الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل العلاج النفسي علاج وهمي كما يدعي بعض الناس؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ذهبت إلى الطبيب النفسي، وقال: إن مرضي هو اضطراب القلق العام المزمن، وكتب لي دواء البيرلكس الذي هو من عائلة الاسيتالوبرام، ودواء الاسبيرال من عائلة الكويتيابين، ولكن عندما استخدمتهما لمدة أربعة أشهر تقريبا لم أشعر بأنني تحسنت، علما أنني زدت الجرعة كما طلب مني الطبيب، ولكن لم أستفد، فهل يمكنني أن أستخدام البروزاك عيار عشرين بدلا من البيرلكس والاسبيرال؟ آمل أن تنصحوني؛ لأنني لا أستطيع في هذه الأيام الذهاب إلى الطبيب النفسي بسبب ظرف مادي صعب نوما ما أمر فيه حاليا.

هل الدواء النفسي مجرد مخدر ولا يعالج؟ لأن هناك من يقول: يسبب الإدمان، ومن يقول: تصبح حالة المريض أسوأ بعد التوقف عن العلاج، ومن يقول: إن تأثير علاج الأدوية النفسية المضادة للقلق والاكتئاب والوسواس القهري واضطراب الهلع ذات تأثير وهمي، وإن آلية علاج هذه الأدوية النفسية تساعد فعلا وينجح تأثيرها الوهمي - على حسب زعمهم - من خلال التفاعل المبالغ فيه لدماغ المريض تجاه تلك الأدوية الوهمية، مثال: إعطاء مريض الوسواس القهري حبوب السكر على إنه علاج الوسواس، فيتحسن حاله من خلال الإيحاء النفسي، فما هو ردكم على تلك المزاعم أو ادعاءات الأشخاص الذين يعارضون الأدوية النفسية؟

جزاكم الله خيرا، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هناك كثير من الشائعات والأمور غير الصحيحة عن الأدوية النفسية، ومنها الأشياء التي ذكرتها.

أولاً: الأدوية النفسية كلها ليست شيء واحد لكي نُجملها ونتكلّم عنها كأنها دواء واحد أو فصيل واحد، الأدوية النفسية تتكوّن من مجموعات رئيسية: مضادات الذهان، مضادات الاكتئاب، مثبتات المزاج، ثم المهدئات الصغرى، والمنوّمات.

المجموعة الأولى والثانية والثالثة أو الفصائل الثلاثة من الأدوية (مضادات الذهان، مضادات الاكتئاب، مثبتات المزاج) لا تسبب الإدمان على أي حال من الأحوال، وهي ليست أدوية مُخدرة، هي تُعالج الاكتئاب والذهان والاضطراب الوجداني، وكل هذه الأدوية قبل أن يتم التصديق عليها لاستعمالها مرَّت بتجارب عديدة ودراسات مُحكّمة ومستفيضة قبل أن يتم التصديق عليها من قِبل هيئات للرقابة الدولية عالية، ولذلك هذه الأدوية تُعالج الأمراض ولا تُسبب زيادة في أعراض المرض.

بعض المرضى قد لا يستجيبون لأدوية بعينها، وقد لا يستجيبون للعلاج أصلاً، ولكن هذا أصلاً ليس راجعًا لمشكلة في الدواء، ولكن راجعًا للأمراض النفسية.

وعندما يترك المريض الدواء وترجع الأعراض مرة أخرى فهذا أيضًا مرتبط بطبيعة الأمراض النفسية نفسها التي معظمها يكون مزمنًا ويحتاج إلى استعمال الدواء لفترة طويلة قد تكون طيلة العمر، ولذلك عندما يتوقف عنها الشخص تظهر الأعراض مرة أخرى.

أمَّا بخصوص أن لها تأثير وهمي: فهذا أيضًا ليس له مجال من الصحة، كلّ الأدوية - سواء كانت نفسيّة أو غير نفسيّة - لها بُعد نفسي في الشفاء، وهذا ما يُسمَّى بالـ (placebo effects) أي: شكل الدواء ولون الدواء قد يكون له بُعد نفسي عند الاستعمال، ولذلك يرتاح إليه المريض، ويحس بأنه تحسّن، ولكن هذه نسبة مُحددة لكلِّ الأدوية، وليست قاصرة على الأدوية النفسية، وعندما يتمُّ تجارب هذه الأدوية عادة التجربة تكون بين الدواء المعني ودواء آخر شكله شكل الدواء الأول، وتتمُّ المقارنة في عيِّنات لا يعرفها إلَّا الباحث، ويتمُّ النظر هل الأدوية المشابهة لها شكلاً تُحدثُ نفس الآثار أم الأدوية هي التي تؤدي إلى تحسُّن المريض، وكل التجارب أثبتت أن الأدوية هي التي تؤدي إلى تحسُّن المريض وليست الأدوية التي تشبهها في الشكل وفي اللون.

أمَّا عن سؤالك - أخي الكريم - فطبعًا لا بد من متابعة الطبيب، لأنه صرف لك دواء ولم تستفد عليه.

أمَّا بخصوص البروزاك: البروزاك هو من مضادات الاكتئاب من فصيلة الـ SSRIS، ولكنه للأسف غير فعّال في علاج القلق، هو فعّال في علاج الاكتئاب النفسي والوسواس القهري، ولكنه غير فعّال في علاج القلق، وأحيانًا يزيد من القلق والتوتر، وبالذات في أيام تناوله الأولى.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً