الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بكاء الطفل

السؤال

لدي ابن واحد عمره سنتان ونصف، لاحظت في الأيام الماضية أنه يكثر من الصراخ لأي طلب، أيضاً بدأ في ضربي أنا ووالده وأولاد عمه، وعندما يضربني أحرمه من أي شيء، فغالباً لا ألبي الطلب الذي ليس فيه ضرر، ولكني أخاف أن يكون هذا بادرة على سوء الأخلاق حيث علق أحد أعمامه عليه بأنه ولد قليل الأدب والتربية، فماذا أفعل؟ وهل ابني فعلاً قليل الأدب؟

كما أن هناك الكثير من التعليقات عليه مثل أنه قليل الأدب، إنه كابوس، وأنا لا أعرف كيف أواجه تلك التعليقات، ولا أريدها أن تصل إليه فيحسها ويكره من يقولها!


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الابنة الفاضلة/ هبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله العظيم أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.

فإن صراخ هذا الطفل ربما يكون تعبيراً عن جفافٍ عاطفي، أو وسيلةً لتلبية رغباته، أو طمعاً في لفت الأنظار إليه، أو محاكاةً لطفل آخر يجد الاهتمام عندما يستخدم هذه الطريقة، بل ربما كان هذا الصراخ قد اعتاد عليه منذ أيامه الأولى، ومن هنا لابد أن نعرف أن الأم الناجحة لا تُسارع إلى حمل طفلها إذا بكى، ولكنها بدايةً تعرف سبب البكاء، فإن كان لأجل الطعام أطعمته، وإن كان من الخوف أمَّنته، وإن كان لأوساخ متعلقة به أزالتها، وقد يكون البكاء لشدة حرٍّ أو برد، أما إذا كان البكاء لغير الأسباب المذكورة، فإن الصواب في هذه الحالة هو أن نهمله ونتركه يبكي، وفي ذلك فوائد طبية كثيرة أشار إليها الإمام ابن القيم قبل ثمانية قرون تقريباً، ومن تلك الفوائد ما يلي:

1- إزالة الفضلات المؤذية من صدره.

2- إزالة المادة السامة في دماغه، فتتحول إلى دموع أو مخاط، وهذه المواد هي التي تسبب في بعض أنواع الصراخ.

3- يعتاد على سعة الصدر والتحمل.

4- لا يستخدم البكاء والصراخ كحيلة إذا لم تنفذ رغباته.

وإذا ضربك لتلبيه رغباته، فقد يكون سبب ذلك هو أنه بدأ يفقد الاهتمام الذي كان يجده، خاصة مع اشتغالك بالوظيفة، وتقصير الأهل في الاهتمام به، وتعويض تلك الجرعة المفقودة، ونحن نخطئ عندما ندلل الطفل ثم نحاول أن نغير سلوكه بين يومٍ وليلة.

ولا شك أن حرمانه من بعض طلباته فيه مصلحة له؛ بشرط أن لا يكون هناك من ينتصر له ويقول مثلاً: مسكين لماذا تحرموه، أو سوف أعطيه أنا!! لأن هذه العبارات تضر الطفل، وتفقد الموقف التربوي ثمرته.

والطفل لا زال صغيراً، ويمكن بإذن الله أن يتغير إذا تعاملنا معه بحكمة، وشاهد عندنا الأخلاق الفاضلة، والسلوك السوي، وليس من مصلحته أن يسمع هذه التعليقات، فهو لا يعرف ماذا تعني كلمة سيء الخلق أو أنه قليل الأدب، وليس صحيحاً الحكم عليه من الآن، وهناك ضرر من سماع تلك الكلمات والتعليقات، فقد تدفعه الرغبة في الظهور إلى تمثل تلك الصفات، فإن بعض الأطفال ينتفخون ويفتخرون عند سماع تلك الألفاظ، ويُسعدهم أن يشتهروا ولو بالسلوك المعوج.

ونوصيك بتقوى الله وطاعته، والبُعد عن مخالفة أمره، فإن للمعاصي شؤمها وآثارها، مع ضرورة الحرص على إطعامه من الحلال، وكثرة الدعاء له بالتوفيق والنجاح، فإن دعوة الوالدين أقرب للإجابة، مع ضرورة الاتفاق على منهج موحّد للتربية؛ فإن التناقض في التوجيهات يضر الأطفال، وأرجو أن ينال حظاً وافراً من وقتك واهتمامك، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية.
والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً