الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انتقالنا من بلدنا أثر على نفسية ابني ومستواه الدراسي، فانصحونا!

السؤال

السلام عليكم

إخواني وأخواتي، جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه في هذا الموقع الرائع، وأرجو أن أجد عندكم حلا لمشكلتي، أو حتى كلمات تواسيني.

أنا من الجزائر لدي ولدان -ولله الحمد- ولدي الأكبر عمره ثمان سنوات، متفوق جدا في دراسته، يحب الرياضيات والحساب كثيرا، خلوق جدا، ولا أكذب عليكم إن قلت لكم ذلك بتوفيق من الله فقط، فلا أنا ولا أبوه سعينا لهذا، وكل من عاشره يعرف لأي درجة هو خلوق ومؤدب ويستحي كثيرا، ومع ذلك حساس جدا، يحب أن يكون محط الاهتمام؛ لأن هذا ما تعود عليه دائما؛ لأنه يجلب الأنظار بحسن خلقه وكلامه المتزن، وأنا أقرب شخص عنده، ودائما يكرر عبارة: أنا وهو جسدان بروح واحد.

مشكلتي بدأت لما انتقلنا للعيش في الخليج، ونقلته إلى مدرسة عالمية مشهورة جدا، ولم أقبل بالأهلية نظرا لكثرة ما نسمع عنها، وهو بالصف الثالث، المهم أن المدرسة استقبلت ابني دون اختبار، واتفقت مع مدرسة خصوصية درسته عشرة أيام، بمعدل كل يوم ساعة، وكان تقييمها لابني أنه "أشطر" طالب التقت به؛ لانه لم يكن يعرف حتى الحروف، وبعد عشر ساعات أصبح يقرأ ويعرف أشياء كثيرة في النحو، واستبشرنا خيرا حتى حان موعد الدخول المدرسي، وهنا الكارثة، المعلمات على غير دراية بوضع ابني، ولما شرحنا لهم الوضع قالوا لنا: إنه صعب، ولكن ليس مستحيلا، ومع ذلك لم يبذلوا أي مجهود معه، يذهب كل صباح للمدرسة وهو متفائل، أنا اليوم أحسن من الأمس، ومع ذلك يدخل للبيت حزينا لأنه لم يفهم أي شيء، وكل التلاميذ كتبوا إلا هو، خاصة في مادتي العلوم والإنسانية يحس أنه مهمش، خاصة أنه كان متفوقا، ولم يستطع التأقلم مع التلاميذ.

التلاميذ لا يلعبون معه، والاستراحة يقضيها دائما لوحده، كل يوم يبكي؛ لأنه لم يفهم أي شيء، والمشكلة حتى الكتب غير متوفرة، حتى الرياضيات يحس أن مستواها ضعيف مقارنة بما كان يدرسه، وإذا لم يفهم سؤالا يبكي طوال اليوم.

أحس أنها أسوأ خطوة أقدمت عليها، أحسن أن نفسية ابني تزداد سوءا يوما بعد يوم، ونفسيتي كذلك، منذ أول يوم دخوله وأنا أبكي ليلا، وكل يوم أفكر في ترك البلاد والرجوع إلى بلادي، ولكن زوجي يرفض الفكرة، كانت أمنيتي أن يدرس ابني في مدرسة تقدر ذكاءه، وأن يتعلم الإنجليزية، ولكن لم أجد ما حلمت به!

أتمنى أن تساعدوني -إخوتي في الله- ماذا أفعل؟ إذا سألت معلمته الخاصة تقول: مع الوقت سيتعلم، لكني أعرف أن ابني حساس، وكان محط الاهتمام حتى جد نفسه بين يوم وليلة مهمشا.

تكلمنا مع المعلمات، وحتى فكرة نقله إلى مدرسة أخرى لم يقبلوها! ماذا علي أن أفعل، فنفسية ابني تساوي عندي كل شيء، وغير مستعدة بتاتا لخسارته أو أن يصبح معقدا نفسيا.

أفيدوني وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم البراء حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فمرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:

من العجيب والمفارقات أن تصفي هذه المدرسة بأنها عالمية ثم تكون بهذا السوء، فالمدرسة ليست بالاسم، ولكن بما عندها من الكوادر المؤهلة للتربية والتعليم.

قد تجدين مدرسة أهلية تكون أحسن من هذه المدرسة، ولا ينبغي أن تعممي نظرتك لكل المدارس الأهلية، فالمدرسة بكادرها وليس باسمها أو مبناها، فالكادر ذو الخبرة هو الذي يحتوي الطلاب ويوصل إليهم المعلومات بيسر وسهولة.

أنصحك أن تقومي بزيارة للمدرسة وتلتقي بالإدارة بحيث تشرحين حال ولدك من ناحية، وتعامل المدرسات مع ابنك من ناحية أخرى؛ من أجل أن يجدوا حلا لابنك؛ لأنك تدفعين مبلغا كبيرا من أجل تعليم ابنك، لا من أجل أن يصير معقدا محبطا، فالمدارس الناجحة هي التي توجد الحلول للارتقاء بالطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، ولا أقصد بذلك المعاقين، بل توجد مثلا فصول خاصة بالمتفوقين والمتميزين، وتوجد مدرسات خاصات لبعض الحالات من أجل أن يخرج الطالب من حالة معينة، إنني أتعجب كيف تكون مدرسة عالمية ولا توفر الكتب للطلاب، فعن أي عالمية يتحدث هؤلاء؟! فأغلب المدارس الأهلية مقصدها الربح، ولذلك فالقليل من المدارس من يتخرج فيها طلاب علم -والله المستعان-.

اجعلي مدرسة خاصة تدرس ولدك وتفهمه جميع الدروس، وحثيه على المشاركة في الفصل والتأقلم مع زملائه، وإن لزم الأمر فانقليه إلى مدرسة خاصة ولو لمدة سنة أو سنتين؛ حتى يتعود على التأقلم مع زملائه ويصبح مشاركا ومتفاعلا مع زملائه ومدرسيه.

ابقي قريبة من ولدك واستمري في توجيهه، واجعليه يبتعد بالتدريج عن الدلال الزائد؛ لأنه سيفتقد ذلك في المدرسة، ومن هنا سيحدث عنده نوع من الفصام الذي قد يؤثر على حياته.

عليك أن تسألي إن كان في هذه المدرسة مشرف تربوي ونفسي، فإن وجد فلا بد أن تطلعيه على حال ولدك ليكون مشاركا في حسن توجيهه ومتابعة تحصيله العلمي.

يندر أن تجدي بل قد لا تجدي أصلا مدرسة تهتم بالموهوبين فذلك في بلاد الغرب، أما في بلاد المسلمين فلا نجد ذلك إلا فيما يكتب عن تلك المدارس في الصحف والمجلات، فلا تتمني المعدوم.

زوري ولدك في المدرسة ما بين الحين والآخر، وشجعيه، وأرسلي له الرسائل الإيجابية التي تعينه على الاستمرار في دراسته، واجتياز العقبات التي تواجهه.

نسعد بتواصلك في حال استجد أي جديد، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً