الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني الخوف والرجفة في التجمعات، فهل أحتاج أدوية الرهاب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو الرد علي من قِبَل د. محمد عبدالعليم.

الحمد لله لدي رهاب اجتماعي، وسريعة الخجل والإحراج، قرأت كثيرًا أن إحدى أساليب العلاج وأهمها هي مواجهة تلك المخاوف حتى يصبح الأمر معتاداً ويذهب الرهاب، وأنه يحتاج إلى صبر لمشقته في البداية.

لكن مشكلتي هي: أنني لا أستطيع الإقدام بسبب خوفي، وتوتري يغلبني ورجفة صوتي أحيانا، وفي الجامعة داخل القاعة الدراسية لا أستطيع أخذ راحتي بالكامل، وأخجل من الدخول متأخرة في حال كانت القاعة ممتلئة، وإذا طلب مني الأستاذ المشاركة أتوتر ويرجف صوتي وإن كنت أعرف الإجابة أخجل أن أرفع يدي وأشارك، لكني أشارك مع الجماعة، وإذا تحدثت أمام مجموعة من 8 أشخاص يُحمِّر وجهي.

وفِي مرة من المرات طلبت منا الأستاذة القيام بأخذ الحضور والغياب ونظرت إليّ فانحرجت وارتبكت سريعاً، وفهمت أنني لا أريد، وفِي المناسبات مثل الزواج قد أرتجف أيضاً في بداية دخولي.

أريد أن أعرف نسبة الخوف لدي هل هي عالية أم متوسطة؟ أحياناً أشعر بأنني متوسطة، وهل يحتاج لمثل حالتي علاج دوائي قبل السلوكي أم أنه لا يحتاج أنا مترددة كثيراً؟

وهل تنصحوني بالسيروكسات؟ قرأت من أعراضه الجانبية البرود الجنسي وتأخر القذف لدى الرجل، هل هذا صحيح ويسببه لدى الأنثى؟ وإذا كان يسبب البرود، هل هذا فقط في فترة العلاج، وعند التوقف يذهب، أم أنه يستمر وتصبح صفة أقصد البرود الجنسي؟

وإذا كانت حالتي تستدعي أخذ الدواء، فأرجو منكم تزويدي بطريقة استعماله وكم يلزمني من المدة؟ وقرأت أيضاً ردود تخوفني من هذا العلاج وأخرى تطمئنني، مترددة جداً.

أفيدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الرهاب الاجتماعي الذي تعانين منه من وجهة نظري هو من الدرجة البسيطة إلى المتوسطة، وقلق التجنب هو الذي يُهيمن لديك، والذي أتوقعه أنه أيضًا لديك شيء ممَّا نُسمِّيه بالقلق التوقعي، أي أنك تدخلين في افتراضاتٍ مسبقة حول المواجهة والموقف الاجتماعي، وهذا قطعًا يجعل الخوف يتملَّكك في بداية المواقف الاجتماعية.

المبدأ الرصين هو تحقير الخوف، وتحقير الخوف أمرٌ منطقي جدًّا ؛ لأن كثيرا من الناس أو معظم الناس يُقدمون على هذه المواجهات الاجتماعية دون أي إشكالية، فلماذا لا ينطبق هذا عليك وعليَّ وعلى كل الناس؟ بهذا المنطق وبهذا المفهوم يمكن أن يتهشهش الخوف المرضي ذو الطابع الاجتماعي.

والأمر الآخر هو تصحيح المفاهيم، كثير من الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي لديهم اعتقاداتٍ خاطئة، أهم هذه الاعتقادات الخاطئة هي الحرج الاجتماعي، وأن الواحد سوف يفشل أمام الآخرين، وأنه سوف يتلعثم ويرتجف، وأنه ربما يسقط أرضًا، وسوف يفقد السيطرة على الموقف، هذا كله ليس صحيحًا، حتى التغيرات الفسيولوجية من احمرار في الوجه وغيره، هي تحدث لكنها ليست بالصورة والكثافة والتركيز والمبالغة التي يعتقد بها الشخص الذي يعاني من الخوف الاجتماعي، إذًا يجب أن تُصحح المفاهيم.

أمر آخر هو أنك لست تحت مراقبة الآخرين، هذا أيضًا يجب أن يكون معلومًا لديك، وبعد ذلك تلجئين لأسلوب ما نسميه (التعرض في الخيال)، قبل أن تدخلي في هذه المواجهات أريدك أن تجلسي في جلسات نفسية مطوّلة مع نفسك، تحقّري من خلالها الخوف، ثم تعرضي نفسك إلى مواقف معينّة، تتصوري أنه قد طُلب منك أن تقدمي عرضًا أمام زملائك في الجامعة، وهذا يحدث، وأن هذا العرض قمت بالإعداد له إعدادًا جيدًا، ومن ثمَّ دخلت في قاعة المحاضرات وقمت بتحيّة زملائك الطلاب، والأساتذة، وبعد ذلك دخلت في العرض، يجب أن تعيشي هذا الموقف بعمق وتدقيق، والتعريض في الخيال يجب أن يستغرق عشرين دقيقة على الأقل، ويا حبذا لو كانت المدة أطول من ذلك، هذا ممتاز جدًّا.

وهكذا تعرضين نفسك للخيال بالتكرار، وتتصورين نفسك أيضًا أنك في مناسبة عرس، كيف جهزت نفسك للذهاب إلى العرس، وهكذا، يجب أن تعيشي هذه الرحلة بكل تفاصيلها وبكل دقة، هذا مهمٌّ جدًّا، وهذا يؤدي إلى نوع من الإشباع النفسي الإيجابي.

تطبيق التمارين الاسترخائية أيضًا يساعد في كبح جماح هذه الأعراض، التواصل الاجتماعي مهمٌّ جدًّا على مستوى الأسرة، على مستوى زيارة الأرحام، زيارة المرضى، الانخراط في أي نشاط اجتماعي كالعمل التطوعي أو الخيري، الذهاب إلى مراكز تحفيظ القرآن، هذا كله علاج وعلاج مهمٌّ جدًّا.

أما بالنسبة للدواء، فأعتقد أن الدواء سوف يُساعدك، والدواء الأفضل بالنسبة لك هو الـ (زولفت). الزيروكسات دواء طيب لكن الزولفت قد يكون أفضل، وأنت تحتاجين له بجرعة صغيرة، والزولفت يُسمَّى علميًا (سيرترالين). البداية تكون نصف حبة (خمسة وعشرون مليجرامًا) يتم تناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم تجعلينها حبة واحدة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم تجعلينها حبتين ليلاً – أي مائة مليجرام – لمدة شهرين، ثم تخفضين إلى حبة واحدة ليلاً لمدة شهرين آخرين، ثم نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقفين عن تناول الدواء.

هو دواء سليم، وليس له آثار سلبية، ولا تشغلي نفسك أبدًا بالآثار الجانبية الجنسية، فهي تحدث للرجال أكثر من النساء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً