الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من رهاب الاجتماعات وأكون واثقة بنفسي منطلقة؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة، عمري 26 عاما، طموحة، وعندي أهدافا كثيرة، وأسير على خطة في حياتي، وعزوبتي للآن ليست مشكلة أو مصيبة بالنسبة لي.

تخرجت من الجامعة منذ ثلاث سنوات مضت بتخصص علوم الحاسب، وأنا لست هنا بصدد التحدث عن عدم حصولي عن وظيفة أو شيء من هذا القبيل، لأنه حتى لو لم أجد وظيفة فأنا عندي أفكار لمشاريع أستطيع البدء في واحدة منها والحمد لله، لكن بتوفيق من الله وحسن الحظ وفقت بحصولي على وظيفة في جامعتي - طبعا بالواسطة - لأن مدير الإدارة كان مشرف مشروع تخرجي، وقد اختارني بسبب مستواي الدراسي العالي "واجتياز مقابلة"، والحمد لله أنا مرتاحة في عملي، رغم بعض المشاكل التي هي طبيعة كل عمل، لكن لأوضح مشكلتي:

عدم راحتي عند حضور الاجتماعات، بمعنى لو كان هناك اجتماعا تجدني الفرد الذي يضل ساكتا، أحاول أن أتحدث معهم وأناقشهم، وغالبا يكون صوتي منخفضا، ولا ينتبهون لي عندما أتحدث، وعندما أعطي رأيي غالبا لا يأخذون به، أحيانا رأيي في موضوع الاجتماع ضروري لكن تجدني صامتة، هذا يسبب لي ضغطا وأشعر بتأنيب الضمير عند نهاية كل اجتماع،

أشعر وكأنني "مزهرية"، ولا فائدة من وجودي في الاجتماع، حتى عندما يوجه لي سؤالا أحيانا من مديري وأعلم أنه يتعمد فعل هذا ليجعلني أتحدث، لكني أرتبك ولا أجد ما أتحدث به، وقد واجهتني هذه المشكلة عندما أصبحت في إدارة فريق تطوعي في منطقتي، فعند اجتماعنا مع المؤسسات الداعمة تجدني الفرد الصامت الذي لا أتحدث ولا أشارك رغم محاولاتي لأصبح عنصرا مفيدا ومجيدا للحديث، لكن أرتطم بنفس الحائط الذي يواجهني كل مرة، وأضل صامتة.

أحيانا أشعر أنني لا أفهم ما يقال، وأفقد التواصل مع المتحدثين وأضيع بين كلامهم، كنت في البداية أظنه قلة خبرة، لكن بعدد الاجتماعات التي حضرتها، وكل مرة أنزل بنفس النتيجة عرفت أن المشكلة في نفسي، ولا أعلم ما السبب وما العلاج؟ حتى أصبح زملائي بالعمل يستهزئون بي، ولم يعودوا يخبروني إذا كان هناك أي اجتماع "وجودك زي عدمك" كثيرا ما تقال لي، أشعر أنني لا أخرج أفضل ما عندي بسبب هذا "الحياء" الذي أعتقد أنه السبب لهذه المشكلة، لهذا حاولت أن أقرأ كثيرا في كتب تطوير الذات وزيادة الثقة بالنفس، وحضرت دورات في التنمية البشرية ودورات في فن الإلقاء ودورات بعيدة عن مجالي، حتى أني أخذت دورات في الإلقاء الإذاعي ضنا مني أنني إذا عرفت كيف يتحدث المذيع سيساعدني في مشكلتي.

أنا بطبيعتي قليلة الكلام، وأعترف أنه عندي مشكلة تذبذب ثقتي بنفسي، أحيانا أكون واثقة جدا، وأحيانا تضعف ثقتي لحد الجبن من خوض تجربة جديدة، وأنا أكره تواجدي مع الناس، وأفضل كثيرا الجلوس لوحدي أمام حاسوبي وتصفح الإنترنت، وهذا كان السبب لانضمامي لفريق تطوعي حتى اندمجت بالمجتمع وتعرفت على أشخاص جدد.

في البيت أسعد كثيرا بمناقشة أبي في شتى المواضيع، قضايا اجتماعية، في السياسة، في التكنولوجيا، وحتى في الرياضة، المشكلة تظهر فقط في الاجتماعات.

لشخص في عمري "26" أظن أنه يجب أن أكون شخصا مؤثرا، عارفا بأهدافه، وكيف يجب أن تسير حياته، لكن هذه المشكلة عائق كبير أمامي.

أرجو أن تخبروني كيف الحل؟ وكيف أستطيع تدريب نفسي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ علياء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك – أختي الفاضلة– وأسأل الله تعالى أن يفرج همك، ويشرح صدرك، وييسر أمرك ويرزقك الزوج الصالح والحياة السعيدة في الدنيا والآخرة.

كونك – أختي العزيزة – طموحة وتحملين مشاريعا وأفكارا، وبفضل الله عليك متفوقة في دراستك, وتحظين برضا مديرك وفي تخصص مهم كعلوم الحاسوب, فإني واثق كل الثقة بإمكانيتك لتجاوزك لمشكلتك المتواضعة, لاسيما وأنك مدركة لجانب الخطأ لديك، وحريصة على تجاوزها بكل الوسائل الممكنة, فكم هو جميل ورائع أن تقرئي كثيراً في كتب (تطوير الذات, وزيادة الثقة بالنفس) وأن تحضري دورات في (التنمية البشرية وفي فن الإلقاء) ونحوهما, الأمر الذي ولاشك سيسهم في معالجتك لمشكلتك بأحسن وأسرع وجه وصورة, فالمسألة مسألة وقت فحسب.

محاورتك لوالدك في قضايا مختلفة سياسية واجتماعية في الرياضة والتكنلوجيا يساعد في تطوير ذاتك وقدراتك ومهاراتك وثقتك بنفسك وفي التحاور مع الآخرين, لاسيما مع ما يظهر من عقلانية والدك وسماحته وثقافته, وفيما يظهر أيضاً من توفر مستوى ثقافي وديني لديك أيضاً.

اندماجك في المجتمع عبر المشاركة في الأعمال التطوعية كذلك مما يسهم في معالجتك لمشكلتك، ولم يبقَ لي ما أضيفه في نصحك سوى الاستمرار وعدم اليأس والإحباط والقنوط.

عززي حسن ظنك بربك وحسن الصلة به: بالذكر، والعبادة، وقراءة القرآن، ومتابعة الخطب والدروس والمحاضرات الثقافية المتنوعة -الدينية، والدنيوية، الشرعية، والعصرية-, الزمي القراءة والصحبة الصالحة والواعية, حاوري والديك وإخوتك الذكور والإناث بكل ثقة وشفافية, لا تبالغي في نقد وجلد ذاتك، وخشية الناس والتركيز على كلامهم ونظراتهم وملاحظاتهم, طوري مستواك الخاص بعملك ووظيفتك, اقرئي فيها جيداً عبر النت وغيره, عبري عن رأيك في أمور مختلفة في خلوتك وفي حضور أهلك جيداً.

وفي الاجتماعات ركزي على محاورة الموضوع جيداً, وحضري قبل انعقاده، واجعلي رأيك في آخر المجلس ما أمكن, واستفيدي من الآخرين.

ولا أجمل من الاستشارة والدعاء والقراءة والاجتماع بالناس وفق المشروع، والله الموفق والمستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً