الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوسي أدت بي إلى الكفر، فكيف أتوب؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من الوسواس القهري، وتراودني هواجس تخيلية كفرية، وبعد قلق وخوف شديدين فعلتها، يعني تخيلتها لكن دون رغبة فيها، وأكثرت الاسترسال معها ولا أستطيع أن أبعدها عني، مع العلم أني أعاني من الاكتئاب، وإدراكي ضعيف، وحتى تفكيري كذلك وحواسي أيضا، ولكن جاءتني رؤية أنه فساد في الدين، فكيف أدخل للإسلام من جديد وأسترجع إيماني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ س.ه.ل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -ابننا الفاضل وأخانا الكريم- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، وإنما شفاء العيّ السؤال، ونسأل الله أن يشفيك ويثبتك ويُصلح الأحوال، وأن يُقدّر لك الخير ويحقق لك السعادة والآمال.

أنت ولله الحمد في الإسلام ولم تخرج منه حتى تفكّر أو تسأل عن كيفية الدخول من جديد، ونحمد الله الذي هدانا لهذا الدين، وأكرمنا بنبي دلَّنا على طرق الخير وعلَّمنا كيفية التعامل مع وساوس عدوّنا الشيطان، ونبشّرك بأن ما حصل لك من ضيق وانزعاج هو أكبر دلائل الخير فيك، بل هو إشارة إلى صريح الإيمان كما قال رسولنا -صلى الله عليه وسلم-.

لقد جاء الصحابي للنبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: (أحدنا يجد الشيء في نفسه، زوال السموات أحب من أن يتكلَّم به)، أو قال: (لأن أخرّ صريعًا من السماء أحب من أتكلّم به)، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- وبشرّه: (أوَ قد وجدتموه، ذاك صريح الإيمان)، بل قال: (الله أكبر، الحمد لله الذي ردَّ كيده إلى الوسوسة).

وتلك نعمة؛ لأن الشيطان لم يستطع أن يفعل أكثر من الوسوسة، وكيد الشيطان -يا بني- ضعيف، وليس للشيطان سلطان على أهل الإيمان، {إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون}، ووضع أمر تلك الوساوس في العقيدة عندما قال: (يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ، فَيَقُولَ: مَنْ خَلَقَ كَذَا وَكَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ لَهُ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟)، ثم وجهّنا عليه الصلاة والسلام بقوله: (فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ، فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ)، وفي رواية: (فليقل آمنت بالله وليتعوذ بالله من الشيطان)، ثم قال في التوجيه الثالث: (وَلْيَنْتَهِ)، يعني: يقطع تسلسل الأفكار والوساوس ويتشاغل بغيرها وينصرف عنها.

وعليه يتضح ممَّا سبق أن الذي يحصل معك لا يضرك، ونوصيك بالتفقّه في الدين؛ لأن الفقيه أشد على الشيطان من ألف عابد، وندعوك إلى شغل نفسك بالخير قبل أن يشغلك الشيطان بغيره، ونذكّرك بأهمية الذكر لله، ونطالبك بتجنب الوحدة؛ لأن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإذا لم تجد من تُجالس فاعلم أن كتاب الله خير جليس لا يَمل، وصاحب لا يغش، واستعن بالله وتوكل عليه، وكفى بالله وكيلاً ونصيرًا.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يثبتك ويحفظك ويوفقك ويسدد خطاك، ونكرر الترحيب بك في موقعك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً