الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر أني غريب عن العالم والناس، فما تشخيص حالتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا رجل عمري 39 سنة، متزوج، منذ 15 سنة بدأت تأتيني وساوس قهرية بخصوص النظافة والخوف الشديد من الأمراض المعدية، مثل مرض الإيدز، وبدأت في هذه الفترة أيضا أشعر بأحاسيس غريبة جدا، وأتساءل: هل هذا العالم الذي نعيش فيه هو فعلا الذي أراه وأعيش فيه أم أني أعيش في واقع مختلف؟ أعرف أنه إحساس يصعب وصفه، ومن يسمعني يحس أني مجنون.

راجعت الكثير من الأطباء، وكان التشخيص ما بين قلق واكتئاب ووسواس قهري، ووصف لي العديد من الأدوية، منها: الفافرين، البروزاك، المودابكس، السيبرالكس، البوسبار، الأنفرانيل، ولا أتذكر البقية، وكل هذه الأدوية كانت بالنسبة لي مجرد مسكنات للشعور الذي يراودني.

بعد الزواج رجع الوسواس بشدة، ولكن في مسألة الخوف من التلفظ بالطلاق، ثم عاد لي وسواس النظافة والخوف الشديد من الفيروسات، و-الحمد لله- تم السيطرة عليه بنسبة 90%، لكنه ما زال مستمرا حتى الآن.

المشكلة الرئيسية التي أترجى من الله ثم منكم أن تجدوا لها حلا هي إحساسي الدائم بالانفصال عن الواقع، وعدم الإحساس بأي بهجة في الحياة، أشعر وكأن حواسي تعمل بنسبة 50%، أنظر للحياة كأنها فيلم معروض أمامي، ويوجد بيني وبين الناس حاجز شفاف، لا أشعر بالليل والنهار، وكأني إنسان آلي يفعل كل شيء بلا إحساس، وهذه الحالة مستمرة معي منذ سنوات، تقل مع العلاج، وتزداد مع الضغوطات، لكنها لا تختفي تماما.

أعترف أني أكثرت مراجعة الأطباء، ولم أنتظم على العلاج لفترة كافية، حيث جربت كل الأدوية لفترات متقطعة.

الحمد لله صحتي الجسدية مقبولة، ولكن أعاني من التهاب مزمن في الجيوب الأنفية، وارتجاع المريء، وأود أن أذكر نقطة أخجل منها، ولكن لعلها تفيدكم في تشخيص حالتي، وهي ممارستي للعادة السرية، ولكن -الحمد لله- تبت إلى الله منها، وتوقفت عنها.

من خلال بحثي المتواصل على الإنترنت عرفت أن حالتي تسمى اختلال الأنية، أو تبدد الواقع، وحاليا أتناول سيروكات 25 cr قرصا واحدا يوميا بدون وصفة طبية.

آسف جدا على الإطالة، وأرجو من سيادتكم مساعدتي في علاج حالتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فحوالي عشرين بالمائة من الذين يُعانون من الوساوس القهرية الفكرية - على وجه الخصوص - ينتابهم شعور باضطراب الأنّية - أو ما يمكن أن نسمِّيه بالتغرب عن الذات - وهو شعور سخيف - كما تفضلتَ - لكنه ليس خطيرًا، والسعي لتجاهله دائمًا وصرف الانتباه عنه هو أحد الوسائل العلاجية الممتازة.

كما أن عقار (ألبرازولام) والذي يُسمَّى تجاريًا (زاناكس) يُفيدُ جدًّا في علاج هذه الحالة، لكن يُعاب عليه أنه قد يؤدي إلى التعوّد إذا تناوله الإنسان لفترات طويلة أو بجرعاتٍ كبيرة.

فيا أخي الكريم: أنت تحتاج للألبرازولام لمدة ستة أسابيع، وهذا يتطلب ذهابك إلى الطبيب، لأن الألبرازولام في معظم الدول هو دواء لا يُصرف إلَّا من خلال الوصفات الطبية، وأنا متأكد أن الطبيب سوف يُوافق -إن شاء الله تعالى- على اقتراحي.

الجرعة هي ربع مليجرام في بداية الأمر، تتناولها ليلاً لمدة ثلاثة أيام، ثم تجعلها ربع مليجرام صباحًا، وربع مليجرام مساءً، وهذه تستمر عليها لمدة شهر، ثم تجعلها ربع مليجرام مساءً لمدة أسبوع، ثم ربع مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناوله.

واستمر على عقار الزيروكسات كما هو، وهنالك دواء آخر أيضًا يجب أن تتناوله وهو الـ (رزبريادون) بجرعة واحد مليجرام ليلاً لمدة ستة أشهر، هذا دواء ممتازة جدًّا، يُقلِّلُ كثيرًا من اضطراب الأنّية، ويقضي على الوساوس أيضًا، خاصة حين يتم تناوله مع الزيروكسات أو مع السبرالكس.

هذا - أخي - من ناحية علاج حالتك دوائيًّا، أما الجوانب الأخرى العلاجية فهي: التجاهل - كما ذكرتُ لك - وحسن إدارة الوقت، وعدم حوار الوساوس أو نقاشها أبدًا، إنما تحقيرها وتجاهلها بصورة تامَّة، وممارسة الرياضة، وممارسة بعض التمارين الاسترخائية، هذه - أخي الكريم - هي الطرق العلاجية المتاحة، وهي فاعلة جدًّا.

الحمدُ لله أنت لديك الكثير من عوامل الاستقرار في حياتك، لديك الوظيفة المحترمة، فحاول أن تُطوّر نفسك مهنيًّا، لأن هذا يصرف انتباهك عن التغرُّب عن الذات وكذلك الوسوسة، والحمدُ لله - أخي الكريم - أنك قد تُبت من ممارسة العادة السرية، فهي لا تُناسبك أبدًا، أنت رجلٌ متزوج ومسلم.

وبصفة عامة أنا متفائل جدًّا أن هذه الحالة التي أزعجتكَ سوف تنتهي تمامًا.

التركيز على تمارين الاسترخاء -خاصة تمارين التنفُّس المتدرّجة، وتمارين شد العضلات ثم إطلاقها- هذه تمارين ناجعة ومفيدة جدًّا لعلاج حالات التغرُّب عن الذات، كما أن التدبُّر والتأمُّل - يا أخي - وُجد وسيلة طيبة جدًّا، لأن الإنسان حين يتدبَّر ويتأمَّل يتحسَّن تركيزه وانتباهه حول ذاته، الصلاة الخاشعة تتطلب التدبُّر، تتطلب التأمُّل، فحاول أن تكون متدبِّرًا ومتأمِّلاً وخاشعًا في صلاتك، هذا يُساعدك في علاج اضطراب الأنّية.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً