الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أعرف كيف أتصرف في المواقف وأستمر في التفكير فيها بعد مرورها.

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب متزوج منذ عامين ولدي طفلة، ملتزم جدا بالصلاة وأحب الله وفعل الخير، علاقتي بزملائي المقربين في العمل جيدة، الجميع يتعامل معي باحترام وحب، لدي طموح وأهداف في الحياة، أعيش في مستوى مادي جيد، مهندس كفء ذو أخلاق عالية بشهادة زملائي والمدراء، كنت مدمنا على العادة السرية والمواقع الإباحية لسنوات تتعدى 15 سنة، والحمد لله أقلعت نهائيا عنها بعد الزواج بسنة.

مشكلتي أني شديد الحساسية من أي موقف أتعرض له، لو حدثت مشادة بيني وبين أحد أظل اليوم كله أفكر في الموقف وأحزن حزنا شديدا وأبذل مجهودا أن أقنع نفسي أن هذا الشخص لم يجرح كرامتي، وأني انتصرت عليه، وأتخيل نفسي أرد عليه، وأفحمه، وأسترجع الموقف وأقول كان من الممكن أن أفعل كذا، وأستعيد مضايقات مرت بي في فترة المراهقة والشباب وسببت لي الحزن، ولذلك أكون شديد الحرص أن لا أرتكب أخطاء حتى لا أدخل في مشادة مع أحد، وأكون حريصا دائما على تطبيق التعليمات حتى لا أتعرض لأي نقد، وأتجنب الخروج من البيت حتى لا يحدث بالخارج شيء يجرحني وعندما أخرج أحافظ على كرامتي ولا أضع نفسي في موقف محرج، وتكون أعصابي مشدودة حتى أعود للمنزل.

أشعر وكأن كل الناس تراقب حركاتي وأفعالي، وأكون حريصا على مشاعر الآخرين، وأتمنى كل الناس ترضى عني وعن أفعالي، وتراودني وساوس تحرضني على قتل ابنتي أو تمني الموت لزوجتي أو لأبي، وأفكار أخرى سيئة مما يحزنني، وأعلم إنها مجرد وساوس ناتجة عن الضغط النفسي.

مللت الحذر الشديد، لا أشعر بأني إنسان طبيعي، وكأن الناس من حقها أن تخطئ وأنا لا، ومن حقها الخروج عن النص، أما أنا علي الالتزام بكل شيء، كرهت حياتي والعيش بهذه الطريقة الخانقة، فكرت في مراجعة طبيب نفسي، لكني أخشى نظرة من حوله وكأني مجنون، أرجو منكم العلاج.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا جزيلاً على هذه الاستشارة المفصلة التي وضحت فيها مشاكلك بصورة واضحة وسلسة.

في المقام الأول - أخي الكريم - فعلاً أنت شخص حساس جدًّا، وتتأثّر بما حولك، وتتأثّر بدرجة كبيرة بما يراه الناس تجاهك أو ما يقولونه عنك، هذا من ناحية، وهذا واضح في المواقف والحذر الشديد عند التعامل مع الآخرين.

الشيء الثاني: أيضًا تعاني من وساوس فكرية في شكل هذه الأفكار التي تراودك وتتكرر، وبالذات الأفكار الجنسية -أخي الكريم- والوساوس عادةً إمَّا أن تكون وساوس جنسية - أي في الجنس والشهوات المحرمة - أو في الدين - أي في العقيدة والإيمان - أو في العنف والشكوك والظنون التي ليس في محلها، هذه هي المحاور الثلاثة التي دائمًا تكون فيها الأفكار الوسواسية.

أخي الكريم: هوّن عليك، طالما هذا شيء يُشكّل لك ضغطًا كبيرًا فلا بد من العلاج، وعلاجك علاج نفسي وعلاج دوائي، وأفضل دواء بالنسبة لك لعلاج هذه الوساوس - أخي الكريم - هو الـ (فلوكستين/بروزاك) عشرين مليجرامًا (كبسولة) بعد الإفطار، وسوف تحتاج إلى فترة ستة أسابيع إلى شهرين حتى تبدأ هذه الأفكار في التلاشي والاختفاء والتوقف، وبعدها يجب عليك الاستمرار في العلاج لفترة لا تقل عن ستة أشهر، ثم يمكن التوقف عنه بلا تدرُّج.

الشيء الثالث - وبالذات في موضوع الحساسية في الشخصية - تحتاج إلى علاج نفسي، تحتاج إلى جلسات مع معالِج نفسي - أخي الكريم - لإعطائك مهارات تتعلَّمها وتطبِّقُها كي تُقلِّل من هذه الحساسية في تعاملك مع الآخرين، وتكون في شكل تعليمات تقوم بتطبيقها بين الجلسات، ثم يتم المناقشة مع المعالج أين نجحت وأين فشلت في تلك التعليمات، حتى تستطيع أن تتخلص من هذه الحساسية، ويمكن أن يكون هذا بالعلاج النفسي وبالعلاج الدوائي في نفس الوقت، حيث إن العلاج الدوائي يُعالج الوسواس، وأيضًا يُساعد كثيرًا في العلاج النفسي، حتى تتخلص من هذه الحساسية.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً