الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الزولفت كالبروزاك يحسن الدافعية ويرفع الطاقات؟

السؤال

السلام عليكم.

الدكتور محمد عبد العليم.

في استشارة سابقة وصفت لي الزولفت، ولكن استوقفتني استشارات ممائلة لحالتي؛ حيث كنت تصف لهم البروزاك، وأود أن أوضح لك أني أعاني من عدم الدافعية والكسل والإرهاق، والشرود الذهني والتشتت، وفقدان الحماس والنشاط والحيوية والإنتاجية، فهل الزولفت كالبروزاك يرفع الطاقات ويحفز؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك –أخي الكريم– وأشكرك على ثقتك في شخصي الضعيف، واستشارات الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك ولنا جميعًا العفو والعافية والمعافاة التامة في الدين والدنيا والآخرة.

سؤالك جميل جدًّا –أخي الكريم– وقطعًا موضوع الدافعية هي عملية معرفية مركزية دماغية، بمعنى أن الدافعية مرتبطة بالنيّة، وتُحرِّكها النيّة، والنية كما عرَّفها العلماء هي (العزم والقصد)، فأنا أؤمن تمامًا أن التوجّه السلوكي النفسي الذي يقوم على مبدأ أن أعزم وأن أقصد وأن أصرّ على القيام بما يجب أن أقوم به، ولا أتراخى ولا أتكاسل، هو أفضل وسيلة لتحسين الدافعية.

أخي الكريم أبا عمر: كما تعلم أن الإنسان من الناحية السلوكية هو أفكار ومشاعر وأفعال، هذه المكونات الثلاثة هي المكونات السلوكية ولا شيء غيرها، والإنسان حين يكون سلبي الفكر وسلبي المشاعر يكون سلبي الأفعال؛ لذا نقول للناس: اجتهدوا في تغيير أفكاركم، واجعلوها من سلبية إلى إيجابية، وكذلك مشاعركم، وإن فشلتم يجب أن تحتّموا على أنفسكم الفعل والعمل والإنجاز.

والإنسان حين ينجزُ شيئًا حتى ولو كان بسيطًا هذا يعود عليه بمردود إيجابي يُحسّن الفكر ويُحسن المشاعر، وحين تتحسَّن المشاعر والفكر سوف يكون هنالك المزيد من الإنتاجية والإنجاز، وهكذا.

لذا: أعتقد –أخي– أن هذا هو المبدأ الأول والأساسي، فأريدك أن تكون رجلاً صاحب عزم وصاحب همّة، وعليك أن تُكثر من الدعاء (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، ومن غلبة الدين وقهر الرجال)؛ هذه الأدعية العظيمة وجدناها فعلاً مُريحة للنفس، فإذا أخذها الإنسان بيقينٍ تُعينه كثيرًا.

وعليك بالتطبيقات العملية التي تعين على علاج الكسل، وأنا ذكرتُها لك في الاستشارة السابقة، والتي رقمها (2411883)، أول هذه الإرشادات هي: ممارسة الرياضة؛ فالرياضة تُقوّي النفوس، وتؤدي إلى تغيرات عظيمة جدًّا على مستوى كيمياء الدماغ، وتُحسِّن الموصِّلات العصبية، وتُحسِّن من مستوى إفرازها وتواصلها، وكذلك مسارات الدم في داخل الدماغ، فإذًا: هنالك ثوابت علمية الآن تتحدث عن أهمية الرياضة.

حُسن إدارة الوقت أيضًا يحفِّزك، التواصل الاجتماعي مهم جدًّا، أسعد الناس هم الذين لديهم نسيج اجتماعي إيجابي، لا تتخلف عن أي واجب اجتماعي، بِرَّ الوالدين فيه خير كثير، القراءة، الاطلاع، التطوير المهني، الانخراط في عمل تطوعي أو خيري، وأن يكون لك ورد يومي ثابت من القرآن تتلوه ولو ما بين الأذان والإقامة في فرض من الفروض.

أخي الكريم: هذا هو جوهر الأمر من حيث الرد على استشارتك، نأتي بعد ذلك للدواء: هذه الأدوية متقاربة "الزولفت، البروزاك" كلها متقاربة، لكن بالفعل أتفق معك هنالك بعض المؤشرات العلمية التي تذكر أن البروزاك بما أنه دواء يُحسّن من اليقظة عند الإنسان ربما يُحسّن من دافعيته، فلا بأس أبدًا أن تستبدل الزولفت بالبروزاك، وكلاهما أدوية فعّالة، وعمومًا المفعول الكلّي التراكمي للدواء –إذا كان الزولفت أو البروزاك– هو الذي يُفيد؛ لأن هذه الأدوية تُحسّن المزاج، وحين يتحسّن المزاج تتحسّن الدافعية.

والآن يوجد دواء يُسمَّى (فورتكستين vortioxetine ) ويُسمَّى تجاريًا (برنتلكس Brintellix )، يُقال أيضًا أنه من الأدوية الممتازة لتحسين الدافعية، يمكنك تناول البروزاك بدل الزولفت، وإن أردت أن تستشير طبيبك حول البرنتلكس فلا مانع من ذلك.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً