الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كنت بارا بوالدي قبل موته، لكني أشعر بالذنب والتقصير، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

مرض والدي بمرض سرطان الدم عام 2013، وتعرضت لأزمة نفسية، وتم علاجي عن طريق الدكتورعبدالعليم -الله يطول بعمره- بزولوفت ودوجماتيل.

المهم بعد أن توفي والدي منذ أسبوع بعد تحول سرطان الدم إلى لمفاوي، بعد محاولة إقناعه بالعلاج من 2013 لأواخر 2018 وكان دائما يتهرب ويتعذر، أعرف إنه خائف وقلق، لقد سافر إلى كندا، واعتقدت أن حالته مستقرة، ثم شعرت كالعادة أن هناك شيئا غير طبيعي، فأخبرته أني ذاهب إليه، فرفض حتى لا يعطلني عن عملي، لكني سافرت إليه.

كان قد بدأ العلاج الكيماوي عند وصولي، فتواصلت مع الأطباء، صرت أحدد المواعيد، وآخذه للمشفى، أسهر قرب سريره، أجهز الأكل الصحي في البيت، أغير ملابسه، أحممه، أساعده في تنظيف أسنانه، وأشتري الدواء، وأعمل له مساجا للرأس والقدمين والجسم بالماء والليمون، وأحضر الممرضة للمنزل لتعطيه الحقنة، وآخر شيء نمت في المستشفى عندما تحول للعناية المشددة خوفا عليه، وكنت أستيقظ 3 و5 صباحا لأنه يناديني لآخذه إلى الحمام.

لماذا أشعر بالغضب من نفسي لأنني تذمرت أحيانا عند مساعدته؟ أشعر بالذنب، فقد كنت مضغوطا 55 يوما بلا طعام ولا راحة، لكني كنت أستدرك على نفسي وأصلح من سلوكي، علما أني غسلته وأنزلته القبر، فهل هذا جيد؟ وبدأنا بدفع ديونه على أقساط، فهل هذا راحة له؟ وأيضا أشتاق له وأشعر أنني صعب أن أكمل بدونه، فماذا أفعل؟ أستغفر وأترحم له 2000 مرة يوميا وزرت قبره 6 مرات وختمت القرآن، فهل هذا يكفي؟ علما أنه أخبر الناس أنه راض عني، وهل التصدق عنه كاف له؟ هل أهديه ركعتين؟ هل أصلي أو أحج أو أصوم عنه؟

عقلي يرفض أن أعيش بدون التفكر بوالدي، وهذا يعرقل حياتي، وأرى الحزن على أهلي، فما رأيكم؟ أشعر بالحزن على الخلافات القديمة، ولكن كانت كلها لصالحه ولم تكن لأخذ أمواله، مشتاق له، وأشعر بالتقصير، كنت أقرأ له القرآن في الدقائق الأخيرة، نطق الشهادة وقلت له كررها وفعل، ثم نظره أصبح قويا جدا وينظر لشيء بعيد وهو متعجب وتوفي.

أرجو مساعدتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علاء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ابننا وأخانا البار - في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، وأن يُصلح الأحوال، ونشكر لك ما قمت وما تقوم به من الأعمال، ونسأل الله أن يتقبلك، ونهنؤك على هذا البر، ونسأل الله أن يرحمه وأن يحقق لك الآمال.

ما قمت به تجاه الوالد عمل كبير وجليل وعظيم، ولن تُحاسب على ما حصل، ولن يسأل الله عن جدالك الذي كان لمصلحته، واحمد الله أنه مات وهو راضٍ عنك، وأبشر بالخير فإن الذي قمت به عظيم، والوالد الآن ينتفع بدعائك له واستغفارك، ونبشرك بأن البر لا ينقطع بموته، فواظب على الصدقة حسب استطاعتك، وأكثر من الاستغفار والدعاء، وإذا استطعت أن تحجّ له أو تعتمر، وكن بارًّا بإخوانك، واصلاً لأرحامك، مُكرمًا لأصدقائه، وفيًّا بكل تعهداته.

وقد أسعدنا حرصكم على سداد ما عليه من الديون، فإن ذلك يريحه ويجلب لكم الثواب والأجر.

وننصحك بعدم الاستجابة للأفكار السلبية، وتعوذ بالله من شيطان همّه أن يحزن أهل الإيمان.

وأرجو أن لا تنزعج فالوالد بحمد الله مات وهو يسمع القرآن، وردد الشهادة، ومات بعد مرض وفي ذلك الكفّارة لذنوبه، كل ما تفعله من الخير سوف يصل إليه، ويمكنك أن تقرأ القرآن ثم تدعوَ له وتصوم وتدعو وتصلي وتدعو له، فإن الدعاء بعد الطاعات أقربُ للإجابة، ولكن إهداء الصلاة أو الصيام لم يَرِد في السُّنة، فلا يمكن أن نصوم أو نصلّي عن أمواتنا، ولكن يمكن أن نحجّ لهم ونعتمر نيابة عنهم.

واستمر في الاستغفار له والدعاء، واختم القرآن لنفسك، وادعو له، وتذكّر أنك امتداد لعمله الصالح، وإذا اشتقت إليه أو تذكّرته فأكثر له من الدعاء والاستغفار، واستمر في ممارسة حياتك وفي تربية أولادك.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يغفر له ولأمواتنا وأموات المسلمين، ونكرر لك الشكر، ونسأل الله أن يوفقك ويسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً