الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التعامل مع انحراف فتاة

السؤال

السلام عليكم.

مشكلة ابنتي هداها الله وهدى كل عاص في الآتي:

1ـ الكذب والسرقة وهي صغيرة في الصف الثاني الابتدائي.
2- في المرحلة المتوسطة استمرار على ما سبق وميل إلى الأغاني وشراء شرائط الغناء واستخدام الهاتف.
3- في الصف الثالث المتوسط بدأت تتعرف على شباب وليس شاباً واحداً.
4- في بداية المرحلة الثانوية بدأ يزداد الكذب والحيل في استعمال الهاتف حتى إنها كانت تستعمله في الحمام ـ أعزكم الله ـ وعدم الاستقرار في اختيار صديقة بل كلما تجلس مع مجموعة تتصاحب عليهم، وإلى الآن لم تختر صديقة، وهي في المرحلة الجامعية، بالإضافة إلى التشبه بصديقات السوء، وحاولنا جاهدين إبعادها عنهن فلم نستطع إلا أن يأتي سبب قهري كالانتقال إلى مكان آخر أو السفر.
5-شق عصا الطاعة، فلا تستجيب لأي نصيحة ودائماً تبكي، غير سعيدة مع أنها والحمد لله تعيش في خيرات كثيرة ونعم تحسد عليها.
6-تريد الخروج والفسح والتبذير المفرط في الأموال، وصرفها في أشياء ضارة مثل شرائط الأغاني وكروت الهاتف لاستعماله في غير وجودنا واستغلال أوقات الصلاة واستعمال الهاتف في مكالمات الشباب.
7- الغيرة من أخويها، ودائماً تقول بأننا نفضلهما عليها وأننا نقسو عليها، وأنها لا تجد الحب عندنا وتبحث عنه في مكان آخر.

الطرق التي اتبعناها معها ولم تجد:

1- الرفق واللين والسياسة والاحتواء والشدة بجميع أنواعها من ضرب ولسع بالنار والحرمان من المصروف والخروج والفسح.
2- عرضناها على أكثر من شيخ ليقرأ عليها خوفاً من أن يكون بها مس أو سحر ولكنهم أكدوا بأنه لا يوجد شيء.

ملحوظة...
لا تشارك في البيت مثل الدخول للمطبخ إلا نادراً، ولا تهتم بترتيب غرفتها إلا في وجود ضيف أو مناسبة، مع العلم أننا ـ والحمد لله ـ أسرة ملتزمة، نواظب على أداء الصلاة في أوقاتها وقراءة القرآن والأذكار في الصباح والمساء، فما توجيهكم في مثل هذه الحالة التي أجهدتنا جميعا؟ أين يكمن الخطأ؟ وما العلاج لمثل ذلك؟
أفيدونا أفادكم الله وجزكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أحمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يجعل الصلاح ميراثاً في ذرياتنا إلى يوم الدين، وأن يلهمنا السداد والرشاد.. وبعد،،،

فإن دعوة الوالدين أقرب للإجابة، فاحرصوا على الدعاء لهذه الفتاة خاصة في أوقات الإجابة، فإن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء، فسبحان من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، مع ضرورة الامتناع عن الدعاء عليها؛ فإن ذلك يُفسدها ويضرها، وقد شكاً بعضهم من عقوق ولده فقيل له: لعلك تدعو عليه؟ فقال: نعم. فقيل له: أنت أفسدته.

وأرجو أن نعوّد أنفسنا بعض الكلمات مثل: الله يهديك، الله يصلحك، وقد حذرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم من أن ندعو على أنفسنا أو على أموالنا وأولادنا؛ لأنه قد يصادف ذلك لحظة يستجاب فيها الدعاء، فتحصل الحسرة والندامة.

وأرجو أن تحرصوا على تغيير طريقة التعامل مع هذه الفتاة، ومن الضروري أن يكون منهج التعامل موحداً ومُتفق عليه بين الأم والأب.

أختي المباركة: إن الكذب والسرقة في سن الطفولة المبكرة لا يصح أن يسمى بهذه الأسماء الكبيرة؛ وذلك لأن الطفل لا يكون عنده الخلفيات الفكرية والترصد المسبق لعلم الجريمة، ولكن الطفل إذا رأى شيئاً وأعجبه أحب أن يكون له، ولكن التوجيه الخطأ من البيت أو المدرسة قد يعمّق هذا السلوك السلبي، فبعض الناس يقول للطفل: أنت سارق، جاء السارق، انظروا إلى الكذاب، ومثل هذه الكلمات التي تجعل الطفل يتمسك بالخطأ، ويحطّم عنده حاجز الحياء، خاصةً إذا كان ذلك أمام الناس والزملاء، أو كان الطفل يُعاني من جوعٍ عاطفي أو إحساسٍ بالظلم، أو رغبة في لفت الأنظار وإثبات الذات، حتى ولو كان ذلك بفعل الأخطاء.

وأرجو أن لا يمر كلامها عن تفضيل أخويها عليها دون أن ننتبه للآثار السالبة لعدم العدل، (فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، وقد أحسن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في رده على من قال: (إن هؤلاء لا يصلحهم إلا السوط، فقال له: كذبت، يصلحهم العدل فأقمه).

وقد يكون هذا الانحراف بسبب الحرمان، أو بسبب الشدة الزائدة، أو لأننا كنا نتخذ أسلوب التحقيقات في تعاملنا معها، وقد يكون السبب هو عدم التدرج في استخدام العقوبات، وعدم ملاحظة آثار العقوبة المعنية عند إيقاعها، ولا يجوز كذلك أن نعلن عجزنا ونُكثر الحديث عن مشكلتها أمام الناس، وأرجو أن نحرص على تنمية أي بوادر للتحسن في سلوكها؛ وذلك بتضخيم الإيجابيات، والتغافل عن بعض السلبيات، وعدم تذكيرها بالأخطاء القديمة.

أما الأساليب المستخدمة، فالملاحظ أن فيها إفراطاً وتفريطاً، مع ملاحظة أن اللسع بالنار لا يصلح أن يكون عقوبة، كما أن الحرمان من المصروف قد يدفع للسرقة، والحرمان من الخروج قد يشعرها بعدم الأمن، والضرب الكثير يهوِّن عليها الوقوع في الأخطاء ويدفعها للانتقام والعناد.

أما الأسلوب المقترح فهو أسلوب الحوار معها، واتخاذها صديقة، وإعطاءها فرص، ومشاورتها؛ حتى نُعيد إليها الثقة، والمربي الناجح يحسن الاستماع ويحسن التوجيه، وأرجو أن نمدح مشاركتها أمام الأضياف والزميلات، ونثني على أعمالها التي تقوم بها حتى ولو كانت قليلة.

ولا داعي لإظهار القلق واليأس أمامها؛ لأن ذلك يعقد المشكلة، وأرجو أن نغيّر من أسلوبنا القديم، ونبحث عن المدخل الحسن، فليس من المعقول أن لا يكون فيها جانب مشرف، ولكن من واجبنا اكتشاف ذلك والبناء عليه.

وأرجو أن نوفر لها الاهتمام اللازم، ونعطيها العواطف، ونشعرها بالحب؛ حتى لا تبحث عن الثناء والعواطف في الخارج حيث الذئاب والأشرار.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • هناء

    جربت كل شئ وعندما تعطيها اهتمام تزيد في الأخطاء وتزيد في الكذب وتتمادا في الحريه على حساب أختها لقد عجزت

  • الأردن محمد عيد شحادة المصري (دمشق الشام حي الميدان )

    جزاك الله كل خير على هذا الشرح الجميل والدقيق ربما الخطاء يبدأ بأول خطوة يخطوها الرجول في بناء العائلة من ليلة العرس إذا لم يطبق سنة النبي ونأتي بمثال (صلاة ركعتين قبل الجماع حتى لايشارك في الجماع الشيطان فيحمل المولود حظه من الشيطان ؟؟؟؟) وبعدها تبدأ المعانات من مشاكل الأبناء منذ الصغر ربما غفلنا عن هذه الأمور ونسيناها فيجب علينا التذكير (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)؟؟!!!

  • مجهول Soma

    اختي الكريمة
    ركزي أنت أولا على نفسك هل هناك إهمال أوتقصير في دينك ( أن تكوني قد عيرت شخص بانحراف احد ابناءه فاذهبي إليه واطلبي منه الصفح
    / أن تكوني قد ظلمت شخص في السابق
    / قطعتي رحم
    / أويكون لديك ذنب قديم لم تتوبي منه
    إلخ .
    أصلحي نفسك أولا وكوني قدوة لها
    بعد ذلك فتشي وابحثي جيدا في الأسباب والدوافع وراء سلوكها .وسأعطيك بعض الأفكار اللتي ستعينك :
    - صلي ركعتين في وقت السحر وادعي الله لها بالهداية .
    - أطلبي من المحيطين بك أن يدعوا لها بالهداية وخاصة من تتوسمين فيهم الخير
    - أخرجي كل يوم صدقة من مالك بنية حفظها وهدايتها.
    - أكثري من الدعاء لها واطلبي منها التأمين عليه مثلا تقولي الله يجعلك من حملة كتاب الله العزيز وهي تقول آمين
    -شغلي دائما سورة البقرة في غرفتها
    - إقرئي عليها آيات الهداية والسكينة
    -إبحثي لها عن رفقة طيبة
    - غيري مدرستها إن لزم الأمر
    - خليها تقوم بأعمال البر وأنتو مع بعض
    يعني تذهبي بها لصلة رحم
    تصلون مع بعض
    سجيليها متطوعة في جمعية خيرية كي تشغل وقتها بأعمال البر والخير
    - سجيليها في دور تحفيظ القرآن الكريم
    - إجعلي ديكور غرفتها لوحات فيها آيات
    وأخرى فيها حكم أو مواعظ
    اشتري لها ملابس محتشمة
    على مائدة الطعام شغلي شريط مواعظ لينة عسى تسمع ويكون سبب هدايتها
    اشتري لها كتب قيمة لتستزيد في العلم

    وأخيرا
    لاتقنطي من هدايتها فهي مازالت في طيش الشباب وسيتغير كل شيئ عندما تكبر وتتجاوز تلك المرحلة .

  • مجهول Mona

    هذي اضن يبغالها فقط علاج نفسي وما تجلس لحالها ابدا
    وبعض الفتيات مهما حاول الاب والام باساليب تربويه سليمه يضل زي ما هو ما يتغير
    وبالنهايه اللي اهلها ملتزمين وتسوي كذا يكون فيه اهمال منذ الطفوله فبعض الاهل ما يتذكر انه يتابع اولاده الا بعد تقع الفاس بالراس

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً