الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا فتاة أحب ارتداء الحجاب لكني مترددة!

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة في الخامسة عشرة من عمري، منّ الله علي بصديقات من عباده الصالحين، وجميعهن تقيات متحجبات لا يقطعن فرضاً ولا يقصرن بأي نوع من أنواع العبادة.

مدرستي مدرسة ملتزمة، ونسبة غير المتحجبات فيها نحو عشرين بالمئة، وأنا منهن، ورغم أني مواظبة على صلاتي وصيامي وتلاوة القرآن وحفظه وتفسيره، وأخلاقي عالية بإجماع من حولي، وذلك بسبب تربية أمي الصالحة وبيئة المدرسة التي نشأت فيها، إلا أن أمي بدورها غير متحجبة.

علماً أن عائلتنا كبيرة وجميع من فيها متحجبات عداها، وهي قريبة من ربها، ولكنها جميلة جداً ومعروفة بذلك بين الجميع، فابتلاها الله بحب الأزياء والملابس المليئة بالزينة، طبعاً ملابس محتشمة في حدود الله، والمكياج وهذه الأشياء.

أنا متأثرة بأمي بالتأكيد، ومتأثرة بصديقاتي، فلباسي كلباس المتحجبات تماماً، ولكني أستصعب الحجاب كثيراً، وأعتقد أن الأسباب هي تأثري بأمي وحبي للجمال، وأن يراني الناس جميلة بينهم.

السبب الآخر ربما أني لست واثقة بنفسي كثيراً؛ فلون بشرتي من النوع الذي يبدو فاتحاً ونضراً مع ألوان ثياب معينة إلا أنه يشحب مع اللون الأبيض وهو لون الحجاب، وأنا ربما لن أستطيع تحمل مظهري هكذا، وستقل ثقتي بنفسي أكثر، ولكني أفكر بالحجاب بجدية بعد أن قالت لي إحدى صديقاتي: إني فتاة كل شيء فيَّ جيد، لا ينقصني سوى الحجاب لأكتمل.

كما أني أريد طاعة الله وإرضاءه، وبنفس الوقت أنا أستصعب الحجاب كثيراً ولا أملك القوة والشجاعة لأقرر الالتزام به.

أعتذر عن طول رسالتي ولكنني أريد رأيكم ونصيحتكم لي، جزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جودي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك حسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يُصلح الأحوال، وأن ييسّر عليك إكمال ما وهبك من الجمال بطاعة الكريم الوهاب المتعال، وأن يُحقِّق لنا ولكم في طاعته الآمال.

نسأل الله أن يهديك ويهدي والدتك حتى يكتمل ما عندكنَّ من الخير، كما قالت زميلتك الناصحة الموفقة، واعلمي أن في سماع نصحها الخير الكبير، وتذكري أن الطريق إلى المحافظة على النعم إنما يكون بشكر الله عليها، ومن أوسع أبواب الشكر لله العمل بطاعته، قال تعالى: {اعملوا آل داود شُكرًا وقليل من عبادي الشكور}.

أرجو أن تعلمي - يا ابنتي - أن الحجاب من شريعة الله القائل: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخِيرَةُ من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلَّ ضلالاً مبينًا}، واستمعي لقول الله: {فلا وربك لا يؤمنون حتَّى يُحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا ممَّا قضيت ويُسلِّموا تسليمًا}، وقوله سبحانه: {فليحذر الذين يُخالفون عن أمره أن تُصيبهم فتنة أو يُصيبهم عذاب أليم}.

نحن نكرر لك الشكر على حسن العرض للسؤال، ونهنئك بالفرص الجميلة التي وضعها الله في طريقك، فأنت في بيئة الغالب من فيها محجبات، وكل من فيها صالحات، وتنتمي لأسرة فيها الخير الكثير، بل أنت في نعم عظيمة، فقيدي النعم بالطاعة والشكر، واعلمي أن الله يقول: {لئن شكرتم لأزيدنكم}، ثم يقول: (ولئن كفرتم إن عذابي لشديد).

كفران النعم قد يترتب عليها زوال النعم، ونعوذ بالله من زوال نعمته وتحوّل عافيته وفُجاءة نقمته ومن جميع سخطه.

إذا كانت والدتك جميلة فجمالها ينبغي أن يكون وقفًا لوالدك ومحارمها والنساء، وجمالك ما ينبغي أن يظهر منه إلَّا بين أخواتك والزميلات، ثم لمن يَكتبُ الله له أن يكون زوجًا لك، وقد حدَّد الشرع كل ذلك في قوله تعالى: {ولا يُبدين زينتهنَّ إلَّا لبعولتهنَّ أو آبائهنَّ أو آباء بعولتهنَّ أو أبنائهنَّ أو أبناء بعولتهنَّ أو إخوانهنَّ أو بني إخوانهنَّ أو بني أخواتهنَّ أو نسائهنَّ أو ما ملكت أيمانهنَّ...}.

هذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، واعلمي أن الجمال الحقيقي في الحجاب، وأن الدرة الغالية يبالغ أهلها في المحافظة عليها، فعجّلي بالتمسُّك بالحجاب والعودة إلى شريعة الرب التواب.

نسأل الله أن يهديك ويوفقك ويُسدّد خُطانا وخُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً