الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخي يضرب أمي ويضربنا ويهدد حياتنا بالخطر، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم و رحمة الله

نحن أخوات ولدينا أم وشقيق واحد فقط، وليس لنا أحد بعد الله في هذه الدنيا، هذا الأخ منذ الصغر حظي باهتمام ودلع أكثر من اللازم كونه الولد الوحيد، ونحن إناث، ومنذ الصغر كان معروف بكذبه وحبه للضرب والخبث، ولكنه كان جيدا نوعا ما، أي أن مشاكله كانت بسيطة، أما الآن فقد أصبح وحشا يهدد حياتنا! إنه يكرهنا كثيرا، لا أدري لم؟ هو فاشل دراسيا ولم يكمل دراسته، حجمه يفوق حجمنا بكثير، ووزنه كبير، وهو حريص على ذلك من أجل أن يضربنا!

منذ سنوات قريبة تغير كثيرا وأصبح أكثر تسلطا، وجعل أمي كلعبة بين يديه، إذا ناداها يجب أن تركض إليه، وأن تأخرت ثانية يضربها أو يعاقبها بطريقة ما، وهو متفنن في فن التعذيب، أمي تعيش رعبا شديدا!

قبل شهر حاول خنقها، ولكن نجت، نحن لا نتحدث إليه منذ سنوات، ومع ذلك يحاول أن يكيد لنا بكل حيلة، وهو لا يصلي، فقد ترك الصلاة منذ زمن بعيد، ويسب الدين، ويقول كلمات شركية -والعياذ بالله-، ولا أحد يستطيع التحدث إليه، فهو شخص غير متفهم، عصبي جدا ولا مانع لديه بأن يقتل.

يعاني حالة غريبة، لا أدري هل هي وسواس أم يتعمد ذلك لتعذيب أمي؟ فيجعلها تقسم مرارا بأن لا تذهب للمكان الفلاني، مع علمه أنها لا يمكن أن تذهب، وهذا أمر يومي، ويجعلها تقولها في مستويات صوت معينة، المرة الأولى يجب أن ترفع صوتها، والثانية تخفض ... وهكذا.

أما الطعام فيجب أن تعد له طعاما خاصا، فيجعلها ترميه كاملا في الزبالة بعد طبخه وإعداده مرة أخرى، وإن لم تفعل قد يضربها أو يحطم كل شيء، وأمي أصبحت تفعل كل شيء من الخوف، أما عن الطبيب النفسي فلا يمكننا ومستحيل أمر آخذه، ولا أحد يستطيع التأمر عليه، وهذه الفترة زاد من هذه الترهات والتعذيب لدرجة أنه في إحدى الليالي حاول قتلنا وبلغنا الشرطة ولم تفعل أي شيء، فقط أعطته إنذارا، وهو الآن فعلا يريد الانتقام، وفي كل مرة يسأل من الذي بلّغ حتى يذبحه، وأمام الناس يظهر بمنظر المؤدب، وصاحب الشخصية العطوفة، لدرجة أنه لا يمكن أن يتوقع الناس أن هذه الشخص وحش بشري!

أصبحت أعاني الخوف والاكتئاب، وكل من في البيت يعاني نفس الحالة، أصبحت أسمع أصوات صراخ، حتى وإن لم يكن هناك أحد يصرخ، دائما أسمع صوت أمي وأخواتي يصرخون، أصبحت أرى كوابيس شديدة، وفي كثير من الليالي أستيقظ بدون سبب، ونبضات قلبي تدق بسرعة، وعيناي تتوسعان بشدة.

ما الحل معه؟ ألا توجد أدوية قد ندسها في طعامه تعالج حالته؟ علما بأنه أكبر مني.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زهراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الكريمة-، وردا على استشارتك أقول:

طبيعة وأسلوب التربية لدى الأبناء تؤثر على تصرفاتهم في حال الكبر، فلعل أخاك تعود على أسلوب رفع الصوت من أجل أن يحصل على مطالبه من والدتك، فاتخذ ذلك الأسلوب طريقة في كل حياته.

يرى أخوك أن الاستقواء على الآخرين أسلوب آخر في نيل ما يريده، ولعله يتقمص شخصيات يراها في بعض الأفلام أو المسلسلات فيقلدها في أساليبها.

هذا الشخص يحتاج إلى إعادة صياغة لحياته، وأول ما يحتاج إلى تغييره هو التزامه الديني، فبالتدين والإيمان ستتغير حياته تماما، ومن أفضل الطرق تسليط الصالحين عليه ليأخذوا بيده، فالقرين بالمقارن يقتدي.

عليكم بالدعاء وخاصة والدته أثناء السجود، مع تحري أوقات الإجابة، كما بين الأذان والإقامة، وفي الثلث الأخير من الليل، والساعة الأخيرة من يوم الجمعة، وتدعو الله تعالى أن يصلح ولدها وأن يلهمه الرشد.

امدحوا فيه حسن تعامله مع الناس مع تمني أن تكون تلك المعاملة معكم أيضا وخاصة مع أمه.

أخوك في مرحلة المراهقة، وهذه المرحلة يحدث فيها تقلبات كثيرة في حياة المراهق، وهي من أخطر مراحل الحياة.

حملوه بعض المسئولية، وذلك بتكليفه ببعض الأعمال وطلب المساعدة منه في نفقة البيت.

قدموا له بعض الهدايا، فإن لها فعلُ السِّحر في نفْس المراهق، والهديَّة من الأم والأخوات تعني الكثير بالنسبة له، تعني الاهتمام الشخصي، وتعني الحب، وتعني أيضًا التقدير، وهي الطريق الأفضل لإيجاد الحبِّ بين الناس بصفةٍ عامَّةٍ، وبين الأهل والمراهق بصفةٍ خاصَّة، يقول عليه الصلاة والسلام: (تهادوا تحابوا).

امدحوا فيه كل صفة طيبة ولا تمدحوا الصفات السيئة.

ترفقوا به في هذه المرحلة، واصبروا عليه، واجتنبوا كل ما يثير غضبه، فلعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.

لا بد من تحين أوقات الصفاء عنده وتذكيره بالله تعالى وتخويفه منه، وتبصيره بحقوق أمه وأخواته، وأنهم أحق بحسن الخلق من الآخرين.

يمكن عن طريق بعض أصدقائه أخذه إلى طبيب نفساني؛ لأنه يعيش ازدواجية وانفصام في الشخصية، ولعل الطبيب يجد له علاجا.

هل يمكن معاقبته في أن تتركوا البيت وتذهبوا لبيت أحد من معارفكم ولا تعودوا إلا بشرط أن يترك ما يفعله معكم؟

إن استعصى الأمر وهذا آخر علاج، فلا بد أن تذهبوا جميعا إلى الشرطة وتطلبوا منها أن تقوم بمحاسبته على تصرفاته؛ لأني أخشى أن يرتكب جريمة قتل نتيجة لغضبه الشديد.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يهدي هذا الولد، وأن يلهمه الرشد، ويجعله سندا لكم في هذه الحياة، إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً