الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفيدوني بعلاج رخيص وخطة للرهاب الاجتماعي الذي أعاني منه؟

السؤال

السلام عليكم.

أشكر حبيبنا السيد الدكتور محمد عبد العليم، والدكتور عبد العزيز أحمد عمر، وجميع المستشارين والعلماء والقائمين على هذا الموقع المبارك، وأتمنى من أهل الاختصاص التوجيه والإرشاد.

أنا قليل الكلام، أعاني من الرهاب الاجتماعي، وأحب العزلة، ولا أستطيع التحدث والاختلاط مع الناس، وأتعرق ويحمر وجهي، وأشعر باكتئاب، ولا أحس بالسعادة منذ أن كنت صغيرا، والآن أبلغ من العمر 23 سنة، وقبل 4 سنوات صرت أعاني من القولون العصبي متمثلا في إمساك وانتفاخ؛ مما أصابني ببواسير محلية، وكذلك يدي أحس بها ترتجف قليلا -نسأل الله تعالى أن يغفر بهذا المرض الذنوب ويرفع به الدرجات- ولله الحمد أدرس وأمارس بعض الهويات، ولست مدمنا على أي شيء، وأحب ديني.

لو سمحت -يا دكتور- انصحي بخطة علاجية ولكن أن تقدر ظروفي، فأنا طالب ولا أعمل، أرجو أن تصف لي دواء رخيصا، وفقكم الله تبارك وتعالى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا على كلماتك الطيبة، وأرجو أن تتقبَّل شكرنا وتقديرنا نيابة عن جميع العاملين بالشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعًا.

أول خطوات العلاج هي: أن تقتنع بأنه لديك المقدرات، ولديك طاقات نفسية كبيرة، وأن الله تعالى قد حباك بهذه المقدرات وهذه المهارات لتتغيَّر من خلالها ذاتيًّا، والرهاب الاجتماعي كثير من الناس يستحوذ عليهم نسبةً لمفاهيمهم الخاطئة حول هذه العلَّة.

أولاً: الرهاب الاجتماعي ليس جُبنًا أو ضعفًا في الشخصية، هو خوف مكتسب من خلال تجربة نفسية سلبية سابقة، الإنسان قد يكون تعرَّض لشيء من التخويف أو الخوف في مراحل طفولته، وليس من الضروري أبدًا أن تتذكّر هذه الحادثة التي كانت هي السبب في هذا الذي تعانيه الآن من رهاب.

وما دام الخوف الاجتماعي أمرٌ متعلَّمٌ ومكتسب؛ فيمكن أن يُفقد، لأنه ليس أمرًا جينيًّا أو وراثيًّا، فمن المهم جدًّا أن تكون قناعاتك قائمة على هذا الأساس، أن هذا الخوف خوف مكتسب، وأنه إن شاء الله تعالى يزول بصفة كاملة. هذه هي النقطة الأولى.

النقطة الثانية: أعراض الرهاب الاجتماعي والتي تتمثَّلُ في التغيرات الفسيولوجية والشعور بالتلعثم أو الرجفة أو احمرار الوجه أو خفّة الرأس، أو الشعور بأنك سوف تفقد السيطرة على الموقف، هذه مشاعر مبالغ فيها؛ فهي ليست بنفس الحجم والتعقيد الذي تتصوره. وفكر تحقير الخوف هي فكرة أساسية، ونحن وجدنا أنه من أفضل طرق العلاج: الالتزام بالواجبات الاجتماعية، ومجتمعنا بفضل الله تعالى عامرٌ وغنيٌّ بكثير من الأنشطة الاجتماعية المفيدة (تلبية الدعوات، مشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم، زيارة المرضى، زيارة الأرحام، ممارسة رياضة جماعية مثل كرة القدم، حضور حلقات التلاوة، الصلاة مع الجماعة) هذا كله علاج أساسي للرهاب الاجتماعي.

فأرجو –أيها الفاضل الكريم– أن تجعل هذا هو منهجك العلاجي، والرياضة يجب أن تعطيها أهمية خاصة؛ لأنها بالفعل مفيدة. تنظيم الوقت يُعلِّم الإنسان أيضًا تطوير المهارات بصفة عامّة، ومهارات التخلص من الخوف على وجه الخصوص.

هذه هي النصائح العامة التي أودُّ أن أوجِّهها لك، وأنا أعرف أنك مُدركٌ لها، لكن ذكرتُها من قبيل التذكير، وأن تبدأ في تطبيقها.

بالنسبة للعلاج الدوائي: الحمد لله تعالى توجد أدوية كثيرة، أدوية مفيدة جدًّا. أنا لا أريدك أن تشغل نفسك بموضوع الاكتئاب النفسي، عُسر المزاج هذا الذي تعاني منه ناتج من الفكر السلبي، وهو ناتج ثانوي للمخاوف.

هنالك دواء –وهو التفرانيل، والذي يُسمَّى إمبرامين– من الأدوية القديمة نسبيًّا، أدوية ثلاثية الحلقات، وهو زهيد الثمن جدًّا، وهو أول دواء أثبت فعاليته لعلاج الرهاب الاجتماعي، وعليه أرجو أن تبدأ في تناول التفرانيل بجرعة 25 مليجرام يوميًا، وبعد ذلك ارفع الجرعة بمعدل 25 مليجرام كل أسبوع حتى تصل لجرعة 100 مليجرام، والتي يجب أن تستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة شهريًا بمعدل 25 مليجرام حتى تتوقف عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً