على ارتداء ملابسي، كنت أتعذب كثيرا لدرجة اعتبار الموت كخلاص وحيد، فكنت أدعو أن أموت شهيدة وأرتاح، في تلك الفترة اقتنعت كليا أنني أفتقر للكثير وأنني غير مؤهلة لأكون مهندسة.

بدأت العلاج مع طبيب نفسي، فلم أجد أي تحسن مع الدواء، ثم بدأت مع طبيب آخر، نصحني بأخذ seroplex 20mg مع alpraz فأصبت بتحسن وأكملت العلاج حتى شفيت، لكن بعد خمس سنوات انتكست مرة أخرى بفعل عدة ظروف مررت بها، ومن بينها عدم حصولي على عمل، فعدت للعلاج seroplex 10mg مع alpraz، والحمد لله تحسنت، لكن على الرغم أنني لا أعاني من الاكتئاب الآن، إلا أنني انتقلت إلى خوف وقلق شديدين.

تأتيني أفكار أني غير كفؤة، أفتقر للكثير، ضعيفة الشخصية، ولا أستطيع أن أزاول هذه المهنة، هذه الأفكار لا تفارقني، أستيقظ صباحا فإذا بي أحس بالخوف الشديد، والثقل في صدري، أحس بالعجز على تثقيف نفسي، فألجأ إلى النوم كوسيلة للهروب، كما أن الخوف يمنعني الآن من البحث عن العمل لعدم ثقتي في نفسي، فكرت في الرجوع إلى الطبيب لكني أحس أن ذلك الدواء يفيدني في الاكتئاب وحسب، وليس في حالتي الآن.

كما أن علاجي به لمرتين أفقده الفاعلية، فكأنما جسمي تعود عليه، فلم يعد ينفعني فماذا أفعل الآن؟

أرجوكم انصحوني، والمعذرة على الإطالة، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت لديك مزاج اكتئابي مرتبط بتفكيرك السلبي حيال ذاتك، وأعتقد أنه أيضاً لديك شيء من الضعف في تقدير الذات، أنت -الحمد لله- صاحبة مقدرات ومهارات ومن المفترض أن تنظري إلى نفسك بصورة أكثر إيجابية، سلبيات الحياة تواجه من خلال هذه المنهجية، أكملت دراستك -الحمد لله تعالى- وتفكرين في العمل واجتهدي في هذا السياق، وسلي الله تعالى أن تصلي إلى مبتغاك.

من المهم جداً التفكير الإيجابي، وأرجو أن لا تربطي أفعالك أبداً بمشاعرك أو أفكارك، الفكر السلبي والشعور السلبي أيضاً قد يفرضان نفسهما كثيراً على الإنسان، وهذا يؤدي إلى الاكتئاب والإحباط والشعور بالكدر، لكن الإنسان الفطن يجب أن يطبق أن يفعل، أن يكون فعالاً مهما كانت مشاعره، تنظيم للوقت، إصرار على التواصل الاجتماعي، إصرار على الصلاة في وقتها، القيام ببعض أعمال البر، الترفيه عن النفس، الجلوس مع الأسرة والتفاعل معها، ممارسة شيء من الرياضة، الدخول في مشروع من مشاريع الحياة، مثلا ً في حالتك يمكن أن تبدئي في حفظ كتاب الله، مشروع عظيم وهكذا..، دائماً هنالك بدائل في الحياة يمكن أن نطبقها إذا لم نصل إلى مبتغانا أو لهدفنا الذي نريده، فلا تحرمين نفسك هذه البدائل الجميلة في الحياة، وهي -الحمد لله- متاحة ومتوفرة وقد حباك الله تعالى بطاقات الشباب، فأرجو أن تستفيدين من هذه المرحلة العمرية الجميلة من خلال ما ذكرته لك من طريقة في التفكير والأفعال.

بالنسبة للعلاج الدوائي السبرالكس دواء جيد، ولا أعتقد أنه قد افتقد فاعليته، لكن بالفعل ما دمت قد تناولتِه لمرتين يفضل أن تنتقلي لدواء آخر مشابه ومفيد، والدواء الآخر هو سيرترالين ويسمى تجارياً زولفت، وله اسم تجاري آخر مشهور هو لسترال، لكن ربما تجديه تحت مسمى تجاري آخر في البلد الذي تقيمين فيه، الدواء في معظم البلدان لا يحتاج إلى وصفه طبية؛ لأنه دواء سليم وغير إدماني ولا يؤثر أبداً على الهرمونات النسائية، أحد آثاره الجانبية البسيطة أنه ربما يزيد الشهية نحو الطعام في بعض الأحيان، وهذا قد يؤدي إلى زيادة في الوزن فيجب التحوط حيال هذا الأمر.

الجرعة هي أن تبدئي بنصف حبة 25 مليجرام يتم تناولها ليلاً لمدة 10 أيام، بعد ذلك اجعليها حبة واحدة ليلاً لمدة شهر، ثم ارفعي الجرعة إلى حبتين ليلاً أي 100 مليجرام، وهذه الجرعة علاجية وسطية، وأرى أنها تناسب حالتك جداً، استمري على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم انتقلي إلى الجرعة الوقائية بأن تتناولي حبة واحدة ليلاً لمدة شهرين، ثم توقفي عن الدواء من خلال تخفيض الجرعة إلى نصف حبة لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء، هذا التدرج في المراحل العلاجية لتناول الدواء أراه ضروريا ومهما وسوف يجنبك أي آثار جانبية سلبية، وفي ذات الوقت يؤدي -إن شاء الله تعالى- إلى المنفعة العلاجية من الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً