الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي تراودها الأفكار السلبية وتعاني ضعف الثقة في النفس، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

زوجتي عمرها 29 سنة، مدرسة، حملت 3 مرات: في المرة الأولى مات الجنين قدرا في الشهر الخامس بسبب تشوهات، وبعد عام حصل حمل وكانت الولادة مبكرة بعد 34 أسبوعا من الحمل، وفي الحمل الثالث نصحها الطبيب بعمل غرزة في الرحم، وتم ذلك، لكنه تأخر في فك هذه الغرزة، إلى أن حدثت الولادة في وقتها الطبيعي، وتم فك الغرزة يوم الولادة وحصل نزيف، هل يجب أن تعمل غرزة في الحمل القادم؟

منذ عام حصلت بيننا عدة مشاكل متلاحقة، وحزنت حزنا شديدا، وبعد انتهاء هذه المشاكل منذ عام وحتى الآن صارت تشعر بضعف الثقة بالنفس وتراودها أفكار سلبية من حين لآخر، وتشتد عليها أحيانا فتتخيل نفسها ضعيفة الإرادة والإيمان، وتحزن وتبكي ويقل تناولها للطعام، وإذا استيقظت في الليل يصعب رجوعها للنوم، وهي تتألم أكثر من غيرها عندما تسمع أخبارا سيئة على التلفاز.

زوجتي تحافظ على الصلاة وقراءة سورة الملك وأذكار الصباح والمساء يوميا، وتعتني بطفلينا جيدا، وهي تشعر بنوع من التحسن عندما تجلس مع أمي وأختي وصديقاتها.

للعلم، في العام الثاني من زواجنا -نحن الآن في العام السابع- ولانشغالي عنها في العمل والدراسات العليا مرت لمدة 10 أيام بحالة من الحزن والبكاء والحيرة والخوف، ثم تعافت منها تدريجيا.

أفيدونا بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبوأسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيرًا على ثقتك في الشبكة الإسلامية، ونبارك لك شهر رمضان الكريم، تقبّل الله صيامكم وطاعاتكم.

ولا بد - يا أخي - أن أشكرك كثيرًا على اهتمامك بأمر زوجتك، فها أنت تسأل حول موضوع الولادة، وسوف تُجيبك -إن شاء الله تعالى- الأستاذة الدكتورة/ رغدة عكاشة إجابة وافية حول هذا الموضوع، وأيضًا تتحدث أنت أيضًا عن بعض الصعوبات النفسية البسيطة التي واجهت زوجتك الكريمة، فجزاك الله خيرًا، ومن الواضح أنك مساندًا لها، وأعتقد أن هذا علاج نفسي اجتماعي مهمٌّ وضروري.

بالنسبة لحالات عُسر المزاج والكآبة - أخي الكريم - التي حدثت لزوجتك الفاضلة منذ عام، وبعد ذلك - أي بعد انتهاء المشكلة - أصبحت تراودها بعض الأفكار السلبية: هذه أمور طبيعية في حياة الناس، المزاج الإنساني يتقلَّب ويتبدّل، والناس تختلف وتتباين في مقدرتها على تحمّل مصاعب الحياة، والذي يظهر لي أن زوجتك الفاضلة ربما تكون حسّاسة بعض الشيء، وهي -الحمد لله- امرأة مُصلِّية وقارئة للقرآن وذاكرة، فلا خوف عليها -إن شاء الله- أبدًا.

هذا العسر المزاجي الذي حدث لها يمكن أن يُعالج - أخي - بأن تسعى أنت دائمًا لأن تعطيها ثقتها في نفسها، لا بد أن تشيد بإيجابياتها، وقطعًا هي كثيرة، لا بد أن تُشجّعها، لا بد أن تحفّزها - أخي الكريم - وتتجنّب انتقادها بقدر المستطاع، وهذا لا يعني أن تتوقّف عن توجيهها، على العكس تمامًا، التوجيه الودود حتى وإن كان فيه صيغة من صيغ الانتقاد مقبول جدًّا، بل يُحفّز الشخص الآخر.

أيضًا لا بد أن نقدّر ظروف الحمل والولادة والصعوبات التي واجهت زوجتك، والتقلُّبات الهرمونية عند النساء، هذا كله لا بد أن نراعيه كمؤشّر لاضطراب عُسر المزاج الذي يأتيها.

موضوع فقدان الثقة: هذا أمرٌ يصعب قياسه، وثقة الإنسان تعود إليه من خلال أن يعرف الإنسان أنه يجب أن يكون نافعًا لنفسه ولغيره. اتباع هذا المنهج - أخي - يجعل الإنسان بالفعل يستشعر مقدراته، وهذا فيه مردود إيجابي كبير. فأريدك أن تُشعرها أنها دائمًا مفيدة لنفسها ومفيدة لكم ولغيرها.

ويمكن لزوجتك الكريمة أيضًا أن تدخل في بعض البرامج الاجتماعية، مثلاً أن تشارك في جمعية طوعية، الانخراط في مراكز تحفيظ القرآن، يعطي المرأة الكثير من الثقة في ذاتها، خاصة على النطاق الاجتماعي، وقطعًا تدارس القرآن فيه خيري الدنيا والآخرة بالنسبة لها.

وشجّعها - أخي - أيضًا أن تنظّم وقتها، وألَّا تنهك نفسها، وأن تحرص على النوم الليلي وعلى تغذيتها، هذا كله يساعدها كثيرًا ويعطيها ثقة في نفسها، وإن شاء الله تعالى تكون أكثر انفتاحًا وقابلية للحياة، ولا أرى أن زوجتك محتاجة لأي علاج دوائي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
------------------------------------------------------------
انتهت إجابة: د. محمد عبدالعليم -استشاري أول الطب النفسي وطب الأسنان-،
وتليها إجابة: د. رغدة عكاشة -استشارية أمراض النساء والولادة وأمراض العقم-.
------------------------------------------------------------

في البدء نشكر لك اهتمامك بزوجتك وحرصك على صحتها، ونسأل الله عز وجل أن يجعل عملك هذا في ميزان حسناتك.

نعم - أيها الفاضل- ننصح بأن يتم عمل ربط لعنق الرحم في الحمل القادم أيضا عند زوجتك، وذلك لسببين:
الأول: هو أنها قد عانت من ولادة مبكرة في حملها الثاني ولم يتم معرفة سبب ذلك.
والثاني: هو أنه قد حدث لديها نزف عند بدء الولادة الثالثة، حيث بدا المخاض عندها قبل إزالة الربط، وهذا يوحي بأن سبب ذلك النزف قد يكون حدوث رض أو تمزق في عنق الرحم، وعندما يتعرض عنق الرحم إلى تمزق أو رض فإن هذا سيسبب قصورا وضعفا فيه، أو يزيد القصور والضعف الذي كان موجود من قبل، مما يجعل عنق الرحم قصيرا وهشا وغير قادر على تحمل ثقل الرحم كلما تقدم الحمل، فيتوسع العنق مبكرا، وقد يحدث إجهاض متأخر أو قد تتكرر الولادة الباكرة.

لذلك وكنوع من الاحتياط فإننا ننصح في مثل حالة زوجتك بأن يتم عمل ربط في حملها القادم، على أن يتم فكه في أول الشهر التاسع، أي عند 37 أسبوعا حتى لو لم يبدأ المخاض.

بالطبع عملية الربط غير مضمونة 100٪، لكن لها نسبة نجاح مقبولة، وهي نوع من الأخذ بالأسباب، لكن يبقى التوكل على الله هو الأهم فهو خير الحافظين.

نسأله عز وجل أن يديم عليك وعلى زوجتك ثوب الصحة والعافية دائما.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً