الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شعور الخوف من الموت يلاحقني دائما، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة من الله وبركاته.

أعاني من الخوف من الموت، وأي عرض في جسدي أربطه بالموت، بدأت حالتي عندما كنت جالسا مع أصدقائي وفجأة أتاني شعور غريب وخوف شديد، منذ تلك اللحظة وأنا أعاني خوف الموت.

بعدها أتاني الشعور بالمرض، ظننت أنني مصاب بمرض السل، وذهبت عند طبيب الصدر، وكانت النتيجة سليمة، وبعد مدة شعرت بخوار الانقباض، وذهبت عند طبيب القلب، وكانت حالتي طبيعية.

أشعر أن قلبي سيتوقف وسوف أموت، وأي شيء يحدث حولي أربطه بالموت، وأخاف من المستقبل، وأقول لن أصوم رمضان المقبل، لدي أيضا حرقة المعدة وإسهال خفيف وتساقط للشعر منذ سنة.

آسف على الإطالة، وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ جمال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أيها الفاضل الكريم: موضوع الخوف من الموت أصبح شائعًا بين الناس، لأننا نعيش في زمانٍ قلَّتْ فيه الطمأنينة، وكثرتْ فيه موت الفجاءة، وكثر فيه القتل والتقتيل، نسأل الله تعالى أن يحفظنا ويحفظ الناس من كل سوء.

أيها الفاضل الكريم: الموت يجب أن نخاف منه، لكن يجب أن يكون خوفًا على أسسٍ شرعية، وذلك بأن تكون القناعة مُطلقة بأن الموت لا مفرّ منه، وأن الآجال بيد الله تعالى، وأن كل مَن عليها فانٍ، {إنك ميتٌ وإنهم ميتون}، {كل شيءٍ هالك إلا وجهه}، و{كل من عليها فانٍ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}، والإنسان يجب أن يُدرك إدراكًا كُلِّيًا ويقينيًا أن خير خلق الله تحت الأرض، الرسول -صلى الله عليه وسلم- مات، وقد قال الله تعالى: {وما جعلنا لبشرٍ من قبلك الخلد أفإن متَّ فهم الخالدون * كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا تُرجعون}.

فحتمية الموت أمرٌ لا شك فيه، وهذا يمثل دافعًا للإنسان ليعمل لما بعد الموت ويزرع لآخرته حتى يحصد ويجني خيرًا، {وما تقدموا لأنفسكم من خيرٍ تجدوه عند الله هو خيرًا وأعظم أجرًا}، والإنسان يجب أن يُدرك أنه إذا فرح العبد بلقاء الله فرح الله بلقائه، {وأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يُحاسب حسابًا يسيرًا وينقلب إلى أهله مسرورً}.

عش الحياة بقوة - أخي الكريم - والإنسان إذا عاش حياة مفيدة وحياة إيجابية لا يأتيه الخوف المرضي من الموت أبدًا، لأن الموت مصير كل حيٍّ، والحياة الإيجابية والحياة النافعة هي أن يكون الإنسان مفيدًا لنفسه ومفيدًا لغيره، أن يكون مستثمرًا لوقته ولفكره ولحياته، أن يكون دائمًا يدًا عُليا، يُقدِّم للآخرين {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون}، أن يسعى دائمًا في تطوير نفسه اجتماعيًا، ومهنيًا، وأكاديميًا.

أن يحرص على بر الوالدين، وأن يكون شخصًا مفيدًا داخل أسرته، أن يكون له آمال وطموحات وخُطط مستقبلية لتحقيق أهدافه، والأهداف يجب أن تكون واضحة في الحياة، بعض الناس يعيشون دون أي أهداف، وهؤلاء هم الذين يشعرون دائمًا بالإحباط، وأن حياتهم وموتهم سيان، فتحسين الدافعية والإيجابية في التفكير مهم جدًّا.

والتواصل الاجتماعي وجدناه أمرًا مهمًّا، لأن المؤازرة حين تأتيك من الأخوة ومن الصالحين من الناس فيها دعم كبير لك.

أخي الكريم: الصلاة في وقتها، تُحسِّن من صحة الإنسان النفسية، تُقلِّل الخوف، أي خوف، بل تذهبه تمامًا.

أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم، هذه حقيقة مطمئنات، جُرِّبتْ وجرّبناها، ويجب أن تُجرِّبها، تقولها بيقين، تكون قناعتك بها قناعات ثابتة.

أنا أريد أيضًا أن أنصحك بدواء بسيط جدًّا، دواء مضاد لقلق المخاوف، وأنت لست مريضًا، هذه ظاهرة، ظاهرة الخوف التي لديك ظاهرة سلبية ولا شك في ذلك، وليست مرضًا، كيف تخاف من مرض السل أو غيره، أو تخاف ألَّا تُدرك رمضان، هذا أمرٌ ليس منطقيا أبدًا، اسأل الله أن يحفظك، وأن يُطيل في عمرك، وأن يبلغك رمضان أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة، وأن يُحسن خاتمتك.

الأعراض النفسوجسدية التي لديك - وهي حرقة المعدة وإسهال خفيف - مرتبطة بالمخاوف، وكذلك تساقط الشعر، لكن يجب أن تتأكد أنه ليس لديك علّة في جذور الشعر، يمكن أن تُقابل الطبيب - طبيب الأمراض الجلدية مثلاً - .

الدواء الذي أريدك أن تستعمله وهو مضاد للمخاوف يُسمَّى (سبرالكس) واسمه العلمي (استالوبرام)، ابدأ بجرعة نصف حبة (خمسة مليجرام) تناولها يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناوله، كما ذكرتُ لك: هو دواء سليم، وفاعل جدًّا.

الرياضة أيضًا يجب أن تكون جزءً من حياتك، فهي مفيدة جدًّا.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مجهول محمد

    انا مثلك اخي وكإنك تحكي عليا ربي يشافينا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً