الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي خوف من الصوم مع الذهاب إلى العمل

السؤال

السلام عليكم

انتابتني حالة من الهبوط والرعشة والخفقان، والعطش الشديد أثناء الصيام بنهار رمضان، مع العلم أني ليس لدي مرض السكر، ولكن الآن أنا أخاف أن أخرج من المنزل وأنا على الريق، حيث ينتابني شعور في حال أني لم آكل في حال خروجي بنفس الأعراض.

المشكلة: أنا حالياً طالب بالجامعة، وأنا موظف، وهذه السنة الاختبارات ستكون في رمضان، وعندي تخوف أن أذهب إلى الامتحان وأنا صائم، خشية إصابتي بالهبوط، والقلق يزداد يوما بعد يوم من الموعد المرتقب للاختبار، ولا أريد أن أفطر في رمضان، ولكني قلق من موضوع الصيام.

بعد هذه الحالة ازداد وزني؛ لأني مجرد ما أشعر بالجوع وأنا خارج المنزل يأتيني تفكير بهذه الحالة!

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أعتقد أن هذه مخاوف وسواسية ناتجة من قلق توقعي لا أساس له، فاستعذ بالله - أخي الكريم - من الشيطان الرجيم، وأقْدِم على الصيام بكل محبَّةٍ وطلب للأجر والثواب.

أنا أنصحك بأن تُدرِّب نفسك على الصيام من الآن، تصوم مثلاً الاثنين والخميس أو الأيام البيض، وهذا فيه نوع من التدريب العملي الذي يجعلك تتخلَّص من هذا الشعور، وتدبّر قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم} لماذا وما الفائدة المرجوة من الصيام؟ {لعلكم تتقون}، حصول التقوى وطلب رضا الله تعالى، وقد قال تعالى في الحديث القدسي: (والصيام لي وأنا أجزي به) يعني ليس له حدود في الأجر والثواب.

قلق المخاوف الذي لديك هو ناتج مما نسمّيه بالقلق التوقعي، وهذا قطعًا تحرّكه الوسوسة.

أراك محتاجًا لعلاج دوائي، أحد مضادات الوساوس سيفيدك كثيرًا، وبما أنه حدث لك زيادة في الوزن فيكون عقار (فلوكستين) والذي يُسمَّى تجاريًا (بروزاك) هو الأفضل والأمثل بالنسبة لحالتك.

إن تمكّنت أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا جيد، وإن لم تتمكّن فيمكنك أن تبدأ في تناول البروزاك، حيث إنه دواء بسيط وسليم، ولا يُسبِّبُ الإدمان، وليس له ضرر.

تبدأ بكبسولة واحدة وهي (عشرون مليجرامًا) يوميًا لمدة أسبوعين، ثم تجعلها كبسولتين - أي أربعين مليجرامًا - يوميًا لمدة شهرين، ثم تخفضها إلى كبسولة واحدة يوميًا لمدة شهرين، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

توجد أدوية أخرى ممتازة لعلاج قلق المخاوف الوسواسي، منها عقار (سيرترالين) والـ (زيروكسات) والـ (سبرالكس)، ولكن البروزاك أعتقد أنه سيكون الأمثل والأفضل في حالتك.

أخي الكريم: نظّم وقتك لأنك تدرس وتعمل، وهذا شيء جيد جدًّا، خذ قسطًا كافيًا من الراحة ليلاً، مارس رياضة، تواصل اجتماعيًّا، واحرص على الصلاة في وقتها، وأدِّها مع الجماعة في المسجد، وتلاوة القرآن والحرص على الأذكار، حيث إن الدِّين متكامل يجب أن نأخذ بالعبادات كلها مع بعضها البعض، ليس الصلاة وحدها، والصيام وحده.

حتى تكون أكثر اطمئنانًا - أخي الكريم - أريدك أن تجري فحوصات طبيّة عامَّة، تتأكد من نسبة الهيموجلوبين لديك، ونسبة السكر - ذكرتَ أنها جيدة ولكن من الأفضل أن تعيد الفحص مرة أخرى - تأكد من فيتامين (د)، وفيتامين (ب12)، ووظائف الغدة الدرقية، ووظائف الكبد والكلى، ومستوى الدهنيات.

هذه الفحوصات الروتينية والأساسية مهمَّة جدًّا؛ لأن الإنسان ينبغي أن يعرف ما عنده عضويًّا وإن كانت هناك مشاكل جسدية أو لا، وإن شاء الله تعالى حين تجدها كلها طبيعية هذا سيُمثِّل حافزًا ودافعًا إيجابيًا لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً