الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضميري يؤنبني بسبب صراخي على والدي، كيف أكفر عن ذنبي بعد وفاته؟

السؤال

السلام عليكم

توفي والدي منذ أكثر من 20 يوما، وأنا أعيش حالة من تأنيب الضمير، حيث إني في بعض الأحيان كنت مقصرا تجاهه، مع العلم أني كنت أنفق عليه، وأحمله للطبيب؛ لأنه كان يعاني من المرض، وأسهر على نظافته، كنت أطعمه وأسقيه بيدي، وكنت أمزح معه، وأحاول إدخال السرور عليه، وكان يضحك ويفرح كثيرا لآخر لحظات حياته حيث كنت بجانبه، وكان مسرورا بذلك.

لكن في عدد من المرات قمت بالصراخ في وجهه، وأتكلم بكلام جارح على مسألة تناوله الدواء، ولكني أندم كثيرا وألوم نفسي كثيرا، لكن لم أطلب منه أن يسامحني عن فعلي الشنيع، ولا أعرف هل توفي وهو راض عني أم لا؟ أعيش هذه الأيام مرحلة صعبة من الاكتئاب والندم.

بر الوالدين بعد الموت هو أيضا بر عظيم؛ لذلك يوميا أدعو له وأتذكره في صلاتي. أدعو الله أن يغفر لي، وأن يرحم والدي رحمة واسعة، وكيف أكفر عن ذنبي هذا؟ لأني أخاف عقاب الله في الدنيا والآخرة.

شكرا لكم، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فرحم الله والدك، وأحسن إليه، وأسكنه فسيح جناته، ولقد قمت بعمل طيب أثناء تمريضه كتب الله لك الأجر والمثوبة، وإن كان قد وقع منك شيء من الزلل والخطأ في الصراخ عليه ورفع صوتك، لكن الذي يبدو لي أن والدك كما ذكرت في استشارتك كان مسرورا من حسن برك به في تلك المرحلة.

نرجو من الله سبحانه البر الرحيم أن يكون قد مات وهو عنك راض، وباب البر لم يغلق، بل هو باق، ومن ذلك كثرة الدعاء له والتصدق عنه، ووقف المصحف، أو ماء الشرب من أفضل ما يقدم لوالدك بعد موته.

من أبر البر أن تصل أهل ود أبيك كأعمامك وأصدقاء والدك كما ورد في الحديث الشريف: (إن من أبر البر أن تصل أهل ود أبيك) أي الذين كان يودهم ويحبهم في حياته.

أكثر من الاستغفار، ومن الأعمال الصالحة، فإن الحسنات يذهبن السيئات.

ندمك على ما بدر منك تجاه والدك يعد توبة، ومن تاب تاب الله عليه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

من أفضل ما تقدمه لوالدك بعد موته الدعاء كما ورد في الحديث: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له).

استقامتك وتوثيق صلتك بالله تعالى والاجتهاد في تقوية الإيمان، وكثرة العمل الصالح، كل ذلك يصب في سجل حسنات والدك، فما من عمل صالح تعمله إلا كتب لوالدك من الأجر مثل أجرك؛ لأن الولد من كسب والده كما ثبت في الحديث.

نسعد بتواصلك ونسأل الله لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً